أسلحة منحها الغرب للعراق تباع على أرصفة بغداد

18 ابريل 2016
بيع الأسلحة في شوارع بغداد (فيسبوك)
+ الخط -
يشعر من يمرّ بسوق السلاح في "سوق مريدي" وسط العاصمة بغداد، بالخوف وهو يقلّب ناظريه بين القنابل المختلفة وأنواع الرصاص والمسدسات والرشاشات الميكانيكية، والتي تباع علناً في "بسطات" صغيرة تشبه تلك الخاصة بالخضروات؛ أمام كل واحدة منها شخص يعرض بضاعته على الناس ويضع أمامه المسدسات وعلب الرصاص والقنابل بأنواعها.


قسم كبير من تلك الأسلحة والذخائر وصل العراق من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وبريطانيا وروسيا والدنمارك وألمانيا، وأغلبها منح للعراق ضمن حزم المساعدات المختلفة.

ما يثير الاستغراب ليس وجود المسدسات أو الرشاشات الخفيفة ولا حتى مختلف أنواع العتاد والرصاص الخفيف، بل القنابل اليدوية بمختلف أنواعها، كما يقول متخصصون، والتي تباع كما علب السجائر.

ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل يتعداه إلى بيع وشراء الأسلحة الثقيلة، كمدافع الهاون وقاذفات الصواريخ ولكن ليس في نفس السوق بل في أماكن أخرى.

ويقول حسن رمانة (32 عاماً)، وهو أحد هواة بيع وشراء الأسلحة في سوق مريدي ببغداد: "هنا يجد الراغبون في شراء الأسلحة كل ما يحتاجون له من مسدسات ورشاشات خفيفة ومتوسطة، كرشاشات كلاشنكوف وبي كي سي وغيرها، وأنواع العتاد وحتى القنابل اليدوية المعروفة محليا بـ"الرمان".

ويضيف رمانة لـ"العربي الجديد"، "أتاجر ببيع بعض الأسلحة الخفيفة وخاصة المسدسات وعتادها، أكسب رزقي من ذلك، ويقبل الناس على شراء الأسلحة لعدة أهداف منها الحماية الشخصية لهم ولأسرهم ومنازلهم وممتلكاتهم، ومنها استخدام الأسلحة في المعارك الدائرة مع تنظيم الدولة (داعش)، ومنها لأغراض عشائرية وعادات وتقاليد مختلفة".

ويقول ناشطون إن المشكلة في الأمر لا تكمن في وجود سوق لبيع القنابل اليدوية والرشاشات المختلفة وسط العاصمة، بل في تجول ضباط وعناصر الأمن والشرطة في السوق دون التعرض لتجار وبائعي السلاح مطلقا.

ويروي الناشط المدني، مصطفى الأوسي، أن "وجود القنابل اليدوية وبيع وشراء الأسلحة الخطيرة، فضلاً عن قاذفات الصواريخ وغيرها، مؤشر على الانفلات الوضع الأمني، خاصةً وأننا نشاهد أحياناً ضباطاً ومنتسبين من أجهزة الأمن يتجولون قرب بائعي السلاح دون التعرض لهم".

ويتابع الأوسي، لـ"العربي الجديد"، أن سوق السلاح أصبح مجهزاً رئيسياً للعديد من المليشيات، كما أن المليشيات تعد من كبار تجار الأسلحة في البلاد، ويتولون إدخال مختلف أنواع الأسلحة من عدة دول أبرزها إيران، ولا أحد يستطيع التعرض لهم بسبب نفوذ تلك المليشيات وسطوتها في البلاد".

وتعلن صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تابعة للمليشيات، بين الحين والآخر، عن بيع أسلحة مختلفة، لكن الأشد غرابة أن تكون تلك الأسلحة دبابات ومدرعات تابعة للجيش العراقي؛ تم تجهيز المليشيات بها خلال المعارك مع تنظيم "داعش".

وتزايدت على "فيسبوك" صفحات بيع السلاح في العراق، والملاحظ عدم خوف أصحاب تلك الصفحات من الملاحقة القانونية، فهم يضعون أرقام هواتفهم الشخصية ليتفاهموا مع زبائنهم على نوعية وأسعار الأسلحة المطلوب شراؤها.

ويقول مراقبون إن السلاح المتداول للبيع يكفي لتشكيل تنظيمات مسلحة خطيرة جداً، وقادرة على احتلال مدن بأكملها، حيث تباع أسلحة لا يمتلكها الجيش العراقي ولا أجهزة الأمن المختلفة، ووجود مافيات متخصصة لبيع هويات خاصة بالأجهزة الأمنية وملابس ومعدات عسكرية.

ويعرب خبير الأسلحة، حازم السماوي، عن قلقه من انتشار أسواق بيع الأسلحة في العاصمة، مبيناً أن "أخطر ما يباع في تلك الأسواق هي القنابل اليدوية وقاذفات الصواريخ والرشاشات المتوسطة والرشاشات الأحادية وغيرها، فهذه الأسلحة يمكنها تزويد الجماعات والعصابات المسلحة بما تحتاج له لشن عمليات منظّمة وخطيرة وهو ما يحدث بالفعل".

ويلفت إلى أن "من يشاهد أنواع الأسلحة والقنابل المعروضة للبيع يتخيل أن حدود العراق محمية من كل جانب، ولا يعرف أن هذه الأسلحة للأسف تستخدم في النزاعات العشائرية والداخلية ويذهب ضحيتها العراقيون أنفسهم، فيما تكتفي الدولة بالتفرج بل يضطلع سياسيون كبار في توريد تلك الأسلحة وبيعها" على حد قوله.

ويتابع السماوي "الأخطر من ذلك كله أن أسلحة الجيش العراقي أصبحت تعرض علناً على فيسبوك للبيع من مدرعات ودبابات ومدافع، وهي الأسلحة التي سلمت للمليشيات خلال المعارك مع تنظيم "داعش".
وكان لبيع السلاح علناً في العراق آثار سلبية منها الصراعات العشائرية التي تجري بين آونة وأخرى في مناطق وسط وجنوب البلاد، ويذهب ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح أمام عجز كامل للحكومة العراقية، كما يقول المراقبون.

ويقول العقيد أحمد سعدون، من قيادة شرطة بغداد، لـ"العربي الجديد"، أنه "لا يمكن إنكار ذلك فهو موجود، والسبب في ذلك المعارك وكثرة الغنائم التي تحدث أثناء المعارك واتساع دور المليشيات وعمليات نقل الأسلحة". مؤكدا أنهم يسعون لاستصدار فتوى دينية لمنع ذلك، فقد جربت الشرطة مداهمة تلك المناطق مرات عدة لكنها فشلت في ضبط شيء.

وحول تسرب الأسلحة القادمة كمساعدات يقول ضابط بالجيش العراقي، إن "الأسلحة الغربية الحديثة التي تباع على الأرصفة حاليا ناتجة عن أخذ مليشيات الحشد نسبة من أي شحنة سلاح تقدم للجيش العراقي كمساعدات من الغرب لا تقل عن 30 في المائة"، ويؤكد الضابط أن تلك المليشيات وبعد تأخر رواتبها بدأت ببيعها في السوق السوداء.