الدنمارك تخفّض إعانات البلديّات

30 أكتوبر 2016
المعاناة ستشمل كثيرين (العربي الجديد)
+ الخط -
ليس غريباً أن تجد عائلة دنماركيّة اليوم من دون سقف يأويها. فمنذ بداية الشهر الجاري، دخل قانون "سقف المساعدات النقدية" (راتب شهري يتلقّاه المواطنون والمقيمون من البلديات) حيز التنفيذ بناء على رغبة حزب الأقلية اليمينيّة الحاكم "فينسترا".

وبعدما عمدت وزيرة الدمج والهجرة انغا ستويبرغ إلى تخفيض الراتب الشهري إلى حدوده الدنيا خلال الصيف الماضي، بهدف جعل الدنمارك أقل جذباً للاجئين والمهاجرين، ذهبت الحكومة خطوة إضافية من خلال إقرار قانون "سقف المساعدات النقدية"، ما أدّى إلى عدم قدرة البعض على دفع بدل إيجارات بيوتهم.

وفي ظلّ الاحتجاجات السياسيّة والشعبيّة، طالبت البلديّات المواطنين، بدءاً من الشهر الجاري، بإيجاد مساكن بديلة. وتتفاقم أزمة هؤلاء المواطنين مع بداية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، إذ أن القانون المتعلّق بالإعانة الاجتماعية ينصّ على تخفيض الإعانات، إذا ما كان عمل أحد الزوجين جيّداً.

بعض العائلات، بما فيها تلك الدنماركية، تعيش اليوم حالة قلق، بعدما اضطرّ عدد منهم إلى نقل أثاث المنزل ووضعه لدى الأقارب استعداداً لما هو أسوأ مع بداية الشهر المقبل، بسبب عدم القدرة على دفع بدل إيجار شهرين متتاليين. ورغم الاحتجاجات الشعبية والقانونية، أصرّت الحكومة على تطبيق مشاريع التقشف وتخفيض الإعانات، وهو أمر يشمل الدنماركيّين العائدين إلى بلادهم.

حسم بيتر وزوجته صوفيا خيارهما بالانتقال إلى شقة أخرى. يقول إنه أخبر موظّفة البلديّة بأنّه غير قادر على دفع بدل الإيجار، فأعفي من دفع بدل إيجار ثلاثة أشهر قبل تركه الشقة. يلفت إلى أنه وضع أثاث بيته لدى والدته، ريثما يجد شقة رخيصة. كذلك، تشكو عائلات من أصول مهاجرة بسبب قسوة الظروف. على سبيل المثال، اضطرت أم مهدي إلى الاستدانة والاشتراك في جمعيات، بعدما خفّضت الإعانة من البلدية إلى النصف خلال فترة قصيرة.

وتعاني بعض العائلات العربية من ظروف صعبة، خصوصاً اللاجئين الجدد، أو العاطلين عن العمل من المهاجرين، بعدما وجدوا أنفسهم عاجزين عن تسديد بدل إيجار منازلهم وتلبية احتياجات معيشية أساسية. في هذا السياق، يشرح الموظف في مجال الدمج في بلدية آرهوس (حيث يقيم آلاف العرب)، لبيب النمر، لـ "العربي الجديد"، أنه خلال الفترة الماضية، عجّت مكاتب البلدية بمئات الذين يشكون بسبب الوضع الاقتصادي الصعب.

من جهتها، تقول المتطوعة في مجال المساعدات الإنسانية، ماريانا سورنسن، لـ "العربي الجديد"، إنها لم تتوقف طيلة شهر أكتوبر/ تشرين الأول عن الكتابة للجهات والأحزاب السياسية، لافتة إلى أن بعض العائلات تستخدم الإعانات التي يحصل عليها الأطفال لتأمين احتياجاتها.



ولا ينفي النمر أن يكون تأثير الخطوة كارثياً بالنسبة لعائلات كثيرة تعيش في الضواحي، إذ سيجد البعض أنفسهم من دون مأوى، إذا ما عجزوا عن تسديد بدل الإيجار في وقته. وبحسب الأرقام الصادرة عن وزارة التشغيل و"مجلس الأطفال" في 26 الشهر الجاري، فإنّه وبعد مرور ثلاثة أسابيع فقط على تطبيق القانون الجديد، تأثّر 43 ألف طفل تحت الثامنة عشرة بسبب تخفيض رواتب أهلهم. وتبيّن أنّ من بين هؤلاء 18 ألف طفل من أصول مهاجرة، قد يصنّفون في خانة الفقراء.

ويقول وزير الشغل يورن نيدغارد لارسن، وهو من الأقلية اليمينية الحاكمة، أن الهدف من القانون الجديد هو "دفع المزيد من الحاصلين على الإعانة الشهرية نحو سوق العمل". يضيف أن "أسوأ ما يمكن فعله مع الأطفال هو اعتماد آبائهم على المساعدات النقدية الشهرية. وما فعلناه من خلال القانون الجديد هو إنشاء أساس جيد للوالدين ليكون لهما موطئ قدم في سوق العمل".

ورغم صعوبة الظروف، تتوقّع الوزارة أن يتّجه الناس أكثر إلى سوق العمل، بعدما اعتمد البعض على المساعدات الشهرية على مدى السنوات العشر الماضية. وبحسب الأرقام الرسمية، فإن نسبة النساء الوحيدات اللواتي يرعين أطفالهن، واللواتي تضرّرن بسبب هذا القانون الجديد، تصل إلى 69 في المائة.

تبقى الإشارة إلى أن قانون سقف الإعانة يشترط أن يعمل الزوجان 225 ساعة (لكل منهما) على مدى 12 شهراً. وبدءاً من هذا الشهر وحتى 31 مارس/ آذار المقبل، (على مدى ستة أشهر)، سيكون كل شخص ملزماً بإثبات أنه عمل 113 ساعة ليتمكن من الحصول على إعانة ودعم السكن.

أول من أمس، خرجت دنماركيّة تحمل يافطة وتطلب العمل في محطة قطارات في مدينة "غرينو"، فما كان من الموظفين إلا أن منحوها وظيفة تدريس النساء اللاجئات اللغة الدنماركية في المدينة نفسها.