"قرآن عمر الحسين" يجدّد سجال الجاليات الإسلامية في الدنمارك

27 ابريل 2016
امتد الجدل إلى الشارع (العربي الجديد)
+ الخط -
لا تزال العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، ورغم مرور 14 شهراً، تعيش على وقع الهجوم الذي نفذه الشاب عمر الحسين، في 14 فبراير/شباط 2015، بحيث ظهرت أخيراً قضية حمله لمصحف في جيبه أثناء تنفيذ العملية، لتثار مجدداً اتهامات ضد المسلمين.
بدأت الواقعة في الثالثة والنصف من بعد ظهر السبت، أثناء ندوة حول "حرية الرأي والتعبير"، في "بيت الثقافة" في شارع "برميل البارود" (كرودتتونر)، شاركت فيها شخصيات مثيرة للجدل، كالسويدي لارس فيلكس، الذي رسم النبي محمد في كاريكاتور ساخر.

بدأ الشاب الدنماركي عمر إطلاق النار ليخترق زجاج المبنى، ثم توالت الأحداث ليقتل مخرجاً كان ضيفاً في الأمسية، ويجرح 3 من رجال الشرطة، ورابعاً بفعل الزجاج. وأثناء المطاردة، قُتل أيضاً حارس عند معبد يهودي، وجُرح شرطيان. قبل أن تنتهي حياة عمر الحسين عن 22 عاما، بوابل من رصاص الشرطة، قال شهود إنها "عملية إعدام في الميدان".

في مارس/ آذار الماضي، بدأت محاكمة 4 من الشبان بتهمة تقديم العون للشاب منفذ العملية، ومعها تتكشف أمور مثيرة عن الشباب الذي قضى أحكاماً في سجون الدنمارك بتهم ارتكاب جرائم متعلقة بالسرقة وغيرها.

الشباب الأربعة من مواليد الدنمارك، وجميعهم من مناطق يطلق عليها "غيتو". سواء في ضواحي كوبنهاغن أو آرهوس أو أودنسه، وعاد جدل مفاده: كيف يجنح شبان أذكياء نحو التشدد والعنف بعد دخولهم السجون الدنماركية؟ كيف فشلت المملكة في دمج أطفالها وظلت تصفهم بالمهاجرين؟ وغيرها من الأسئلة المثارة حتى يومنا، كلما جد جديد عن "التشدد والإرهاب".

الأصعب بالنسبة للشرطة والاستخبارات ليس الأسئلة التي يطرحها علماء الاجتماع والنفس حول مآلات التشدد عند هذا الجيل. بل لماذا أخفت الشرطة والاستخبارات عن الرأي العام أنها وجدت مع السلاح إلى جانب جثة عمر "نسخة من القرآن في جيبه"؟ والسؤال استدعى ما يشبه جلسة تحقيق مع وزير العدل، سورن بيند، مع "اللجنة العدلية البرلمانية".


اليمين المتشدد ممثلاً بحزب الشعب الدنماركي، يراه وفق مقرر شؤونه العدلية، بيتر كوفود بولسن: "سؤال محق. فليس من سر أن مرتكب الهجوم كان يحمل قرآناً. ونريد أن نعرف ما إذا كانت الشرطة أخفت الأمر بدوافع سياسية لأنه لم يكن هناك رغبة لربط الإسلام بالهجوم"؟

عين وزير العدل الحالي في منصبه بعد 4 أشهر من الهجوم، إثر فوز اليمين ويمين الوسط بانتخابات يونيو/حزيران العام الماضي. لكن رغم ذلك مطلوب منه، كمسؤول عن الجهاز القضائي والأمني أن يجيب: "لماذا أخفيت قصة حمل الشاب لنسخة من القرآن في تقرير الشرطة عن هجوم شارع برميل البارود"؟

وامتد الجدل إلى "فشل ذريع" لشرطة بدت مثل "هواة"، بحسب أوصاف سياسية وحزبية وأمنية ناقدة لعملية المطاردة، بدت فيه لا تعرف استخدام السلاح ولا ترتدي واقياً من الرصاص.

استغرق الأمر من وزارة العدل 9 صفحات على موقعها الرسمي، لشرح كيف أن البلد يعتبر مسالماً، ولم يكن يتوقع أن يحصل فيه ما حدث. عام كامل على معرفة اليمين المتشدد بقصة القرآن، لكن مع اقتراب المحاكمة من خواتيمها، وجد أمس الثلاثاء، ضالته السياسية لمواجهة تراجع شعبيته، في قصة نسخة القرآن.


لا أجوبة لدى جهازي الشرطة والاستخبارات عن نسخة القرآن، لكنهما وبعد مراجعة شاملة لما جرى يخرجان باستنتاج: "أصبحنا أكثر قوة في الأدوات والمعرفة والمراقبة لدرء الإرهاب. مبادرات جديدة تحد من التوجه نحو التشدد في السجون".

خبراء كثر يشيرون إلى فشل من نوع آخر في المجتمع ومؤسساته، فـ"عمر لم يكن، مثل غيره، متطرفاً، بل عاش بيئة عصابات مهاجرين دون أن تقوم تلك المؤسسات بعملية إدماجه في المجتمع الذي ولد فيه، حتى وصل الأمر بهؤلاء إلى أن يكونوا جاهزين للانخراط بأعمال إرهابية ضد بلدهم الذي خيب آمالهم".
دلالات