عائلات هاربة من الموت في شمال العراق

30 سبتمبر 2016
يعاني النازحون من ارتفاع درجات الحرارة (يونيسف)
+ الخط -
تسعى "يونيسف" وجهات حكومية ومنظّمات إنسانية، لتوفير المأوى والمياه الصالحة للشرب والمواد الغذائية وغيرها من الخدمات الأساسية للعائلات العراقية التي نزحت من مناطق شديدة الفقر في البلاد إلى مخيّمات قد يجدون فيها أوضاعاً أفضل، ومنها مخيّم "ديبكة" للنازحين.

تقول المتحدّثة باسم "يونيسف" لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فرح دخل الله، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ عائلات كثيرة اضطرت إلى الفرار إلى هذا المكان القاحل (ديبكة) خوفاً على حياتها، لافتةً إلى أنّها أثناء زيارتها للمخيّم، قابلت غنيّة (36 عاماً)، وهي امرأة تبدو أكبر بعشر سنوات من عمرها، تنام في العراء مع زوجها وأطفالها الأربعة على فراش رقيق، بالقرب من موقع بناء، ولا يحميهم من البرد سوى غطاء من القماش.

تضيف دخل الله أنّ العائلة لجأت إلى إقليم كردستان العراق، خوفاً على حياتها، وأنّ عدد سكّان المخيّم ازداد من خمسة آلاف إلى 38 ألف شخص في أقل من ستّة أشهر. تتحدّث دخل الله عن غنيّة، التي أخبرتها حين قابلتها، أنّهم كانوا يمتلكون أراضٍ زراعية في منطقة صلاح الدين، بيد أنّ الجماعات المسلّحة أرغمتهم على الرّحيل والفرار إلى الحويجة منذ عامين، لكنّهم غادروها بسبب الجوع والقصف حتى انتهى بهم المطاف في "ديبكة". كذلك تلفت دخل الله إلى أنّ غنيّة توقّفت عن إرسال أولادها إلى المدرسة خوفاً عليهم من أن يصابوا بمكروه، خصوصاً بعد أن تعرّضت بعض المدارس في المنطقة للهجوم.

تبعد الحويجة مسافة 210 كيلومترات إلى الشمال من بغداد، وهي واحدة من بلدات عدّة حاولت القوات الحكومية العراقية استرجاعها مراراً من الجماعات المسلحة خلال تقدمها إلى الشمال باتجاه الموصل، ثاني أكبر مدن العراق. ونزح أكثر من 213 ألف نسمة على طول هذا الطريق منذ شهر مايو/ أيار الماضي.

وتشير دخل الله إلى أنّه تم إيواء العائلات التي وصلت أولاً إلى المخيم في بيوت جاهزة، وتجري حالياً استعدادات لإسكان القادمين الجدد. وتزوّد "يونيسف" وشركاؤها الوافدين الجدد بالمواد الغذائية ومستلزمات النظافة ومياه الشرب وغيرها من الضروريات اللازمة لتخفيف آثار هذه المحنة. كما أمّنت المراحيض لهم.

ويعاني النازحون من ارتفاع درجات الحرارة التي تصل إلى خمسين درجة مئوية (120 فهرنهايت)، لذلك يتجمهرون حول موظفي الإغاثة الذين يوزّعون قوالب الثلج من أجل الحصول عليها، بحسب ما تشرح دخل الله.

أمّا عمر (15 عاماً)، فلا تختلف ظروفه عن ظروف عائلة غنيّة، إذ عاش عامين كاملين في ظلّ الحكم القاسي للجماعات المسلّحة في قريته، الحاج علي، تخبر دخل الله، قبل أن تتابع: "حين تقدّم الجيش العراقي لاستعادة مدينة القيارة القريبة في أغسطس/ آب الماضي، اتّهمت عائلته بالتواطؤ مع الحكومة وطردوا من أرض أجدادهم". قابلت دخل الله عمر، الذي أخبرها أنّه مشى وعائلته قرابة الكيلومتر إلى ضفاف نهر دجلة، حيث انتظروا حتى انتهاء المعركة، وأنّهم يعجزون عن العودة إلى ديارهم لأنّ القرية لا تزال في مرمى النيران.
وحين سألته عن طلاقته باللغة الانكليزية، أخبرها عن مدرّس اسمه يونس كان يدرّسهم اللغة في قريتهم.

تلفت دخل الله إلى أنّه من المقرّر استكمال بناء مدرسة تدعمها "يونيسف"، في تشرين الأول/ أكتوبر مع بداية السنة الدراسية الجديدة، وتستوعب 850 طفلاً موزعين على ثلاث ورديات يومياً، لكنّها تعجز عن تعليم ما يقارب 8 آلاف و600 طفل يعيشون في المخيّم حالياً وهم في سن الدراسة. ومن المتوقّع أن تسفر معركة الموصل خلال الأسابيع القادمة عن نزوح ما يزيد عن مليون شخص، يشكّل الأطفال قرابة نصفهم. وناشدت الأمم المتحدة المجتمع الدولي تقديم 284 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية للأسر المتضرّرة من العنف.

المساهمون