نساء العراق ضحايا شبكات الاتجار بالبشر

24 مايو 2016
وعود العمل والزواج تغري فتيات العراق (GETTY)
+ الخط -
في خضم الموت والحرب واللادولة، تتسع شبكات الجريمة المنظمة في مناطق عدة من العراق، وسط لا مبالاة من قبل الأجهزة الأمنية في مكافحتها أو الحد منها على أقل تقدير.
ومن شبكات المخدرات إلى شبكات السطو والسرقة، مروراً بظاهرة القتلة المأجورين الذين يتم استئجارهم من قبل أشخاص لقتل آخرين لأسباب مختلفة، انتهاء بشبكات الاتجار بالبشر التي كان أغلب ضحاياها من الفتيات والسيدات المطلقات والأرامل في بغداد ومناطق جنوب العراق.

واتسعت ظاهرة شبكات الاتجار بالبشر بشكل ملفت في العراق منذ مطلع العام الجاري، خاصة في العاصمة بغداد ومدن الجنوب، حيث الفقر المدقع المتفشي، ومؤخراً أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق، عبر بيان رسمي، أن "محكمة جنايات محافظة بابل جنوب العراق، أصدرت حكماً بالسجن لمدة سبع سنوات وغرامة 15 مليون دينار، بحق امرأة مدانة بتهمة الاتجار بالبشر".

ونقل البيان عن رئيس محكمة جنايات بابل، القاضي حبيب إبراهيم، أن "المحكمة نظرت في دعوى امرأة قامت باستدراج إحدى النساء المطلقات بحجة تزويجها من ثري خارج البلاد لقاء مبلغ ثلاثة آلاف دولار أميركي، والمرأة كانت قد أبرمت عقداً لبيعها بعشرة آلاف دولار إلى أشخاص آخرين بهدف استغلالها جنسياً في دولة خليجية".

مضيفاً أن "القضية معززة بالشهود وكافة الأدلة التي تدين المتهمة، مع ضبط مبلغ بيع الفتاة من خلال كمين نصبته الشرطة للمتهمة، وقضت المحكمة بالسجن لمدة سبع سنوات وغرامة 15 مليون دينار وفق المادة 6/ ثانياً من قانون الاتجار بالبشر".

وتقدر منظمات محلية مدنية وجود ما لا يقل عن 10 شبكات تمتهن الاتجار بالبشر، وأغلب ضحاياها من النساء، وتشرح الناشطة في مجال المجتمع المدني العراقي وحقوق المرأة، سلمى الجبوري، أن تلك الشبكات تقوم على إيقاع الفتيات في حقل الدعارة أو خداعهن بوجود فرص عمل محترمة لهن في دول عربية أو أوربية، ليتم إرسالهن إلى نوادي وصالات قمار وفنادق رخيصة تقوم باستخدامهن في مجال الدعارة.


وبيّنت الجبوري أن الشبكات تربح مبالغ تراوح ما بين 5 إلى 7 آلاف عن كل ضحية، وفي بعض الأحيان تقوم الضحية نفسها بإعطاء الشبكة الإجرامية المال بهدف تسفيرها للحصول على حلم حياتها.

وقالت إن أغلب الضحايا من الفقيرات الفاقدات للمعيل أو رب الأسرة بسبب الحرب والفقر المدقع، وأن الفتاة أو السيدة تلقي بنفسها في أي فرصة تسنح أمامها للعمل أو وعود بالزواج وحياة جديدة خارج البلاد، لكنها تصدم عندما تصل وجهتها وتمتهن العمل بالدعارة.
وطالبت الناشطة النسوية وزارتي المرأة والداخلية بـ"إطلاق حملات توعية وتكثيف حملات البحث عن تلك الشبكات التي عادة ما تتواجد في النوادي وصالات القمار المنتشرة في بغداد وجنوب البلاد" وفق قولها.

من جانبه، قال الضابط في مكتب الاتجار في البشر في وزارة الداخلية، محمود السعدي، إن "وزارة الداخلية العراقية نجحت في الإيقاع بعدد من العصابات التي تقوم بالاتجار بالنساء وبيعهن إلى دول الجوار. فككنا خلال عامين نحو سبع شبكات متورطة بهذه الجريمة، وبعضها تضم نساء، حيث تقوم النساء بالإيقاع بالفتاة عن طريق وعود الزواج والعمل خارج العراق".
وتابع السعدي أن "عدد الشبكات ما زال كبيرا ويصعب القضاء عليها كون المسألة حساسة وتحركات تلك الشبكات ضيقة ولا تعاون من قبل المواطنين. كما أن هناك عصابات مرتبطة بمافيا دولية".

وأضاف "نعمل مع الشرطة الدولية على متابعة عمل عدد من الأشخاص الذين نمتلك قاعدة معلومات عنهم، ونعمل على الحد من هذه الظاهرة الخطيرة والدخيلة على المجتمع العراقي".



وتقول (ف.ع) إحدى الناجيات من تلك الشبكات، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك عصابات نسائية تقوم بالإيقاع بالفتاة عن طريق مكاتب، إذ تبدأ الحكاية عندما يروجون وجود فرص عمل برواتب مجزية في الدول العربية بعقود، أو أن أقاربهن يعملون في شركات تجارية يريدون الزواج من عراقيات خارج البلاد".

وتضيف أن "إحدى زميلاتي اللاتي يعملن معها في إحدى الدوائر الحكومية دعتني لزيارة قريباتها في مكتب يقوم بتسهيل مهمة انتقال العراقيات إلى الخارج، وتم الاتفاق على تحديد موعد لرؤية أهل الشاب الذي يريد الارتباط بي والسفر خارج البلاد معه، وفعلا التقيت في المكتب برجل يبلغ من العمر نحو 55 عاما وسيدة قالت إنها أم الشاب الذي يريد الزواج والمقيم بإحدى الدول العربية، واتفقنا على أن يزور أهلي لغرض الاتفاق على أمور الزواج".

مبينة أن "الله نجاني بعد دخولي على صفحة "فيسبوك"، ووجدت صورة الرجل الذي قابلته وعليها تحذير أنه من جماعة شبكات التجارة بالبشر، فأغلقت هاتفي واختفيت عنهم".

وأكدت "هناك نساء وقعن في ذات الموضوع، وهو الزواج والسفر وتم استغلالهن وبيعهن لممارسة البغاء".
وقالت الناشطة السنوية، أمال العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق خلال السنوات الأربع الماضية سجل نشاطا غير مسبوق للإتجار بالبشر بشكل عام والنساء بشكل خاص، حيث سجلنا أكثر من 50 حالة بيع لنساء يتم الايقاع بهن عن طريق وسطاء ويتم نقلهن إلى دول عربية وأجنبية لغرض استغلالهن جنسيا".