قصة الطفل أحمد محمود...عبور المتوسّط أسهل من العلاج بمصر

21 اغسطس 2016
أحمد محمود في إيطاليا (كورييريه ديلا سيرا)
+ الخط -


أثارت قصة الطفل المصري أحمد محمود (13 عاماً) الذي عبَر البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا، على متن مركب يقلّ مهاجرين غير شرعيين، جدلاً واسعاً، لا سيما أنّه كان يحمل معه التقارير الطبية الخاصة بشقيقه، المصاب بسرطان الدم، بهدف البحث عن فرصة علاج تنجيه من الموت.

وفي وقتٍ صرّح فيه المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، بأنّ "مصر أولى بأبنائها"، نقل عن وزارة الصحة تأكيدها "إمكانية علاج الطفل على نفقة الدولة، لكنّ أسرته لم تتقدّم بطلب".

وأتى تعليق أبو زيد رداً على تصريحات رسمية إيطالية، أفادت بأنّ إيطاليا وافقت على التكفّل بكامل علاج الطفل المصاب بالسرطان، والذي قام أخوه بهذه المغامرة البطولية، التي كان يمكن أن يموت فيها، بحثاً عن فرصة علاج له.

وكان التلفزيون الإيطالي الرسمي قد أفاد الخميس الماضي (18 أغسطس/آب 2016) بأنّ رئيس الوزراء، ماتيو رينزي، أمر بعلاج الطفل المصري فريد (لم تكشف كامل هويته) البالغ من العمر سبعة أعوام، والمصاب بمرض نقص الصفائح الدموية، في مستشفى ماير التخصصي في مدينة فلورنسا (وسط)، وذلك بعدما قام شقيقه البالغ من العمر 13 عاماً بعبور البحر مع مهاجرين غير شرعيين، سعياً إلى علاجه في إيطاليا.

وقد سمحت السلطات الإيطالية لوالدَي الطفل المريض بمرافقته خلال فترة العلاج، وكذلك شقيقه المهاجر، على أن تهتمّ برعايتهم إدارة الخدمات الاجتماعية المحلية، وتستضيفهم في مركز تابع لبلدية المدينة.

ورداً على تصريحات المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، وما نقله عن وزير الصحة المصري، أحمد عماد، وجّهت وكيلة النقابة العامة لأطباء مصر منى مينا، سؤالًا للمسؤولين في وزارتَي الخارجية والصحة :"هل حقيقي حضراتكم ترون في هذه الواقعة أنّ مصر أولى بأبنائها؟ أو بتعبير أدقّ هل حضراتكم ترون أنّ مصر أقدر على علاج أبنائها؟ وهل هذا ينطبق على علاج كل المرضى المصريين المحتاجين للعلاج، أم علاج الطفل محمود فقط بعد أن وصلت قصته للعالم كله؟".




وعلى حسابها الخاص على موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي، كتبت مينا "لعلكم تكتشفون مع هذه الواقعة أنّه أصبح واضحاً للجميع أنّ رحلة عبور البحر المتوسط في إحدى سفن الموت، أصبحت أسهل وأضمن من رحلة استخراج قرار علاج على نفقة الدولة. والأهم تجديده مع موعد الجرعات المتتالية للعلاج، خصوصاً إذا كان لتأخر الجرعات أثر خطير كما هو الحال في علاج الأورام".

وأضافت: "لعلنا نقف أمام هذه الواقعة الكاشفة لنذكر الحكومة بالحرب، التي دخلتها في أثناء مناقشة الميزانية العامة للدولة، حينما بذلت الحكومة جل جهدها لتضع بنوداً وهمية للتهرب من تنفيذ الاستحقاق الدستوري برفع نصيب الصحة من الموازنة العامة للدولة. ولعلنا نقف أمام هذه الواقعة الفاجعة لنتذكر الحرب الضروس التي شنّها الإعلام وكل الجهات الحكومية على نقابة الأطباء، عندما حاولنا أن نطبّق بروتوكول العلاج المجاني لعلاج مرضى المستشفيات الحكومية".

وتابعت وكيلة النقابة العامة لأطباء مصر: "علّنا نقف أمام هذه الواقعة الفاجعة لنراجع الخطوات التي تتخذ حالياً في مجال العلاج، رفع أسعار الدواء، الإصرار على طرح المستشفيات الحكومية لمشاركة القطاع الخاص، التحويل التدريجي لمستشفيات المناطق الشعبية والفقيرة والأرياف لنظم العلاج بأجر، والأمثلة كثيرة. من لا يستطيع أن يتحمّل النفقات عليه أن يبدأ رحلة استخراج قرار علاج على نفقة الدولة، أو عبور البحر المتوسط أيهما أسهل".

وكان أحمد محمود قد وصل إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية على متن مركب للهجرة غير الشرعية، وتوسّل فور وصله السلطات هناك لتساعده. وبعد يومين من انتشار قصة الفتى، ذكرت الصحف الإيطالية أنّ مستشفى كاريجي في فلورنسا (توسكانا) عرض استقبال شقيقه ومعالجته.

إلى ذلك، كانت صحيفة "كورييريه ديلا سيرا" قد أشارت أخيراً إلى أنّ جسراً جوياً سوف يستحدث لنقل المريض وأسرته إلى إيطاليا، في حين تتولى هيئة خاصة بالمهاجرين القاصرين غير المرافَقين استقبال أحمد بالقرب من فلورنسا.