متسولون مغاربة في "جلباب سوري" لزيادة مداخيلهم

15 مارس 2016
ينتحلن صفة لاجئات سوريات(Getty)
+ الخط -


بدت مترددة وفي عينيها حزن وحياء، لكن سرعان ما كشفت اللحظات التالية أنهما مصطنعان.. تتنقل بخطوات رشيقة بين السيارات المتوقفة مؤقتا عند الإشارة المرورية الحمراء، القريبة من أحد أسواق العاصمة الرباط.

تتحرك ولباسها الأسود يكاد يُغرقها، نصفه يغطي وجهها وما بقي يتقاسمه جسدها النحيل مع طفل يبدو أنه في الثانية من عمره، تدنو منك بصوت متقطع طالبة صدقة، بدعوى أنها لاجئة سورية تعيل طفلاً يتيماً توفي والده في واحدة من معارك حلب، واضطرت للفرار بجلدها من "الشبيحة أو داعش".

حديث بسيط مع هذه السيدة، وأسئلة قليلة من قبيل من أي مكان بالضبط أنتم في حلب؟ وكيف جئتم للمغرب؟ يجعلها تبتعد عنك نحو "ضحية" أخرى، وأحاديث مشابهة مع غيرها تكشف لك أنهم لا يعرفون عن سورية الكثير، وهم في الحقيقة مغاربة "انتحلوا" صفة لاجئين سوريين لاستغلال عطف المغاربة، واحتضانهم للفارين من جحيم الاقتتال هناك.

حيل ماكرة

اللهجة وحفظ بعض المعلومات، هي أولى الأساسيات التي يعتمدها بعض "المحتالين" من المتسولين المغاربة، الذين يدّعون أنهم لاجئون سوريون لجني أموال أكثر. في حين تقصد بعض النساء صالونات التجميل لتغيير لون شعرهن، وتركيب عدسات لاصقة للحُصول على مظهر قريب من نساء الشام.

وفي هذا الصدد، كشفت إحدى محترفات التجميل لـ"العربي الجديد"، رفضت الإفصاح عن هويتها، أن مجموعة من المغربيات ترددن عليها في الآونة الأخيرة، لتغيير لون بشرتهن وشعرهن، حتى يقتربن من مظهر سوريات جئن بصورهن.

ومن بين الحيل تلقين بعض الأطفال اللهجة السورية، بالإضافة إلى استعمالهم نسخاً مزورة من جوازات سفر سورية، يحصلون عليها إما عن طريق نسخ جوازات حقيقية بالأبيض والأسود، أو تقليد الغلاف بواسطة الفوتوشوب، وهو ما كشفه لـ"العربي الجديد"، أحد الحراس المتواجدين نواحي السوق الممتاز بالرباط حيث يكثر المتسولون.

صراع ومنافسة

بدت غير مرتبة الملابس، فوضوية الشعر، دامعة العينين، حمراء الوجنتين. جلست الفتاة ذات الإثني عشرة ربيعاً على الرصيف وحيدة، وإلى جانبها جلست والدتها مع طفلين آخرين. "إنهم يضربوننا، بدعوى أننا نزاحمهم"، تقول والدة الطفلة لـ"العربي الجديد"، مسترسلة والدموع على عينيها "لم أمد يدي يوماً لأطلب الصدقة لما كنت في سورية، لكن قسوة العيش وانعدام المدخول هنا بالمغرب جعلانا نعاني الويلات".


تكشف هذه المرأة التي قالت إن اسمها ردينة، ما يتعرض له المتسولون السوريون من نظرائهم المغاربة، مشيرة إلى أن متسولة مغربية سبق أن ضربتها وجرتها من شعرها، بعد أن منحها أحد المحسنين صدقة، وتعلق قائلة "إنهم يعنفوننا بدعوى مزاحمتنا لهم وحصولنا على صدقات أكثر منهن".

ردينة وغيرها، أكدوا لـ"العربي الجديد" أن مئات المتسولين المغاربة يقدمون أنفسهم على أنهم من سورية، للحصول على أكبر قدر من الصدقات، مستغلين عطف المغاربة على العائلات السورية النازحة.

أوضاع "مزرية"

يشتكي معظم السوريين اللاجئين إلى المغرب من "الأوضاع المزرية" التي يعيشونها، خُصوصا في ظل تفشي البطالة في صفوفهم، ما يتسبب بانعدام مداخيلهم.

وتخصص المفوضية السامية للاجئين مبلغ 300 درهم مغربي لكل لاجئ، فالأسرة المكونة من أربعة أشخاص تتلقى نحو 1200 درهم  لكن هذا المبلغ ليس منتظماً، وقد يصرف مرة كل ثلاثة أشهر، بحسب تصريح أحد السوريين اللاجئين بالمغرب لوكالة رويترز للأنباء.

عدد اللاجئين السوريين في المغرب لا يتجاوز الخمسة آلاف لاجئ مسجلين لدى السلطات المغربية، في حين تضم سجلات المفوضية 1726 لاجئاً منهم فقط.

التأشيرة لـ"أسباب أمنية"

سبق لملك المغرب محمد السادس، أن دعا في خطاب له، عموم الشعب المغربي لمعاملة اللاجئين بشكل جيد، وتقديم كُل أشكال المساعدات لهم، إلا أنه تأسف لاضطرار المملكة المغربية إلى فرض التأشيرة على السوريين، معيداً ذلك لأسباب أمنية لها علاقة بالإرهاب.

وتداول نشطاء الإنترنت مجموعة من الأشرطة المصورة لأطفال سوريين يناشدون الملك محمد السادس السماح لهم بدخول التراب المغربي، للالتحاق بأسرهم اللاجئة هناك.

وكانت السلطات المغربية قد سمحت للطفلة رشا أيمن كوجان، التي تحمل وثائق سورية ومولودة من زواج مختلط بدخول المغرب، بعد استجابة الملك لندائها الذي وجهته عبر الإنترنت في يوليو/ تموز 2014. وهي الاستجابة التي جاءت بشكل استثنائي ولأسباب إنسانية صرفة.

اقرأ أيضاً: ليبيا: متسولون في شوارع طرابلس..والأمن غائب