رأس السنة الأمازيغية في المغرب: تكلا وكسكس وأهازيج

12 يناير 2017
فرحة وابتهاج باستقبال السنة الأمازيغية (العربي الجديد)
+ الخط -



"تكلا" أو العصيدة، ووجبة الكسكس بسبع خضراوات، والامتناع عن أكل اللحوم، والتخلص من الأواني القديمة، وإقامة الأهازيج والرقصات الشعبية من فنون أحواش وغيرها.. جميعها طقوس وعادات يحييها العديد من المغاربة بمناسبة رأس السنة الأمازيغية الجديدة التي تحل، يوم غد الجمعة، 13 يناير/ كانون الثاني الجاري، والتي تسمى "ئض ئنّاير".

ويحتفي الأمازيغ المغاربة برأس السنة الأمازيغية بطقوس وعادات تعود إلى عمق التاريخ بالبلاد، وتتوزع طرق الاحتفال بين عقد لقاءات عائلية، مثل رأس السنة الميلادية أو الهجرية، وبين تحضير أطباق أمازيغية خاصة، أو التعبير عن مطالب تهم أساساً ترسيم الأمازيغية في مناحي الحياة العامة، وجعل "ئض ناير" يوم عطلة سنوية.

وفي ليلة رأس السنة الأمازيغية، يمتنع المحتفلون سواء في جنوب البلاد أو في المناطق الأطلسية، أو عند أمازيغ الريف أيضاً، عن تناول المأكولات المشتملة على اللحوم، ويتم التركيز أساساً على تحضير ما يسميه الأمازيغ "تكلا"، أو العصيدة، أو الاكتفاء بـ"تيغواوين".

وقال الباحث الأمازيغي، لحسن أمقران، في حديث لـ "العربي الجديد"، إنه في اليوم الأول من السنة الجديدة، يتم تحضير مأكولات أخرى تختلف باختلاف المناطق، ولكنها تتشابه في دلالاتها المتمثلة في تحضير ما من شأنه التعبير عن الابتهاج بالسنة الجديدة ومشاركة الطبيعة في ولادتها الجديدة؛ مثل تحضير الكسكس بالخضراوات السبع وغيره.

وأردف أمقران، إنه "خلال اليوم الأول من السنة الجديدة، يتم الاحتفال بطقوس جديدة أخرى، وهي البحث في الطبيعة عن أعشاب صحية"، مورداً أنه يتم بواسطة تلك الأعشاب، تحضير وصفات صيدلية يحتفظ بها خلال السنة ويتم اللجوء إليها في بعض الحالات المرضية".



وعدا الطقوس المرتبطة بالأكل والتطبيب، أوضح الباحث ذاته، أن هناك طقوساً اعتقادية، وأخرى تطهيرية، وبيئية وغيرها من العادات التي تواكب احتفال الأمازيغ المغاربة برأس سنتهم الجديدة، ومن ذلك أن ما هو قديم من الأدوات التي تستعمل في المنزل يتم التخلص منها وتبديلها بأدوات جديدة.

وتابع المتحدث، إن الطقوس الاعتقادية تتجلى في الاعتقاد بأننا سننتقل من سنة إلى سنة جديدة، وفي الاعتقاد، أن الليلة الفاصلة بين السنتين تعتبر أطول ليلة؛ ويتم الاعتقاد أيضاً أن الكرة الأرضية يحملها ثور فوق أحد قرنيه، وبنهاية السنة القديمة وحلول السنة الجديدة يمررها الثور إلى القرن الآخر".

الحفاظ على عادات تقليدية (العربي الجديد)


وسجل المصدر أن الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية غالباً ما ترافقها عادات وتقاليد وطقوس، كلها مرتبطة بالبيئة والمجتمع، فالاحتفال مثلاً بـ"إمعشار" يعد مناسبة للتنفيس والترويح عن النفس، كما يعد فرصة لنقد ما هو سلبي في سلوكات المجتمع عامة، وفي أدوار شخوص المجتمع خاصة".

واستطرد أمقران، إن الاحتفال بالسنة الأمازيغية، هو احتفال بالسنة الفلاحية الجديدة، فقد كانت ولا تزال مرتبطة بالواقع الفلاحي، لافتاً إلى أنه "حينما طالبت الحركة الأمازيغية باعتبارها يوم عطلة وعيداً وطنياً، فذلك لأن الاحتفال بها سيكون بمثابة تفعيل فعلي للمطالب الثقافية للحركة الأمازيغية اللغوية والحضارية التي نص عليها الدستور".

من جهته أورد الناشط الأمازيغي، إبراهيم بوردة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في المغرب يتجاوز الطقس الاحتفالي والفرجوي الذي لا يتعدى تنظيم حفلات أحواش وما إلى ذلك، إلى التركيز على ما تم تحقيقه بشأن مطالب الحركة الأمازيغية في البلاد.

وتابع بوردة، إن رأس السنة الأمازيغية في المغرب احتفال وفرجة لا تنسي هذا المكون الرئيسي من المجتمع المغربي مطلبه الحيوي بتفعيل ترسيم اللغة الأمازيغية في التعليم والإدارات وغيرها من مظاهر الحياة العامة، كما يكون الاحتفال مناسبة للمطالبة برفع التهميش الاجتماعي والتنموي عن عدة مناطق أمازيغية في الجنوب والريف خاصة.

وعاد أمقران ليقول، إن دلالات الاحتفاء بالسنة الأمازيغية كثيرة وعميقة من الناحية الرمزية والاجتماعية، أهمها التعود على تدبير الندرة أو القلة، والوعي بضرورة خلق الانسجام مع البيئة، والاعتزاز بالخصوصيات الثقافية والهوياتية، وتمرير الذاكرة التاريخية لأجيال المستقبل، والالتحاق بنادي الشعوب التي تضيف لأعيادها الدينية والوطنية احتفالاً بيئياً، نظراً لما تشكله قضايا البيئة في عصرنا الحالي من أهمية حاضراً ومستقبلاً.