هكذا ورّط الزند القضاة مع البرلمان

12 يناير 2017
الزند هو المتسبّب في الفتنة والأزمة (تويتر)
+ الخط -




حصل "العربي الجديد" على معلومات موثّقة، كشفت أن وزير العدل المقال، أحمد الزند، رئيس نادي القضاة السابق، هو المتسبّب في الفتنة والأزمة الراهنة بين السلطتين القضائية والتشريعية في مصر، على خلفية طرْح البرلمان مشروع تعديلات قانون السلطة القضائية، والتي تتضمن تعديل المواد الخاصة بتعيين رئيس محكمة النقض، ورؤساء الهيئات القضائية، لتكون بالتعيين من قبل رئيس الجمهورية وليس بالاختيار كما هو قائم حالياً.

وترجع الأزمة إلى 9 سبتمبر/ أيلول 2011، عندما أعلن الزند حين أن كان رئيسًا لنادي القضاة، الدعوة إلى جمعية عمومية طارئة وغير عادية، في ذلك التاريخ، للتصويت على مشروع تعديل قانون السلطة القضائية، الذي أعدّته لجنة تعديل قانون السلطة القضائية التابعة لنادي القضاة في ذلك الوقت.

وهي اللجنة التي عُرفت باسم لجنة "الزند"، والتي شُكّلت بدافع "المكايدة السياسية" في ذلك الوقت، للرد وإعداد مشروع بتعديلات قانون السلطة القضائية، لمجابهة لجنة لتعديل قانون السلطة القضائية "الرسمية" التي شكلت من رئيس المجلس الأعلى للقضاء وقتها، المستشار حسام الغرياني، وترأسها، في ذلك الوقت، نائب رئيس محكمة النقض ووزير العدل الأسبق،  المستشار أحمد مكي، والتي عُرفت باسم لجنة "مكي".

وبالفعل في 9 سبتمبر/ أيلول 2011، كان الموعد الذي دعا له "الزند" لعقد جمعية عمومية لتصويت القضاة على مشروع القانون الذي انتهت منه اللجنة التي يرأسها، وعُقدت الجمعية العمومية وقتها في بهو دار القضاء العالي، بوسط القاهرة، وحضرت حشود كبيرة من القضاة والمستشارين وأعضاء النيابة العامة، واكتمل النصاب القانوني للجمعية العمومية.

وتم التصويت على مشروع تعديلات قانون السلطة القضائية المعدّ من لجنة "الزند"، بعد طرح التعديلات على الحضور وتوزيع صورة من القانون في شكله الجديد، وحصل مشروع القانون على موافقة بالإجماع، وأصبح هو مشروع القانون الممثل عن القضاة وقتها.


وبحسب المعلومات التي حصل عليها "العربي الجديد"، فإنه بعد نحو 3 أسابيع من هذا التاريخ، قام الزند بإجراء تغييرات جديدة على مسودة مشروع قانون السلطة القضائية، التي تمت الموافقة عليه في الجمعية العمومية، وتحديداً تغيير في المواد، أرقام (5، و13، و18، و24، و44، و45، و65، و67، و72، و73) من قانون السلطة القضائية، وذلك دون أخْذ موافقة الجمعية العمومية للقضاة، وفي غفلة القضاة.

وقد تضمنت أغلب هذه التغييرات أموراً تتعلق بتجاوز وكسْر بمبدأ الأقدمية، في تولي رئاسة الهيئات القضائية والعاملين بها، وهو المبدأ الذي أشعل الصراع الحالي بين السلطتين القضائية والتشريعية.

وتضمنت تعديلات الزند وقتها، أن يعيّن رئيس محكمة النقض من بين 3 نواب لرئيس المحكمة دون مراعاة لمبدأ الأقدمية المطلقة، وأن يختار رئيس المكتب الفني لمحكمة النقض من بين مستشاري المحكمة وذلك دون مراعاة لمبدأ الأقدمية، وأن تؤلف نيابة النقض من مدير يختار من بين مستشاري النقض أو الاستئناف أو المحامين العامين على الأقل، وذلك دون مراعاة لمبدأ الأقدمية.

كما نصت على أن تشغل وظائف مساعد أول ومساعدي وزير العدل بطريق الندْب من بين نواب رئيس محكمة النقض أو رؤساء الاستئناف أو النواب العامين المساعدين، وأن تشغل وظائف وكلاء وأعضاء الإدارات بوزارة العدل بطريق الندب من بين رجال القضاء أو النيابة العامة، وجميعها دون مراعاة لمبدأ الأقدمية المطلقة.

وقام الزند بإرسال مشروع قانون السلطة القضائية الجديد، متضمنًا تغييراته التي لم تكن ضمن مشروع القانون الذي تم الموافقة عليه بالجمعية العمومية، إلى السلطة التشريعية في ذلك الوقت ممثلةً في المجلس العسكري، ثم إعادة إرساله إلى مجلس الشعب وقتها في بداية 2012، عقب انتخاب المجلس ونقل السلطة التشريعية إليه.

إلا أنه وبعد تعمد إشعال الأزمات وقتها لاستهداف أول مجلس شعب عقب ثورة 25 يناير، تم وقْف مناقشة مشروع القانون في مجلس الشعب إلى أن تم حل المجلس بموجب حكم قضائي من المحكمة الدستورية العليا.

وما تم حاليا من قبل البرلمان الحالي، هو إخراج مشروع القانون المقدم من الزند سابقًا، من مضبطة الجلسات ومشاريع القانون المطروحة سابقًا، وعرْضه للطرح والمناقشة في البرلمان من جديد، باعتبار أن القضاة سبق وأن وافقوا عليه، دون علمهم بالتغييرات المدخلة عليه من قبل الزند دون الحصول على موافقة القضاة.

وفي سياق متصل أكد مصدر قضائي بارز، أن مجلس إدارة نادي القضاة برئاسة رئيس النادي، المستشار محمد عبد المحسن، علموا أخيرًا، بالأمر وما تسبب فيه الزند من الأزمة القائمة نتيجة تغييراته، وأن ذلك كان سببًا في وقْف اجتماعات مجلس إدارة نادي القضاة والمجلس الاستشاري لأندية قضاة الأقاليم، والتوقف لفترة عن إبداء الاعتراضات على القانون المطروح من قبل البرلمان حالياً، وذلك لقيامهم بدراسة وبحث مشروع القانون المقدم لمجلس الشعب، والتغييرات التي طرحها الزند دون موافقة القضاة عليها، ودراسة الموقف القانوني لها، وآلية التحرك وكيفية الرد بناءً على هذه المستجدات.