رغم استياء البعض بسبب تراكم القمامة والمخلّفات، إلا أنّ هذه الأكوام تحوّلت إلى مجال للتنافس في محافظة الإسكندرية (شمال مصر). ويمكن القول إن لعبة القط والفأر تنطبق على عمليات الكر والفر التي لم تتوقف بين السلطات المحلية وجامعي القمامة، بسبب اتّهامهم بإضاعة مليارات الجنيهات على الدولة سنوياً، وتشويه المظهر الحضاري للشوارع والميادين.
هؤلاء يواجهون ظروفاً قاسية نتيجة طبيعة عملهم في جمع القمامة، والتي تعد مصدر رزقهم الوحيد. غالباً ما تشنّ شرطة المرافق حملات مكثفة للقبض على جامعي القمامة أو "النبّاشين" في عدد من شوارع المدينة. ويسارع هؤلاء إلى الفرار حتى لا تصادر أدواتهم وسياراتهم وعرباتهم، وتحرّر محاضر بحقهم، ما قد يؤدي إلى سجنهم أو دفعهم غرامة مالية.
وما زالت المطاردات مستمرّة ضدّ "النبّاشين" في معظم أحياء المدينة الساحلية، فأعلنوا تمرّدهم، رافضين إجبارهم على التخلّي عن جمع المخلّفات. وقدموا شكاوى إلى مسؤولين، أكدوا فيها أنهم يعملون في جمع ونقل النفايات منذ كانوا صغاراً، وقد ورثوا هذا العمل عن آبائهم وأجدادهم. أضافوا أنه من خلال هذا العمل، يؤمنون احتياجات عائلاتهم، وقد طالبوا بإيجاد حل لهذه المشكلة.
وبحسب دراسة اقتصادية حديثة صادرة عن مركز العلوم الاجتماعية في جامعة الإسكندرية، فإن "النبّاشين" العشوائيّين يضيّعون على مصر نحو 55 مليار جنيه سنوياً، كان من الممكن أن تنفق على مشاريع تساهم في توفير فرص عمل لملايين الشباب سنوياً. ويقول الباحث المسؤول عن الدراسة، علاء حسب الله، إن "الصين حددت قيمة القمامة المصرية بخمسة مليارات دولار، والتي كان يمكن أن تستفيد خزينة الدولة منها، ما يساهم في حلّ مشاكل السكن والعشوائيات. إلا أن النباشين يأخذون أفضل ما فيها من مخلفات ورقية وزجاجية وخشبية وغيرها، ويتركون المخلّفات عديمة القيمة التي يصعب استخدامها في عمليات إعادة التدوير".
يؤكد أن القمامة المصرية "تعدّ الأغنى في العالم بشهادة جهات دولية، علماً أن كميتها السنوية ارتفعت من 70 مليوناً إلى 90 مليون طن، وبالتالي يمكن الاستفادة منها في عمليات إعادة التدوير أو التصدير إلى الخارج".
وكشفت الدراسة أن 30 في المائة من قمامة مصر عبارة عن بقايا غذاء، يمكن أن تساهم في إنتاج 14 مليون طن من الأسمدة العضوية، وتكفي لزراعة مليوني فدان جديد، بالإضافة إلى إنتاج ثلاثة ملايين طن من الورق. أضافت أن ما يفعله "النبّاشون" جعل الشركات الأجنبية تتراجع عن استثماراتها.
من جهته، يقول أحد الذين يجمعون القمامة خميس عبد الحليم، أنه وزملاءه يقدمون خدمة للمواطنين يومياً من دون تقصير أو تكاسل، لناحية جمع ونقل القمامة من دون مقابل، بهدف تأمين لقمة عيش حلال. يؤكد أن جامعي القمامة يعملون من دون رعاية من أحد، لافتاً إلى "أننا لا نكلّف الدولة أي أعباء". يضيف أنه بعد فشل الشركات الأجنبية في تنظيف الإسكندرية، لم تحاسب من قبل المسؤولين في المحافظة، بل اتّهمنا بالتسبب في انتشارها، وباتت تلاحقنا الشرطة.
اقــرأ أيضاً
يشير عبد الحليم إلى أن عائلات بكاملها تتوارث هذه المهنة التي تستقبل أي فرد لا يجد فرصة عمل. "هذه تجارة من دون رأس مال، وتتطلب مهارة فقط في عملية الفرز وتجميع أكبر كمية من المخلّفات بحسب نوعيتها، وإعادة بيعها مجدداً للتجار".
من جهته، يوضح حمدي طه أحمد، الذي يجمع وينقل النفايات، أن جميع أولاده تركوا المدارس وبدأوا العمل في جمع القمامة، لافتاً إلى أن معظمهم تزوجوا ويعيلون عائلاتهم. يضيف أنه رفض العمل وغيره مع المحافظ أو في شركات النظافة "لأنهم لا يهتمون إلا بمصالحهم". يلفت إلى "أننا نطالب فقط بتقنين أوضاعنا"، مشيراً إلى أن قرارات مطاردة وملاحقة "النباشين" تصدر لصالح فئة مستفيدة فقط، تتولّى الاستيلاء على ثروات البلد ودفنها في الأرض من دون الاستفادة منها، بعدما عجزت الدولة حتى الآن عن إنشاء مصانع لإعادة تدوير النفايات.
يوضح فودة إبراهيم بدوره، "أننا نخشى تشرد الأسر العاملة في هذا المجال، علماً أن نحو 10 آلاف شخص يعملون في جمع القمامة لإعالة عائلاتهم". يضيف أن فئات كثيرة تستفيد من العاملين في جمع القمامة، لافتاً إلى "أننا ننقل القمامة إلى حاويات خاصة، ونفرزها جيداً لإعادة تصنيفها، لتستفيد منها شركات الورق والزجاج والنحاس وغيرها".
ويقول رئيس المجلس المحلي السابق، طارق القيعي، إن عدم طرح الحكومة أي حلول بديلة، وارتفاع نسبة البطالة، أديا إلى لجوء عدد من البسطاء إلى تقليد "النباشين"، بعد إدراكهم أن هذا العمل يحقق أرباحاً جيدة، من دون أن يدركوا خطورتها على صحّتهم وصحّة أبنائهم. ويطالب بضرورة دمج هؤلاء العاملين في منظومة القمامة الجديدة التي من شأنها القضاء على ظاهرة "النباشين" بشكل نهائي، وتحقيق الربح المادي للمحافظة، من خلال فرز القمامة في المنازل، وبيع المواد الصلبة، وبالتالي عودة المظهر الحضاري للشارع.
من جهته، يرى محافظ الإسكندرية، محمد عبد الظاهر، أن تفاقم ظاهرة "النباشين" في عدد من المناطق والشوارع، يؤدي إلى "نهب" كميات كبيرة من المخلّفات الصلبة القابلة للبيع وإعادة التدوير، ولا يبقى للشركات الرسمية إلا مخلفات عضوية لا يمكن الاستفادة منها، ما يؤدي إلى خسارتها. ويوضح لـ "العربي الجديد" أن "النباشين" يعدّون مصدر إزعاج للمدينة، خصوصاً أنهم يجوبون الشوارع بملابس رثّة، ويعبثون بصناديق القمامة لتأمين احتياجاتهم من زجاج ومواد بلاستيكية وغيرها من الأشياء ذات القيمة الاقتصادية بطريقة عشوائية، بهدف بيعها لبعض التجار أو المصانع المخالفة وغير المرخصة. هذا الأمر يتسبب بتلوث البيئة المحيطة وتشويه المدينة. أما أولئك الذين يجمعون مخلفات المستشفيات، فمهددون بالإصابة بالأمراض. كذلك، يلفت إلى أن بعض الأحياء في الإسكندرية تشن حملات مكثفة للقبض على "النباشين" الذين يرفضون ترك هذه المهنة بسبب العائد المادي الكبير.
اقــرأ أيضاً
هؤلاء يواجهون ظروفاً قاسية نتيجة طبيعة عملهم في جمع القمامة، والتي تعد مصدر رزقهم الوحيد. غالباً ما تشنّ شرطة المرافق حملات مكثفة للقبض على جامعي القمامة أو "النبّاشين" في عدد من شوارع المدينة. ويسارع هؤلاء إلى الفرار حتى لا تصادر أدواتهم وسياراتهم وعرباتهم، وتحرّر محاضر بحقهم، ما قد يؤدي إلى سجنهم أو دفعهم غرامة مالية.
وما زالت المطاردات مستمرّة ضدّ "النبّاشين" في معظم أحياء المدينة الساحلية، فأعلنوا تمرّدهم، رافضين إجبارهم على التخلّي عن جمع المخلّفات. وقدموا شكاوى إلى مسؤولين، أكدوا فيها أنهم يعملون في جمع ونقل النفايات منذ كانوا صغاراً، وقد ورثوا هذا العمل عن آبائهم وأجدادهم. أضافوا أنه من خلال هذا العمل، يؤمنون احتياجات عائلاتهم، وقد طالبوا بإيجاد حل لهذه المشكلة.
وبحسب دراسة اقتصادية حديثة صادرة عن مركز العلوم الاجتماعية في جامعة الإسكندرية، فإن "النبّاشين" العشوائيّين يضيّعون على مصر نحو 55 مليار جنيه سنوياً، كان من الممكن أن تنفق على مشاريع تساهم في توفير فرص عمل لملايين الشباب سنوياً. ويقول الباحث المسؤول عن الدراسة، علاء حسب الله، إن "الصين حددت قيمة القمامة المصرية بخمسة مليارات دولار، والتي كان يمكن أن تستفيد خزينة الدولة منها، ما يساهم في حلّ مشاكل السكن والعشوائيات. إلا أن النباشين يأخذون أفضل ما فيها من مخلفات ورقية وزجاجية وخشبية وغيرها، ويتركون المخلّفات عديمة القيمة التي يصعب استخدامها في عمليات إعادة التدوير".
يؤكد أن القمامة المصرية "تعدّ الأغنى في العالم بشهادة جهات دولية، علماً أن كميتها السنوية ارتفعت من 70 مليوناً إلى 90 مليون طن، وبالتالي يمكن الاستفادة منها في عمليات إعادة التدوير أو التصدير إلى الخارج".
وكشفت الدراسة أن 30 في المائة من قمامة مصر عبارة عن بقايا غذاء، يمكن أن تساهم في إنتاج 14 مليون طن من الأسمدة العضوية، وتكفي لزراعة مليوني فدان جديد، بالإضافة إلى إنتاج ثلاثة ملايين طن من الورق. أضافت أن ما يفعله "النبّاشون" جعل الشركات الأجنبية تتراجع عن استثماراتها.
من جهته، يقول أحد الذين يجمعون القمامة خميس عبد الحليم، أنه وزملاءه يقدمون خدمة للمواطنين يومياً من دون تقصير أو تكاسل، لناحية جمع ونقل القمامة من دون مقابل، بهدف تأمين لقمة عيش حلال. يؤكد أن جامعي القمامة يعملون من دون رعاية من أحد، لافتاً إلى "أننا لا نكلّف الدولة أي أعباء". يضيف أنه بعد فشل الشركات الأجنبية في تنظيف الإسكندرية، لم تحاسب من قبل المسؤولين في المحافظة، بل اتّهمنا بالتسبب في انتشارها، وباتت تلاحقنا الشرطة.
يشير عبد الحليم إلى أن عائلات بكاملها تتوارث هذه المهنة التي تستقبل أي فرد لا يجد فرصة عمل. "هذه تجارة من دون رأس مال، وتتطلب مهارة فقط في عملية الفرز وتجميع أكبر كمية من المخلّفات بحسب نوعيتها، وإعادة بيعها مجدداً للتجار".
من جهته، يوضح حمدي طه أحمد، الذي يجمع وينقل النفايات، أن جميع أولاده تركوا المدارس وبدأوا العمل في جمع القمامة، لافتاً إلى أن معظمهم تزوجوا ويعيلون عائلاتهم. يضيف أنه رفض العمل وغيره مع المحافظ أو في شركات النظافة "لأنهم لا يهتمون إلا بمصالحهم". يلفت إلى "أننا نطالب فقط بتقنين أوضاعنا"، مشيراً إلى أن قرارات مطاردة وملاحقة "النباشين" تصدر لصالح فئة مستفيدة فقط، تتولّى الاستيلاء على ثروات البلد ودفنها في الأرض من دون الاستفادة منها، بعدما عجزت الدولة حتى الآن عن إنشاء مصانع لإعادة تدوير النفايات.
يوضح فودة إبراهيم بدوره، "أننا نخشى تشرد الأسر العاملة في هذا المجال، علماً أن نحو 10 آلاف شخص يعملون في جمع القمامة لإعالة عائلاتهم". يضيف أن فئات كثيرة تستفيد من العاملين في جمع القمامة، لافتاً إلى "أننا ننقل القمامة إلى حاويات خاصة، ونفرزها جيداً لإعادة تصنيفها، لتستفيد منها شركات الورق والزجاج والنحاس وغيرها".
ويقول رئيس المجلس المحلي السابق، طارق القيعي، إن عدم طرح الحكومة أي حلول بديلة، وارتفاع نسبة البطالة، أديا إلى لجوء عدد من البسطاء إلى تقليد "النباشين"، بعد إدراكهم أن هذا العمل يحقق أرباحاً جيدة، من دون أن يدركوا خطورتها على صحّتهم وصحّة أبنائهم. ويطالب بضرورة دمج هؤلاء العاملين في منظومة القمامة الجديدة التي من شأنها القضاء على ظاهرة "النباشين" بشكل نهائي، وتحقيق الربح المادي للمحافظة، من خلال فرز القمامة في المنازل، وبيع المواد الصلبة، وبالتالي عودة المظهر الحضاري للشارع.
من جهته، يرى محافظ الإسكندرية، محمد عبد الظاهر، أن تفاقم ظاهرة "النباشين" في عدد من المناطق والشوارع، يؤدي إلى "نهب" كميات كبيرة من المخلّفات الصلبة القابلة للبيع وإعادة التدوير، ولا يبقى للشركات الرسمية إلا مخلفات عضوية لا يمكن الاستفادة منها، ما يؤدي إلى خسارتها. ويوضح لـ "العربي الجديد" أن "النباشين" يعدّون مصدر إزعاج للمدينة، خصوصاً أنهم يجوبون الشوارع بملابس رثّة، ويعبثون بصناديق القمامة لتأمين احتياجاتهم من زجاج ومواد بلاستيكية وغيرها من الأشياء ذات القيمة الاقتصادية بطريقة عشوائية، بهدف بيعها لبعض التجار أو المصانع المخالفة وغير المرخصة. هذا الأمر يتسبب بتلوث البيئة المحيطة وتشويه المدينة. أما أولئك الذين يجمعون مخلفات المستشفيات، فمهددون بالإصابة بالأمراض. كذلك، يلفت إلى أن بعض الأحياء في الإسكندرية تشن حملات مكثفة للقبض على "النباشين" الذين يرفضون ترك هذه المهنة بسبب العائد المادي الكبير.