إرهاب متبادل

23 ديسمبر 2016
إصرار على تحدي الإرهاب في برلين (توبياس شوارتز/فرانس برس)
+ الخط -
يحبس العالم أنفاسه خوفاً من حوادث إرهابية تفسد احتفالات عيدي الميلاد ورأس السنة. يدعو الملايين حول العالم أن تمر المناسبتان بسلام، وألا يسقط فيهما أو بسببهما المزيد من الضحايا في أي مكان في العالم، خاصة بعد الحوادث الدامية التي شهدتها القاهرة وأنقرة وبرلين وزوريخ والكرك خلال الأيام الأخيرة.

بات الجميع يخشى التجمعات الاحتفالية بعد أن باتت مقصداً لكل من يرغب في قتل البشر بحجج مختلفة تبدأ بالإجرام وتمر بالإرهاب وصولاً إلى الانتقام أو التشفي.

أعلنت كثير من دول العالم، خاصة الأوروبية، رفع مستوى التأهب لدى أجهزتها الأمنية، خاصة أجهزة مكافحة الإرهاب، استعداداً لاحتفالات نهاية العام، وفرضت معظم الدول السياحية قيوداً إضافية على الزائرين، لكن كل ذلك لا يكفي لطمأنة الخائفين من التعرض لجرائم فجائية.

يلقي كثيرون حول العالم باللائمة على المسلمين في موجة الإرهاب المتفاقمة، ويرى البعض في أزمة الهجرة القائمة مبرراً لاتهام الهاربين من جحيم الشرق الأوسط بالمسؤولية عن كل تلك الأحداث الدامية المتكررة، ولاشك أن لتلك الآراء ما يؤيدها.

لكن كثيراً ممن يتهمون المسلمين بالإرهاب يتجاهلون الأسباب الرئيسية التي دفعت شباباً وربما مراهقين مسلمين لتفجير أنفسهم أو التحول إلى قتلة بدلاً من التمتع بحياتهم في خيرات بلادهم.
يتجاهل العالم في خضم الحديث عن تفشي الإرهاب ما يجري في سورية وليبيا واليمن والعراق والصومال وميانمار، وما جرى في مصر ودول المغرب العربي، وما جرى ويجري في مالي وأفريقيا الوسطى وأفغانستان والشيشان وباكستان وفلسطين، وغيرها كثير من البلدان التي يعيش فيها مسلمون.

يتجاهل هؤلاء الداعون إلى تجريم المسلمين مسؤولية بلدانهم عن القتل والدمار الذي أصاب ويصيب المسلمين، وعن دعم حكامهم للمستبدين الذين يحكمون المسلمين، وعن سنوات الاحتلال والإفقار التي تسببت في تضييع ثروات المسلمين.

لا تكفي تلك الأسباب أبداً كمبرر للإرهاب الذي يقوم به أفراد أو جماعات من المسلمين، لكن في المقابل؛ لا يمكن التغاضي عنها واتهام المسلمين بالإرهاب بالتزامن مع تجاهل الجذور الأساسية التي أنتجت الإرهاب، أو التعامي عمن زرعها ورعاها، وما زال.

بعض من أفزعتهم العمليات الإجرامية في نيس وبرلين وغيرهما يتعامى عمداً عن القتل اليومي للمسلمين الذي يجري في سورية أو ميانمار، وأغلبهم يغض الطرف عن مسؤولية فرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة، وغيرها من البلدان التي تشكو تنامي الإرهاب، عن بقاء آلة القتل الهمجية.

دعم القتلة لا يختلف كثيراً عن عدم منعهم.

المساهمون