أجنبيّات يخطفن أطفالهنّ التونسيّين

27 مايو 2016
ربما تعاني من تبعات الطلاق (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

لا يخلو زواج تونسيّين من أجنبيات من المشاكل. لعلّ أبرزها تلك المتعلّقة بالحضانة، إذا ما اتفق الزوجان على الطلاق. يبدو لافتاً إعلان الجمعيّة التونسيّة للنهوض بالرجل والأسرة والمجتمع عن خطف نحو مائة طفل من قبل أمهاتهم الأجنبيات خلال السنوات الثلاث الأخيرة بعد حصول الطلاق، إذ إنّ القضاء منح الحضانة للأب في حالات كثيرة. ويتهم هؤلاء الآباء بغالبيتهم الحكومات التونسية المتعاقبة بالتقاعس في مواجهة ظاهرة خطف أبنائهم من قبل أمهاتهم بوسائل غير مشروعة، وصولاً إلى الاستعانة بمجرمين محترفين، بالإضافة إلى اتهامهم المؤسسة القضائية التونسية بالخضوع إلى ضغوط دبلوماسية من بلدان زوجاتهم.

ينصّ الفصل 59 من القانون التونسي للحضانة على أنّه "إذا كانت الحضانة من غير دين أب المحضون مستحقة، فلا تصح حضانتها إلا إذا لم يتم الطفل الخامسة من عمره، وألا يخشى عليه أن يألف غير دين أبيه. وفي حال سافرت الحاضنة سفراً يجعل لقاء الولي بالمحضون صعباً أو مستحيلاً، فإنها تفقد حقها في الحضانة". كذلك، ينصّ الفصل 61 من مجلة الأحوال الشخصية على أنّه "إذا سافرت الحاضنة مسافة يعسر معها على الولي القيام بواجباته نحو منظوره، سقطت حضانتها".

في كثير من القضايا التي حصل فيها الآباء على حق الحضانة، عمدت الأمهات الأجنبيات إلى خطف أبنائهنّ إلى الخارج، بحسب الجمعية التونسية للنهوض بالرجل والأسرة والمجتمع. ويشير رئيسها حاتم المنياوي إلى تسجيل نحو مائة حالة خطف أطفال من قبل أمهات خلال السنوات الثلاث الأخيرة، منتقداً الأحكام الصادرة لصالح أجنبيات أو تونسيات مقيمات في الخارج. ويطالب بتغيير التشريعات والنصوص القانونية التي تعطي أحقية الحضانة للأم الأجنبية في بعض الحالات. يضيف المنياوي لـ "العربي الجديد" أنّ "مشاكل عديدة تواجه الآباء المتزوجين من أجنبيات، خصوصاً حرمانهم من أبنائهم"، مشيراً إلى أنّ "الجمعية توصّلت إلى كشف تورّط بعض الجهات الرسمية والدبلوماسية في خطف الأبناء، من دون أن تجد السلطات المعنية أي حلول".




رمزي أستاذ جامعي اتفق وزوجته الروسية على الطلاق. لكنّها خطفت ابنه، علماً أنّ القضاء أعطاه حقّ الحضانة. يخبر أنّه تعرّض إلى ضغوط رسميّة وقضائيّة وأمنيّة، بالإضافة إلى ضرب من قبل أجانب وتونسيّين، قبل خطف ابنه. يضيف أنّ على الرغم من الحكم على الأم بالحبس لمدة عام، إلا أنّها بقيت في السجن أسبوعاً واحداً فقط، بعد رسالة من السفارة الروسية في تونس إلى وزارة العدل بتاريخ 11 يونيو/ حزيران 2011 ، للضغط على السلطات القضائية وتسليم الطفل إلى أمه الروسية، وهو ما حصل.

من جهته، واجه نبيل الزكراوي المشكلة نفسها في عام 2008 مع طليقته الإيطالية، التي عمدت إلى خطف طفلهما بعد إيقافه من قبل الأمن التونسي بالتعاون مع الأمن الإيطالي في تونس وإدخاله السجن. أما مهدي ميال، فقد خطفت طليقته الفرنسية ابنتهما بعد مداهمة منزله من قبل فرقة مكافحة الإرهاب، لافتاً إلى ملاحظته وجود سيارة دبلوماسية تابعة للسفارة الفرنسية في المكان. بعدها، منع من السفر إلى خارج تونس.

في تونس حالات كثيرة لآباء فقدوا أبناءهم بعد خطفهم من قبل أمهاتهم في ظل ضغوط رسمية. ويطالب هؤلاء بضرورة إيجاد حل للمسألة، وبتحرّك السلطات لفتح تحقيقات في ما يتعلق بالتجاوزات. تجدر الإشارة إلى أنّ عشرات الآباء كانوا قد نظّموا وقفة احتجاجية عام 2013 أمام وزارة المرأة والأسرة والطفولة، بهدف إيجاد حلول لهذه المشكلة وتمكينهم من استرجاع أبنائهم المختطفين من قبل زوجاتهم الأجنبيات. وطالبوا بتفعيل قرارات القضاء التي منحت الحضانة للآباء، وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول ملفات وقضايا خطف الأطفال من قبل الأجنبيات في تونس.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، أصدر رئيس الجمهورية قانوناً يحمل الرقم 46، وهو نسخة منقحة عن القانون رقم 40 لعام 1975 المتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر. بحسب القانون، يخضع القاصر لأحد الوالدين أو الولي أو من أسندت إليه الحضانة. وفي حال حصول نزاع في ما يتعلق بسفر القاصر، يرفع الأمر من قبل من له مصلحة أو من قبل النيابة العامة إلى رئيس المحكمة الابتدائية المختصة الذي ينظر في النزاع وفقاً لإجراءات القضاء الاستعجالي ضمن الفصل 206 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية. وعليه، عند البتّ في ذلك مراعاة المصلحة الفضلى للقاصر. ولم ينصّ على أي إجراء وقائي لمنع سفر الأبناء إلى حين البتّ فى النزاع بين الوالدين.