" مونيتور": 2016 عام التنكيل بشباب مصر وحصْد أرواحهم

01 يناير 2017
سياسة القمع والاعتقال (الأناضول/Getty)
+ الخط -

"تستمر الآلة القمعية بمصر في تدوير سياسات القمع والاعتقال وغيرها من المُمارسات غير القانونية، بغية نشْر الذعر وتكميم الأفواه والقضاء على أي صوت معارض من شأنه تحريك المياه الراكدة في الحياة السياسية، فتستمر عمليات القتل والتصفية والاعتقال التعسفي والمداهمات المنزلية والإخفاء القسري والتعذيب تلاحق كافة فئات المجتمع"، هكذا بدأت منظمة "هيومان رايتس مونيتور" تقريرها عن مصر في حصاد عام 2016.

وأردفت المنظمة، في تقريرها الصادر اليوم بعنوان "عام التنكيل بالشباب وحصْد أرواحهم"، أن "الجهاز الأمني قام بالسيطرة الكاملة على كافة مفاصل وأجهزة الدولة لتمرير السياسات المخالفة للقانون وذلك للتغاضي عن كافة الجرائم غير المشروعة التي تتعمد السلطات ارتكابها يومياً بحق المواطنين، ومع غياب الدور الفعلي للأجهزة الرقابية يزداد وضع حقوق الإنسان سوءًا نتيجة تواطؤ النيابة العامة التي من المفترض تعمل كجهاز محايد في تقصي الحقائق وإعمال القانون".

وتابع التقرير "قد سلكت السلطات المصرية مسارات جديدة في القمع تفوق في بشاعتها سابقتها؛ فبشكل منهجي صعد النظام من عمليات القمع كمّا ونوعا دون تفرقة بين قاصر وبالغ، رجل وامرأة، من كافة الاتجاهات وشرائح المجتمع المصري، وارتفعت وتيرة التصفية الجسدية أثناء الاعتقال لتفبرك السلطات بعد أي عملية تصفية رواية مفادها أن الضحايا قتلوا في اشتباك مسلح، هذا إضافة إلى أن قوات الأمن لا تزال تستخدم القوة المميتة في مواجهة تظاهرات معارضة، مما أسفر عن إصابة ومقتل العشرات، بجانب ارتفاع أعداد القتلى جراء التعذيب والإهمال الطبي داخل السجون ومقار الاحتجاز المصرية والتي تصدرت سباق القتل مقارنة بالفترات السابقة".

وأكد التقرير أنه لم تشهد فترة التقرير أي تقدم أو محاولة من قبل السلطات المصرية لتغيير سياساتها القمعية أو مراجعة ممارساتها، بل استمرت على النهج الدموي ذاته دون تغيير، في ظل صمت دولي كامل، وتعزيز سياسة الإفلات من العقاب. ولم تتوقف عمليات الاعتقال الجماعي التعسفية والمصحوبة غالبا بتعريض المحتجزين للتعذيب الممنهج والاختفاء القسري، واستمر القضاء المصري على وتيرته المتصاعدة في إصدار أحكام قضائية قاسية تصل إلى الإعدام والسجن المؤبد على مئات المصريين، وذلك بعد أن اعتادت قوات الأمن في معظم سنوات حكم مبارك، على الاستفادة من قانون الطوارئ واعتقال من تشاء من المشتبه بهم لمدد مفتوحة فعلياً. وفقدت أجهزة الأمن هذا الامتياز بعد انقضاء حالة الطوارئ في 2012، لتعود قرارات القبض والاحتجاز للسيطرة الإسمية للجهاز القضائي.

 

وأضاف التقرير "ولا تزال الحكومة المصرية تتصدى لكافة محاولات رصد انتهاكات حقوق الإنسان وتمارس تغيبيًا متعمّدًا للوعي المجتمعي في ظل ندرة المعلومات، بالإضافة إلى حرص السلطات المصرية على إظهار صورة مكذوبة ومشوهة لحقيقة ما يجري في مصر، بجانب استخدام آلة إعلامية عامة وخاصة ضخمة بمئات الآلاف ليصبح أي نشاط حقوقي أو إعلامي خارجا عن عباءة الدولة ومؤسستها ومحايدا تجاه السلطة، جريمة في نظر القانون المصري بحسب قانون الإرهاب المصري الجديد. وبالرغم من ذلك فلا سبيل سوى العمل على ذلك الملف من أجل دعم القضايا الإنسانية والحقوقية وتقليلها أو الحد منها".

وعن أبرز انتهاكات حقوق الإنسان خلال العام المنصرم، رصد التقرير حالات القتل إجمالًا التي بلغت 1539 حالة قتل تنوعت ما بين تصفية جسدية وحملات أمنية ومداهمات وقذائف مدفعية، كان لسيناء النصيب الأكبر منها، إذ قتل فيها 1300 مواطن، منهم 7 نساء و34 من الأطفال، جميعهم في سيناء. كما رصدت المنظمة أيضا 104 حالات قتل بالإهمال الطبي و32 نتيجة للتعذيب الشديد.

وإضافة لحالات القتل خارج إطار القانون، قامت السلطات المصرية بتنفيذ حكم الإعدام ضد المعتقل السياسي عادل حبارة، بعد رفض المحكمة للطعن الذي تقدم به.

وشمل التعذيب حالات فردية وجماعية، وبلغت الحالات التي استطاعت المنظمة توثيقها داخل مقار الاحتجاز أكثر من 173 حالة تعذيب جماعي وفردي، ووثّقت منها 60 حالة فردية والبقية حالات تعذيب جماعي، أدى التعذيب الشديد فيها إلى قتل 32 معتقلا سياسيا وجنائيا.

أما حالات الاعتقال، فإجمالي عدد المُعتقلين داخل السجون قارب 80 ألف مُعتقل، بحسب مصدر حكومي، كما تم توثيق ما يقرب من 4388 حالة اعتقال لهذا العام.

وفي استمرار ممنهج لسياسة الاختفاء القسري، فقد بلغ عدد المختفين قسريا، بحسب التوثيق، ما يقرب من 1117 حالة اختفاء قسري، فيما بلغت حالات الإهمال الطبي على مستوى السجون عموما ما يقرب من 120 حالة في حاجة للعلاج، بينما توفي 104 في السجون ومقار الاحتجاز هذا العام نتيجة للإهمال الطبي.

وفي ما يخص التعبير عن الاحتجاج داخل السجون، فقد تواصلت حالات الإضراب، فوثّقت المُنظمة ما يقرب من 45 حالة إضراب.

وأكد التقرير أن مصر تحتل المرتبة الأولى في إصدار الأحكام الجزافية التي تقضي بالإعدام بحق مُناهضي السلطات الحالية بعد أن بات القضاء سلاحا ووسيلة انتقامٍ وتصفيةٍ لخصومه السياسيين دون اعتبار لأدنى معايير نزاهة الأحكام القضائية أو عدالتها، فتعمّد القضاء بشقّيه المدني والعسكري النزول إلى معترك السياسة وتجاهل قواعد العدالة القانونية والقضائية والجنائية في مقابل الامتيازات التي تقدمها السلطات الحالية التي غضت الطرف عن جميع الخروقات القانونية وسير القضايا والأحكام، ولم تلتفت للمعايير الدولية ولا الحقوق الإنسانية في ظاهرة تهدر كل القيم الإنسانية والحقوقية التي لم تحدث في تاريخ المحاكم المصرية من قبل.

وأبرزت المنظمة أن ذلك الأمر يشكل "إهداراً لحق الحياة لهؤلاء المحكوم عليهم من قبل السلطات المصرية بمباركة من المحاكم التي أعطت الأمر شكلًا قانونيا ومررت تلك المحاكمات التي تفتقد لأدنى معايير العدالة الدولية، بل وخالفت القانون والدستور المصري في هذه المعايير أيضا".

وحذرت الأمم المتحدة في وقت سابق، السلطات المصرية من أن فرض أحكام الإعدام الجماعية يلقي بظلال الشك على استقلالية وحيادية المنظومة القضائية للبلاد، وفي مجال حقوق الإنسان ووفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، لا يجوز فرض عقوبة الإعدام وتنفيذها إلا بعد محاكمة تمتثل للإجراءات القانونية الواجبة الأشد صرامة ولضمانات المحاكمة العادلة، بما في ذلك في القضايا المتعلقة بالإرهاب.