ضحايا أحداث سليانة يطلبون الحقيقة

01 ديسمبر 2016
بعض الضحايا فقدوا بصرهم (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -
مرّت أربع سنوات على أحداث سليانة في شمال تونس. تلك الأحداث التي لم تُمح من أذهان الأهالي بعد إصابة أكثر من 200 شخص، برصاص الرش (الخردق المستعمل في الصيد عادة) الذي استخدمته الشرطة ضد المتظاهرين، وأفقد البعض بصرهم، وما زالت الشظايا في أجساد آخرين. هي إصابات تزيد من معاناتهم خصوصاً مع عدم الحصول على العلاج الكافي.

مثل كلّ عام تتجدد احتجاجات الأهالي أمام مقر الولاية بالتزامن مع ذكرى الأحداث، التي حصلت في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، رافعين شعارات تندّد بتجاهل المؤسسات لمطالبهم وتجاهل هيئة الحقيقة والكرامة لهم في جلساتها العلنية التي عقدت قبل أسبوعين. كذلك، يطالبون بالنظر في القضية وكشف المتورطين في تلك الأحداث، مهددين بالتصعيد هذه المرة في حال لم تكشف الحقائق.

على صعيد آخر، يؤكد المحتجون على ضرورة تفعيل محضر الاتفاق الذي جرى توقيعه بين الاتحاد الجهوي للشغل بسليانة والحكومة في تاريخ 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015. وينص على صرف المساعدة الاستثنائية الشهرية وقدرها 100 دولار أميركي إلى مستحقيها وعددهم 9 أشخاص. بالإضافة إلى تشغيل القائمة المتفق عليها وعدد أفرادها 12 في المؤسسات العمومية بالجهة في أجل أقصاه 15 يناير/ كانون الثاني 2017. ومواصلة الإحاطة الصحية والاجتماعية بجرحى الرش.

يذكر أنّ أحداث سليانة عام 2012 جرت في إطار وقفة احتجاجية للأهالي طالبت بالتنمية والتشغيل. وقد أثارت الحادثة موجة احتقان في الشارع التونسي الذي ندد باستخدام هذا السلاح. إثر ذلك، شُكلت لجنة تحقيق برلمانية تتولى البحث والتقصي حول حقيقة ما حصل في ذلك اليوم. وقد قامت اللجنة المذكورة بأعمالها بعد استجوابها الأهالي وأغلب المشاركين في تلك الاحتجاجات، والمتضررين، ووالي الجهة، إلى جانب عدد من المسؤولين. وتوصلت اللجنة إلى جملة من التوصيات الهامة خلال عرض تقريرها الذي أحالته أيضاً على الرئاسات الثلاث.

وقفة احتجاجية (العربي الجديد) 


بدورها، تتحدث المحامية ايمان البجاوي عن معاناة المصابين بالرش، مشيرة إلى أنّ الكادر الطبي الذي تولى العناية بهم ركز فقط على الإصابات التي طاولت العيون وأفقدت العديد من الأشخاص البصر. مع ذلك، فإنّ الرش أصاب أجسادهم. تطالب بفتح بحث تحقيق إداري في وزارة الداخلية، كما طالبت بتوفير متابعة نفسية وطبية للمصابين بالرش.


من جهته، يقول حمدي البراري الذي أصيب في عينه اليسرى، لـ "العربي الجديد" إنّه لم يشارك في الاحتجاجات لكنّه أصيب خلال عودته من المعهد. يعاني هو اليوم من مشاكل على مستوى العين اليسرى التي لم يعد يبصر بها. ويشير إلى أنّ بعض الشظايا ما زالت داخل عينه، وهي التي قال الأطباء إنّها لن تشكل خطراً. وكان قد أجرى عملية جراحية في فرنسا، ولدى عودته إلى تونس قال له الأطباء إنّ عليه أن يجري كذلك جراحة أخرى تكلفتها 25 ألف دولار، بينما والداه عاجزان عن توفير المبلغ حتى اليوم.

كذلك، يطالب محجوب الحرباوي، وهو موظف فقد البصر في العين اليمنى، بإرساله الى الخارج ومداواته هناك. يشير إلى استغراب المصابين من عدم تحديد جلسة لهم في إطار جلسات الاستماع العلنية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان لهيئة الحقيقة والكرامة، بالرغم من أنّ الهيئة تعنى بالانتهاكات التي حصلت منذ عهد الرئيس الحبيب بورقيبة حتى عام 2012.

إلى ذلك، يدين كلّ من الاتحاد الجهوي للشغل بسليانة، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تعطل المسار القضائي في قضية أحداث الرش بسليانة. ويطالبون بتحقيقات جدية في الأحداث تكشف عن حقيقتها وعن مرتكبي تلك الانتهاكات. ترفض هذه الجهات امتناع المسؤولين المباشرين لعملية الاعتداء بالرش على أهالي سليانة عن الإدلاء بشهاداتهم رغم استدعاء المحكمة لهم.

كذلك، يشير الاتحاد إلى أنّه في ضوء عدم التزام الحكومة بكلّ بنود الاتفاق الأخير، فإنّ أبناء الجهة سيضطرون إلى الدخول في إضراب عام.

يذكر أنّ وزير الشؤون الاجتماعية السابق أحمد عمّار الينباعي تعهد برفع طلبات المتضررين. والتسريع في البت في القضايا المرفوعة من قبل الضحايا، مؤكداً على منح المتضرّرين إعانات اجتماعية استثنائية.

كذلك، جرى الاتفاق على جملة من الإجراءات تتمثّل في توفير فرص عمل بحسب مؤهلات المصابين، بالتنسيق مع المصالح العمومية المختصة. والإحاطة النفسية بالتلاميذ المتضرّرين. وتوفير بطاقة العلاج المجاني لمن لم يحصلوا بعد عليها. وتوفير الدواء والمستلزمات الضرورية للصحّة غير المتوفرة في المؤسسات الاستشفائية العمومية. وكذلك، تقديم التمويل للراغبين في تأسيس مشاريع خاصة. مع ذلك، لم تتحقق معظم التعهدات بحسب المصابين.