مخيّمات طبيّة تنقذ فقراء اليمن

28 ديسمبر 2016
خلال إجراء عملية جراحية (العربي الجديد)
+ الخط -
الأوضاع الاقتصادية الصعبة والحرب عطّلت عمل بعض المستشفيات الحكومية في اليمن، ما جعل البعض، خصوصاً الفقراء، عاجزين عن التداوي. فكان الحلّ في المخيّمات الطبيّة

تعجز أسر فقيرة كثيرة في اليمن عن تأمين تكاليف التداوي في المستشفيات والمراكز الصحيّة الخاصة، في وقت أغلقت عشرات المستشفيات والوحدات الصحية الحكومية بسبب الظروف الأمنيّة والاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، ليكون ذلك سبباً في زيادة المبادرات الطبية الإنسانية، والتي تهدف إلى علاج آلاف اليمنيّين مجاناً.

وينتظر يمنيّون هذه المبادرات الطبيّة المتنقلة ليحظوا بعلاج مجاني لأمراض عانوا منها خلال الحرب وحتى قبلها، ولم يكن في مقدورهم غير الصبر بسبب قلّة الحيلة. أحد هؤلاء هو علي الملحاني، والذي صبر طويلاً، وكان يعاني من مشكلة في عينيه، وانتظر حتى أقامت إحدى الجمعيات مخيّماً طبيّاً مجانياً بهدف إجراء عمليّات جراحية للعيون.

يقول لـ "العربي الجديد": "كنت أعاني من مياه بيضاء في عيني اليسرى، حتى إنني لم أعد أرى جيداً. لكنّني لم أستطع الذهاب إلى المستشفى بسبب توقّف الخدمات الطبية الحكومية المجانية مؤخّراً، في وقت طلبت المستشفيات الخاصة مالاً عجزت عن تأمينه في ظل هذه الظروف الصعبة". ويشير إلى أنه عانى لأكثر من عامين، إلى أن جاء فريق طبي تابع لجمعية العون لمعاينة وعلاج مرضى العيون في محافظة المحويت (غرب). يضيف أن الفريق الطبي عالجه من دون أن يطلب ريالاً واحداً في مقابل العملية، واصفاً هذه الخدمات بالنادرة والمفيدة للمواطنين كونها تزيح عنهم هماً كبيراً.

إلى ذلك، يؤكّد الناشط في مدينة عدن (جنوب)، أدهم فهد، أن استمرار الأزمة السياسية والحرب والتراجع الاقتصادي أدى إلى عدم اهتمام المواطنين بأوضاعهم ومشاكلهم الصحية، لا سيما ذوي الدخل المحدود والمعوزين كونهم بالكاد يستطيعون توفير الاحتياجات الأساسية من طعام وبدلات إيجار وغيرها.

يضيف لـ "العربي الجديد" أن الحرب في عدن تسببت في تدمير البنى التحتية المتهالكة أصلاً، ولم تكن المستشفيات بمنأى عن هذا التدمير، عدا عن الأزمة الاقتصادية وشح السيولة النقدية، والتي أدت إلى تعليق صرف رواتب موظّفي الدولة. ويشير إلى أن هذه الظروف أدّت إلى "تراجع عدد المستشفيات الحكومية ذات المستوى الطبي المتقدم، من ثلاثة إلى مستشفى واحد فقط يغطى ثلاث محافظات مجاورة بالإضافة إلى عدن". وانحصر عمل بقية المستشفيات الحكومية في تضميد الجراح الخفيفة وما شابه، ما جعل المواطن البسيط غير قادر على متابعة وضعه الصحي في المستشفيات الخاصة، لينتظر المبادرات الطبية المجانية.

ويرى فهد أنّه يمكن استنتاج مدى أهميّة إقامة هذه المخيمات، من خلال حجم استفادة الفقراء في ظلّ الإقبال الكبير عليها، مشيراً إلى توافدهم بأعداد كبيرة على المخيمات المجانية أو شبه المجانية.

إلى ذلك، تعمد مؤسسة طيبة للتنمية في محافظة عدن إلى إجراء عمليّات جراحية مختلفة في مخيم طبي، يضم أطباء من تخصصات مختلفة (الجراحة العامة، والمسالك البولية، والأنف والأذن والحنجرة، وغيرها). واستقبل المخيم، بحسب القائمين عليه، مئات المرضى في أيامه الخمسة الأولى في مستشفى باصهيب. في هذا السياق، يوضح مدير مكتب مؤسسة طبية للتنمية في محافظة عدن، فارس السقاف، أنّ المخيم الطبي الحالي يحمل الرقم 45 في رصيد المؤسسة، وذلك منذ تأسيسها في عام 1996.

ويهدف المخيّم إلى إجراء 200 عملية جراحية للأشخاص الذين لا يستطيعون تحمّل تكاليف العمليات. وبحسب السقاف، فإن تقديم الخدمة المجانية يبدأ من خلال إجراء مسح أولي لتحديد الحالات التي تحتاج إلى عمليات جراحية طارئة، وإجراء الفحوصات اللازمة والأشعة وتخطيط القلب والموجات الصوتية، قبل تحديد موعد العمليات. وتحظى الحالات التي لا تحتاج إلى عمليات جراحية بخدمة المعاينة وتقديم الاستشارة والعلاج.

ويوضح السقاف لـ "العربي الجديد" أنّ المخيّم جاء بالتنسيق والشراكة مع جهات عدة مموّلة من هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ومؤسسة العون للتنمية. وبدأ العمل في المخيّم الطبي الحالي في 10 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وقد تجاوز عدد زواره 650 مريضاً خلال الأيام الخمسة الأولى. وعادة ما يكون الإقبال كثيفاً على مثل هذه المخيمات الطبية، بسبب الحاجة وضعف الإمكانات المادية. ويشير إلى أن بعض المواطنين يحرصون على زيارة هذه المخيمات بسبب وجود أطباء من تخصصات مختلفة، يتولون المعاينة وإجراء العمليات الجراحية خلال فترة محددة، لافتاً إلى أن جميع الأطباء يمنيون.

إلى ذلك، يتولّى المخيّم الطبي في عدن علاج الحروق وإجراء عمليات تجميلية، كما أنه يضم أطباء من مختلف التخصصات، وهي الجراحة العامة، وجراحة الكلى والمسالك البولية، والأوعية الدموية، والعظام، والأذن والأنف والحنجرة، بشكل أساسي. وفي الوقت الحالي، تقيم المؤسسة مخيمات طبية في كل من الحديدة والمحويت (غرب). ويصل عدد العمليات الجراحية التي نفذتها المؤسسة إلى أكثر من 20 ألف عملية جراحيّة، وذلك في 12 محافظة يمنية.


المساهمون