الجزائر.. مهن يدوية مطلوبة لا تجد من يشتغلونها

25 اغسطس 2016
البحث عن عامل مهمة شاقة (فايز نور الدين GETTY)
+ الخط -
انتظر الجزائري رياض بن الديب، ثلاث سنوات كاملة من أجل إكمال بناية صغيرة من ثلاث غرف، يعتبرها أكبر الأخطاء التي ارتكبها في حياته.

يقول بن الديب (49 سنة)، لـ"العربي الجديد": "مرت علي الثلاث سنوات وأنا أعيش مع البنّاء والسمكري والنجار والدهان، كدت أصاب بالجنون لأنهم يشتغلون بمزاجهم ووقت ما يحلوا لهم، فالطلب عليهم كبير والوصول إليهم أشبه بالبحث عن شربة ماء في صحراء قاحلة".


يبدو الأمر معقدا، فكثير من العائلات الجزائرية تشتكي من ندرة أصحاب هذه المهن، وإن وجدوا فهو العذاب اليومي، "إخلاف مواعيد الحضور، والتأخر في إتمام المهمة، أمور متكررة لدى معظمهم، والسبب أن البنّاء مثلا يعمل بمشروعين أو ثلاثة في الوقت نفسه"، بحسب بن الديب.


ويقول الأستاذ في التكوين المهني، سمير آيت يعلى: "مهنهم من ذهب، وتدر الذهب، لكن كثيرين يعزفون عن ممارستها في الجزائر، مفارقة صارخة ومثيرة لكنها حقيقة، لأنها في اعتقاد الكثيرين مهن من الدرجة الثانية أو الثالثة كما أنها متعبة وشاقة".


ويضيف لـ"العربي الجديد"، أن "الشباب في الجزائر لا يفكرون في العمل بهذه المهن، إلا من قذفت بهم المدارس بعد تعثرهم في مشوارهم التربوي، ليجدوا أنفسهم مكرهين على مراكز التدريب على هذه المهن، أما محبوها فهم قليلون، بدليل أنه في الأحياء السكنية مشكلة اسمها البحث عن السمكري، وإيجاده يتطلب جهدا كبيرا".



كما لفت إلى أن الشباب في الجزائر تجدهم إما يختارون مهنا مثل التجارة أو التوجه نحو الجامعات إذا حالفهم الحظ بنيل شهادة الباكالوريا، رغم أن خريجي المعاهد يجدون أنفسهم في النهاية أمام معضلة البطالة، ورغم أن مراكز التدريب المهنية متوفرة لكنها غالبا ما تكون وجهة لمن توقف بهم قطار الدراسة.

عدد المهنيين في كثير من القطاعات يعد على الأصابع، وهو برأي كثيرين راجع إلى أنها مهن لا تستقطب الشباب الذين يبحثون عن الربح السريع والوظائف المريحة أو السهلة مقارنة بتلك الأعمال، وهو ما يبرر لجوء الجزائر إلى العمالة الأجنبية لإتمام المشاريع الكبرى، حيث بات العثور على مختصين في البناء والدهان والسمكرة كالبحث عن إبرة في كومة قش.


ويشير السيد حسن (56 سنة)، إلى أنه عندما انتقل إلى سكن جديد في عمارات جديدة وجد صعوبة في إيجاد سمكري لإعادة تهيئة الحمام والمطبخ بسبب مشكلة في قنوات صرف المياه، موضحا أن الأمر استغرق شهرا ونصف الشهر لإعادة التهيئة.


البحث عن بنّاء أو سمكري أو دهان في الجزائر صار رحلة شاقة بالنسبة للأسر، وإن وجد الشخص ضالته، فإن متابعة أصحاب هذه المهن تصبح مهمة يومية لصاحب البيت.

من جهتها، وضعت الحكومة مخططات لتذليل المشكلة، حيث خصصت مراكز للتكوين في شتى المهن تحت إشراف وزارة التكوين المهني، وهي تستقبل آلاف الشباب للتكوين في مجال البناء والدهان والأشغال العمومية، بغية استثمار هذه الكفاءات في التنمية المحلية وتنفيذ مختلف المشروعات وتلبية مطالب المواطن أيضا، والقضاء على البطالة.

المساهمون