جنوب السودان قيد التحقيق

05 اغسطس 2016
المجاعة تهدّد مواطني جنوب السودان (شارلز لومودونغ/ فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت بعثة الأمم المتّحدة في جنوب السودان، (يونميس)، في تقرير، عن وقوع 126 حالة اغتصاب لنساء في محيط مقرّ البعثة الأمميّة، الذي لجأ إليه آلاف الجنوبيّين طلباً للحماية، بعدما فرّوا من مناطقهم بسبب العمليات العسكرية التي اندلعت منذ ديسمبر/ كانون الثاني في العام 2013. بدوره، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين إن المسؤولين وثقوا تعرض 217 شخصاً للعنف الجنسي في عاصمة جنوب السودان جوبا خلال معارك الشهر الماضي، ارتكبت معظمها قوات الأمن الحكومية.

ويقول وزير الإعلام الجنوبي، مايكل مكواي، إن التقرير أشار إلى أن المغتصبين كانوا يرتدون الزيّ النظامي، في محاولة لاتهام الجيش الحكومي، إلا أنه ينفي ارتكاب قواته هذه الجرائم، مؤكداً "عدم تواجد الجيش الحكومي أو أية قوات حكومية في محيط البعثة الأممية". ويضيف لـ "العربي الجديد" أن "الفاعلين كانوا يرتدون زياً موحّداً، مما يشير إلى احتمال أن يكونوا من قوات اليونميس أو المعارضة المسلحة التابعة لرياك مشار، والتي احتمت أخيراً في المعسكر التابع للأمم المتحدة".

ويتابع مكواي أن "هؤلاء عادة ما يخرجون ليلاً بزيّهم العسكري، في وقت تكون بوابات الأمم المتحدة فيه مفتوحة". ويُحمّل اليونميس والمتمردين مسؤولية هذه الجرائم، لافتاً إلى أنه "لا علاقة للجيش الحكومي بتلك المنطقة، وهذه محاولة لتبرير تدخّل المجتمع الدولي في الجنوب".

وكانت تقارير إعلامية قد نقلت عن شهود عيان تأكيدهم اغتصاب جنود حكوميين عشرات من نساء وفتيات قبيلة النوير، والتي ينتمي إليها زعيم المعارضة المسلّحة، رياك مشار، في محيط معسكر الأمم المتحدة. وأشارت إلى مقتل امرأتين، مؤكّدةً وقوع هذه الجرائم على مرأى من جنود قوات حفظ السلام.

في هذا الإطار، تقول مصادر في البعثة الأمميّة في العاصمة جوبا إنها شكّلت فريقاً للتحقيق في هذه الجرائم، التي وقعت على مرأى من قواتها، مؤكدة بدء التحقيقات مع الطاقم المتواجد في محيط المعسكر الأممي.

لا شكّ في أن ما حدث تتمّة للمأساة الإنسانية في دولة جنوب السودان، وانتهاكات حقوق الإنسان، عقب اندلاع الحرب الأهلية، التي أدّت إلى تشريد مليونين وثلاثمائة ألف شخص، فضلاً عن مقتل عشرات الآلاف، حتى باتت الدولة الوليدة مهدّدة بالمجاعة. وحذّرت الأمم المتّحدة من كارثة إنسانية في الجنوب بسبب استمرار النزوح عقب الأحداث الأخيرة، التي شهدتها جوبا، وما تبعها من تطوّرات أدت إلى انهيار اتفاقيّة السلام التي وقعها الفرقاء الجنوبيّون في أغسطس/ آب الماضي، ثمّ فرار رئيس الفصيل الرئيسي الموقّع على الاتفاقيّة مشار، بعد اتّهام الحكومة بمحاولة اغتياله.



كذلك، فرّ نحو 60 ألف جنوبي جراء الأحداث التي شهدتها العاصمة جوبا، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بحسب المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وأضافت أنّ آلاف المواطنين الجنوبيّين يواجهون خطر المجاعة في ظلّ النقص الحاد في المواد الغذائية. وأشارت المتحدّثة باسم المفوضيّة، مليسيا فلمينغ، إلى الإبلاغ عن ممارسات مثيرة للقلق، منها قطع الجماعات المسلّحة الجنوبية الطرقات المؤدية إلى أوغندا، وبالتالي منع المواطنين من الفرار إليها. وتطرقت إلى قيام جماعات بنهب القرى وقتل المدنيين، فضلاً عن تجنيد الأطفال والشباب. بدورها، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن ارتفاع معدلات الإصابة بالكوليرا وسط الجنوبيّين، بعد تسجيل 586 إصابة و12 حالة وفاة.

يقول الناشط المدافع عن حقوق الإنسان، والأمين العام للهيئة القومية لدعم السلام في الجنوب، ستيفن لوال، لـ "العربي الجديد"، إن "الانتهاكات التي ترتكب في الجنوب غير مسبوقة من قبل الحكومة والمعارضة المسلحة"، واصفاً ما يحدث بـ "الجرائم ضدّ الإنسانية، والتي تنتهك حقوق الإنسان، منها العنف القائم على أساس العرق، وقتل الأطفال وكبار السن والراهبات في الكنائس، فضلاً عن حالات الاغتصاب وإجبار النساء على أكل أطفالهن". ويتّهم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتقصير في حماية المدنيّين ضدّ الانتهاكات، على الرغم من إرسال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فريق تحقيق مؤلفاً من سبعة أشخاص إلى جوبا، لافتاً إلى أنه "حتى اللحظة، لم نر ما يحدّ من تلك الانتهاكات". ويشدّد على ضرورة إحالة مرتكبي الجرائم إلى المحاكمة.

وقد هدّدت الولايات المتحدة أخيراً بمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب في الجنوب. وأعلنت الخارجية الأميركية أن في حوزتها معلومات عن وقوع مذابح بحق المدنيّين، فضلاً عن ارتفاع أعداد الجنود الحكوميين المتهمين بارتكاب جرائم اغتصاب جماعية بحق فتيات ونساء لجأن إلى مقرات الأمم المتحدة.

وتضمّ معسكرات الأمم المتحدة في دولة الجنوب ما يزيد عن عشرين ألف جنوبي، لجأوا إليها منذ اندلاع الحرب الأهلية قبل ثلاثة أعوام. وكانت تقارير دولية قد تحدثت أخيراً عن حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان، تمثّلت في وقوع 1300 حالة اغتصاب ارتكبها جنود حكوميّون، فضلاً عن مقتل ثلاثمائة معتقل نتيجة الاختناق، وإجبار الجيش الجنوبي مواطنين على أكل جثة، علماً بأن الحكومة نفت الأمر.