التغيير الديمغرافي خلف النزوح المتكرر من ديالى

12 يونيو 2016
الضغط لتهجير العائلات يأخذ أشكالاً عدة (الأناضول/ GETTY)
+ الخط -
قبل عام واحد فقط عاد أبو علاء المقدادي الضابط المتقاعد في الجيش العراقي السابق، إلى مدينته في ديالى بعد استقرارٍ نسبي للوضع الأمني آنذاك، واليوم يجد نفسه مضطراً لمغادرة منزله للمرة الثالثة خلال عامين. وليس بعيداً عنه تحزم زوجته وابنته أمتعتهما وتذرفان الدموع بسبب العودة للنزوح وحياة الذلّ والمهانة، بفعل تهديد المليشيات المستمر والمتكرر لعوائل السُنّة في محافظة ديالى حسب قولهم.

وقال محافظ ديالى السابق عمر الحميري لـ"العربي الجديد": "المتتبع لأحوال العوائل المهجّرة التي عادت إلى مناطقها في شمال المقدادية، تتعرض مجدداً للتهديد المباشر من قبل المجاميع الإرهابية من المليشيات. عادت تلك العوائل عقب تحرير مناطقهم بعد مكوثهم طويلاً في النزوح، إلا أن الميلشيات تعاود المحاولة والضغط عليهم للخروج من القرى والعودة مرة أخرى إلى مخيمات ومدن إقليم كردستان العراق، لتبقى هذه المناطق مهجورة، ويحصل ما تطمح إليه المليشيات بالتغيير الديمغرافي الذي بدأ في مناطق بلدة الخالص وامتد إلى مناطق بلدة بعقوبة عاصمة محافظة ديالى وبلدات بلدروز والمقدادية".


وتابع "يمكننا القول إنه لم يعد حتى هذه اللحظة أي من العوائل التي تم طردها من بلدة الخالص، مركزها وقُراها وأيضاً نواحيها".

وأوضح الحميري أن "ما حدث في بلدة المقدادية (90 كم) شرق بغداد، بعد أن عادت بعض العوائل النازحة في قراها الشمالية، والمصرّح لها بالعودة بعد ثبوت خلو سجلاتهم وتدقيقها أمنياً، أقدمت الميلشيات على خطف نحو 30 شخصاً منهم، وبعد نحو أسبوع أطلق سراحهم وآثار تعذيب وكدمات بدت واضحة عليهم".

لافتاً إلى أن أغلب "الأحياء في مركز المقدادية في الداخل تعرضت لها الميلشيات بالقتل والخطف الممنهج، والغرض منه إعادة تهجير جميع العوائل التي عادت بعد استقرار الأوضاع الأمنية، فضلاً عن الإتاوات التي تؤخذ من المواطنين في عمليات الخطف التي حصلت في عموم محافظة ديالى وفي المقدادية على وجه الخصوص".




وتساءل الحميري عمّن يقف خلف هذه العصابات الإجرامية التي تحاول قتل المواطنين وابتزازهم بكل الأشكال، وقال إن أغلب العوائل التي خرجت من المقدادية، ومن باقي مناطق الصراع في محافظة ديالى ومنذ أكثر من سنة وثمانية أشهر، لم يسمح القادة الأمنيون والسياسيون بعودتهم حتى الآن رغم التصريح لهم بالعودة، ومن عاد منهم هجّر مجدداً إلى مناطق إقليم كردستان وبغداد، 
خاصة بعد التفجيرات الأخيرة التي حصلت في المقهى الشبابي، والتفجير الانتحاري والاغتيالات داخل بلدة المقدادية، وعمليات الثأر والانتقام المنظمة التي رافقت هذه التفجيرات، وباتجاه مكون واحد من المكونات الرئيسية، والذي يمثل الأغلبية في ديالى.

ولفت الحميري إلى أنّ المليشيات أخذت تعطي نمطاً آخر في عمليات استهدافها للمواطنين عبر عمليات قتل يومي في مناطق الوقف داخل بعقوبة، والتي تتعرض إلى إبادة جماعية، مشيراً إلى "مناطق أخرى من خان بني سعد تعرضت لعمليات تهجير لمكون مهم من مكونات الخان، ولم يسمح لعوائلها بالعودة، والنتيجة النهائية أن هناك تغييرا ديمغرافيا كبيرا يحصل في محافظة ديالى وفي جميع البلدات باستثناء بلدة خانقين التي تعيش نوعاً من الاستقرار النسبي".

يذكر أن محافظة ديالى الواقعة (57 كم)، شرق العاصمة بغداد والمجاورة لإيران ويقطنها نحو مليون ونصف المليون نسمة يعاني سكانها حالة من الذعر والخوف وعدم الاستقرار الأمني بسبب المليشيات التي تسيطر على بلدات المحافظة، مليشيات تقف خلفها أحزاب نافذة في السلطة العراقية.


 
المساهمون