محاولة لإنصاف اللبنانيّة تُقلق نسويّات

21 ديسمبر 2016
يطالبن بحماية المرأة (باتريك باز/ فرانس برس)
+ الخط -
أثار إعلان رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابيّة في لبنان، روبير غانم، عن دراسة إلغاء المادة 522 من قانون العقوبات، والتي تنص على وقف الملاحقة القانونية بحق المغتصب في حال تزوّج من ضحيّته، ردود فعل مرحّبة. ومع استمرار دراسة اقتراح الإلغاء في اللجنة، طرحت ناشطات نسويات بعض الهواجس المتعلّقة بطبيعة هذا الإلغاء وعدم ضمّه مجموعة واسعة من الجرائم التي تطاول المرأة بشكل خاص.

وينصّ اقتراح القانون الذي قدّمه عضو كتلة القوّات اللبنانيّة، النائب إيلي كيروز، في يوليو/ تموز الماضي، على "عدم توقّف الملاحقة القانونية في حال كانت الجريمة المرتكبة بموجب المواد 504 (مجامعة شخص غير الزوج لا يستطيع المقاومة بسبب نقص جسدي أو نفسي أو بسبب ما استعمل نحوه من ضروب الخداع)، و513 (كل موظف راود عن نفسها زوجة سجين أو موقوف أو شخص خاضع لمراقبته أو سلطته أو راود إحدى قريبات ذلك الشخص)، و514 (من خطف بالخداع أو العنف فتاة أو امرأة بقصد الزواج)، و518 (من أغوى فتاة بوعد الزواج ففض بكارتها)، و519 (من لمس أو داعب بصورة منافية للحياء قاصراً دون الخامسة عشرة من عمره ذكراً كان أم أنثى أو امرأة أو فتاة لهما من العمر خمس عشرة سنة دون رضاهما)". كذلك، يدعو التعديل المقترح إلى "إعادة الملاحقة أو تنفيذ العقوبة قبل انقضاء 3 سنوات عليها، إذا انتهى الزواج إما بطلاق المرأة من دون سبب مشروع، أو بالطلاق المحكوم به لمصلحة المعتدى عليها".

ويؤكّد كيروز لـ "العربي الجديد" أنّه قدّم الاقتراح "بعد تلمّس كتلتي النيابية (القوات اللبنانية) حجم الطعنة التي تمثلها هذه المادة لكل امرأة لبنانية، وهي مادة معمول بها منذ 70 عاماً، وسيشكل إلغاؤها فعلياً مكسباً كبيراً للمجتمع اللبناني". يضيف أن "هناك جهوداً متفرقة لتنزيه القوانين اللبنانية من الإجحاف بحق المرأة في مجتمعنا المؤلف من مكونات طائفية عدة، مع الإشارة إلى خصوصية جريمة الاغتصاب لأنها أسوأ وأحقر شكل من أشكال العنف ضد المرأة".

ويأتي اقتراح إلغاء هذه المادة في إطار جهود برلمانية لدراسة كافة مواد الفصل الأول من الباب السابع في قانون العقوبات اللبناني، وهو فصل "الاعتداء على العرض" في باب "الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة". ويؤكد أعضاء "الإدارة والعدل" أن الدراسة تشمل "وقف العمل بتبرئة المغتصب، ودراسة مواد القانون من 503 إلى 522، مع اقتراح تغليظ العقوبات لكل جرائم الاغتصاب".

إلى ذلك، تقول المحامية والناشطة في منظّمة كفى عنف واستغلال، المعنية بالدفاع عن حقوق النساء، ليلى عواضة، إن "القانون اللبناني يميّز بشكل واضح وصريح بين الأحكام المتعلّقة بالعنف ضد المرأة وباقي أشكال العنف". تضيف أن أسماء المواد القانونية وطبيعة الجرائم التي يعاقب عليها القانون "تُحوّل المرأة إلى ضحية يجب سترها بدل معاقبة المرتكب بشكل صريح". وتُعيد عواضة هذا الواقع إلى "الترابط بين قوانين العقوبات المدنية وقوانين الأحوال الخاصة الشخصية في لبنان، التي تتبع المحاكم الدينية والروحية".



وتصف دراسة إلغاء المادة 522 بأنها "محاولة التفاف، لأنّ ما يحدث هو تعديل في شكل القانون وليس في روحيته الذكورية". وتقدّم أمثلة على ذلك "من خلال الإبقاء على المواد التي تكرس زواج القاصرات اللواتي تعرضن للإغواء أو الخداع أو الخطف بنية أو وعد بالزواج، في ظل غياب قانون يحدّد سن الزواج الأدنى المسموح به، عدا عن التمييز ضد المرأة التي يسقط الحكم عن خاطفها بدافع الزواج، في حين يُعاقب من خطف ذكراً وتحرّش به مثلاً". كما تفترض القوانين، بحسب عواضة، "النية الحسنة لدى الذكر الذي قد يخطف أو يفض بكارة بوعد الزواج، بينما يُحوّل المرأة إلى ضحية مضاعفة نتيجة الأحكام ونتيجة نظرة المجتمع إليها".

ورغم تأكيد النائب كيروز أنه "لا نيّة لدمج نص مادة وقف الملاحقة القانونية عن المُغتصب في مواد أخرى من قانون العقوبات، والسعي لإنصاف المرأة"، تُذكّر عواضة بأن أول اقتراح لإلغاء المادة 522 قُدم قبل أكثر من 13 عاماً، وتحديداً في عام 2003، وبقي منذ ذلك التاريخ في أدراج مجلس النواب من دون الالتفات إليه، ما يؤشر إلى أنّ الإدراة السياسية وحدها هي التي تعطل أو تُسرّع إقرار القوانين في لبنان".

وفي وقت يرى كيروز أن "اللّجان النيابية أنصفت المرأة من خلال إلغاء مواد جرائم الشرف، وإقرار قانون حماية المرأة وسائر أفراد العائلة من العنف الأسري"، تدعو عواضة إلى مقاربات شاملة. وتؤكّد أنّ نقل بعض الصلاحيات في قضايا الأسرة كالنفقة وسن الزواج والحضانة من سلطة المحاكم الروحية إلى المحاكم المدنية أمر مهم، لأن الحاجات الإنسانية والاجتماعية والنفسية هي نفسها. على المدى البعيد، تأمل عواضة أن ينجح الحراك النسوي في "إقرار قانون مدني إلزامي للأحوال الشخصية، وتحويل القوانين الطائفية إلى قوانين اختيارية"، لافتة إلى أن هذه الخطوة كفيلة "بتحقيق نقلة نوعية على صعيدي الصحة والتعليم، خصوصاً مع تحديد سن الزواج بـ 18 عاماً".

دلالات
المساهمون