قضى الشاب أحمد يوسف إسماعيل عامر (17 عاماً) صباح اليوم الأربعاء، برصاص جنود الاحتلال الذين قتلوا خلال أربع وعشرين ساعة 7 فلسطينيين بينهم طفلان وسيدة.
الشهيد ينتمي إلى بلدة مسحة غربي مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية المحتلة، وعقب استشهاده تداول نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قصاصة ورق كتب عليها وصية تملؤها العزيمة والثقة في خط الطريق نحو الشهادة. كان وقع هذه الوصية مؤلماً على الكثيرين، إذ كيف لفتى فلسطيني أن يكتب وصية لم ينس فيها حقوقاً عليه لأصدقائه.
وعلى الرغم من صغر سنه، لكن وصيته تعكس نضجا وعمقا يفوق سنه، فقد طلب الشهيد من أهله أن يسددوا ديونا في رقبته لبعض أصدقائه في بلدته، وقال "في ناس لهم علي دين" طالبا من أهله دفع هذه النقود حتى لا تكون عائقا أمامه يوم القيامة في طريقه للقاء ربه ودخول الجنة، رغم أن المبلغ لا يتجاوز 16 دولارا.
الشهيد لم ينسَ أن الوطن له حق عليه، وخط طريقه نحو الشهادة بالدم، مشيرا إلى أهله في وصيته ألا يبكوه، وألا يحزنوا عليه فهو شهيد عند ربه.
رئيس المجلس القروي صبّاح عامر قال لـ"العربي الجديد" إن "الشهيد كان يدرس في قرية مدرسة دير بلوط المجاورة، في الصف الحادي عشر ضمن تخصص التجارة، ويذهب صباح كل يوم إلى المدرسة لمتابعة دروسه".
وأضاف "بسبب إغلاق قرية الزاوية التي يمر منها أهالي مسحة للوصول لقرية دير بلوط، حيث فرض الاحتلال الإسرائيلي حصارا عليها عقب استشهاد الطفل عبد الرحمن رداد أمس الثلاثاء بمدينة القدس المحتلة، عرقل جنود الاحتلال سير الشهيد عامر ومن معه من زملائه، حيث طلب الجنود من أحمد أن يرفع يديه باللغة العبرية التي لم يفهمها الفتى، وهو ما دفعهم لإطلاق النار عليه وتركه ينزف إلى أن فارق الحياة شهيدا".
لم يفصح عامر عن معرفته أو أهل الشهيد بالوصية التي تركها أحمد، قائلا "لا نعلم عن الوصية شيئا، لكن من المحتمل أن يكون أحمد قد نوى فعلا الشهادة، كونه كان محبا لوطنه، لا يتوانى لحظة في الدفاع عن الوطن ويشارك بشكل دائما في المناسبات الوطنية داخل القرية"، مرجحا "أن الشهيد ربما تأثر باستشهاد أحد أبناء قرية الزاوية المجاورة وهو بنفس سنه وقرر أن يكون زميله في الشهادة".
"كان الشهيد هادئا، مطيعا، خلوقا، لم يسمع يوما أنه قد عادى أحدا في بلدته، بل كان دائم الابتسامة، مجتهدا في دروسه ومثابرا يحاول أن يعتمد على نفسه في كافة أموره"، كما يقول عامر.
وبكلمات مقتضبة تحمل رسالة صادمة مؤثرة، قرر أحمد أن يقول لأهله وأصدقائه وزملائه والأجيال اللاحقة، إنه شهيد عند الله فكتب في وصيته:
"بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إلى أمي وأبي الأعزاء، سامحوني وارضوا عني فإني شهيد بإذن الله، والحمد لله على كل شيء، أريد منكم أن لا تذكروا محاسني بل اذكروا مساوئي ليسامحني الناس عليها وأكسب أجرها"، مشيرا في نهاية الوصية إلى أسماء ثلاثة أشخاص لهم عليه دين، طالبا من أهله أن يدفعوه عنه.
اقرأ أيضاً: استشهاد فلسطيني بنيران الاحتلال بعد عملية طعن في يافا