لاجئات يرفضن معاينة الطبيب

21 يناير 2017
لاجئون في ألمانيا (Getty)
+ الخط -
يواجه المجتمع الألماني، بكافة مؤسساته، عوائق عدة في التعامل مع اللاجئين. وتعدّ الرعاية الطبية للاجئين في البلاد تحدياً كبيراً بسبب حاجزي اللغة والثقافة بين المريض والطبيب. لذلك، تعمل الحكومة الألمانية بالتعاون مع مؤسّسات المجتمع المدني، على التغلّب على هذه المعوقات، من خلال تدريب المعنيّين في هذه المجالات، حتى يتمكنوا من التفاهم مع اللاجئين ومساعدتهم بالشكل المناسب.

عدد من الأطباء الألمان كرّسوا جزءاً من وقتهم لزيارة مراكز اللجوء وتقديم الاستشارات الطبية للاجئين. يقول الطبيب فولفغانغ هاغر، الذي يذهب مرة في الأسبوع إلى أحد مراكز اللجوء القريبة من عيادته لمعاينة اللاجئين: "أرغب في مساعدة هؤلاء لأنني أشعر بمعاناتهم. لكن في معظم الوقت، تكون اللغة عائقاً بالنسبة لي كطبيب في ظل عدم توفر مترجم". يضيف أنه "في بعض الأحيان، أسعى جاهداً إلى فهم المريض من خلال الإشارات. لكن هذا الأمر لا ينجح دائماً".

هاغر يلفت إلى أن اللغة ليست الحاجز الوحيد بين الطبيب واللاجئ في ألمانيا. القسم الأكبر من اللاجئين يعترضون على جنس الطبيب، مشيراً إلى أن بعض النساء يرفضن بأن يعاينهن رجل، والعكس صحيح. وفي بعض الأحيان، يعترض آخرون على وجود مترجم في الغرفة. وفي حالات كهذه، لا يستطيع الطبيب تقديم المساعدة أو إقناع اللاجئ بأنّ هذا أمر غير مهم، مشيراً إلى أن هذه قناعاتهم التي من الصعب أن تتغير فجأة، حتى لو كان هذا على حساب صحتهم.
أحياناً، يعجز الأطباء عن شرح حالة المريض الصحيّة ووصف الدواء المناسب، إذ إن اللاجئين يعانون من مشاكل نفسية بسبب ما عايشوه، ما يسبّب لهم آلاماً عضوية. لكن يصعب على الأطباء شرح هذا الأمر للاجئين، أو إقناعهم بأنهم في حاجة إلى علاج نفسي لتخطّي ما عايشوه في بلدانهم. بالإضافة إلى ذلك، يضع اللاجئون قائمة من الممنوعات أمام الطبيب، مثل فحص وعلاج المناطق الحساسة في الجسم. وهذه مشكلة يواجهها الأطباء مع اللاجئات، لأنهن لا يعرفن أن هذه الفحوصات طبيعية ولا تستدعي الخجل. هنا، يقول أطباء إنّ بعضاً من ثقافتهم في حاجة إلى تغيير، ولا يمكن للاجئين الإصرار عليها في المجتمع الألماني من أجل مصلحتهم بالدرجة الأولى.



إلى ذلك، تقول أمل ع. وهي لاجئة سورية تقيم في أحد مراكز اللجوء في مدينة كولن الألمانية منذ سبعة أشهر: "لا أمانع أن يفصحني طبيب، إلّا أن زوجي لا يسمح بذلك، ولا يقبل إلا أن تعاينني طبيبة. بالنسبة إليه، هذه أمور لا تتناسب وثقافتنا، خصوصاً في قريتنا حيث كنا نقطن في سورية".

من هنا، تسعى الحكومة الألمانية ومؤسّسات المجتمع المدني إلى إيجاد حلول لتخطي هذه العقبات التي تواجه الأطباء خلال تأديتهم عملهم. ونظّمت دورات تدريبية عدة وندوات خاصة للمساعدة في هذا المجال. مؤسسة كارل ديسبرغ، المعنية في التقريب بين الثقافات، تسعى إلى تأهيل الأشخاص المعنيين بالتعامل مع اللاجئين وتزويدهم بكل ما يحتاجون إليه للقيام بعملهم، تفادياً لوقوع مشاكل مع أشخاص من ثقافات مختلفة. لذلك، يدرّبون على استيعاب ثقافة الغير من أجل رعاية اللاجئين بشكل أفضل، فيتعرّف هؤلاء على الاختلاف الثقافي وكيفية التعامل مع الأديان المختلفة ومفهوم العائلة واحترام القوانين، وكيفية التواصل بشكل صحيح خصوصاً في المواضيع التي تعد حساسة لدى اللاجئين.

تجدر الإشارة إلى أن اللاجئين ليسوا معتادين على زيارة الطبيب بشكل دوري. وعادة لا يقصدون الأطباء إلا في حال أصيبوا بالمرض، أو شعروا بآلام حادة. في المقابل، يزور الألمان الأطباء بشكل دوري، حتى أنهم يجرون الفحوصات اللازمة للاطمئنان على صحتهم باستمرار.

وبموجب قانون طالبي اللجوء، يحصل جميع اللاجئين على كافة الخدمات الصحية اللازمة. وفي بعض الأحيان، تقتصر هذه الخدمات على الأمراض الحادة، التي تتطلب تدخلاً سريعاً وعلاجاً فورياً، وتتكفل دائرة الرعاية الاجتماعية بالمصاريف، علماً أن هناك استثناءات للحوامل والأطفال. أما النساء اللواتي اقترب موعد ولادتهن، فيتمتعن بالخدمات نفسها على غرار الألمانيات. وتتولى جمعيات عدة مساعدة اللاجئين في مجال الرعاية الطبية، مثل كاريتاس والصليب الأحمر الألماني. هذه الجمعيات تتيح للاجئ الحصول على علاج في العيادات المتخصصة، وتأمين العلاج النفسي، على أن تتولى هي دفع المصاريف.

المساهمون