"حياة أفضل"

19 أكتوبر 2016
يحلمان بحياة... (يوآف لمير/ فرانس برس)
+ الخط -

لم تُدرَج أيّ مناسبة عالميّة على روزنامة الأمم المتّحدة في تاريخ هذا اليوم، التاسع عشر من أكتوبر/ تشرين الأوّل. أمّا غداً في العشرين منه، فمناسبة رسميّة يغيب الاحتفال بها هذا العام. لا ينشغِلَنّ بالكم في التحليل. المنظّمة الأمميّة لم تعدل عنها ولم تعلّقها لسبب موجب، غير أنّها لا تحتفل باليوم العالميّ للإحصاء سوى مرّة واحدة كلّ خمس سنوات. هكذا ارتأت الجمعيّة العامة للأمم المتّحدة عند إطلاقه.

في العام الماضي، كان الاحتفال الثاني بهذا اليوم المستحدث، تحت عنوان "بيانات أفضل من أجل حياة أفضل". لا شكّ في أنّ شعار المناسبة "منطقيّ" إذ يشير إلى "الدور الحاسم الذي تؤدّيه المعلومات الإحصائيّة الرسميّة في التحليل واتّخاذ القرارات المستنيرة حول السياسة العامة دعماً للتنمية المستدامة". شرح قد يستأهل صفة "علميّ".

"حياة أفضل" مصطلح يتكرّر كأنّما هو لازمة ضروريّة، على قائمة المصطلحات الرسميّة الخاصة بالأمم المتّحدة. كلّ يوم عالميّ تحتفل به المنظّمة يكون "من أجل حياة أفضل"، أو قد تُستبدَل "حياة" بـ "عيش" أو "مستقبل" أو "غد" أو غير ذلك. وتبقى صفة "أفضل"، ليظلّ الفحوى واحداً.

في بلداننا العربيّة، نبحث جميعاً عن "حياة أفضل". إذا أردنا توخّي الدقّة، نقول "نبحث بمعظمنا". لمزيد من الدقّة، نقول "يبحث بعض منّا". وقد يكون هذا البعض كثيراً أم غير ذلك. في غياب البيانات، لا بدّ من بديل، قد يكون الارتجال في أحيان كثيرة. نحاول البحث عن "حياة أفضل"، على أقلّ تقدير. لكنّنا ندرك أنّ الإحصاءات الموثوقة التي من شأنها أن تساهم في بلوغ "حياة أفضل" بحسب المنظّرين، غائبة أو مفقودة أو مجتزأة - إذا أردنا أن نكون إيجابيّين - في بلداننا. وفي حال وُجدَت، مجتزأة أم غير ذلك، لا يُعمل بها. تتعدّد الأسباب، قد يكون أحدها عدم رغبة من هم أو من هو في موقع مسؤوليّة، في تأمين "حياة أفضل" أو تسهيل بلوغها لمواطنيهم أو لمواطنيه.

كلّ مخلوق بشريّ في المعمورة يبحث عن "حياة أفضل". أمر لا يحتاج إلى بيانات ترتكز على إحصاءات علميّة دقيقة. كلّ يبحث عن ذلك، بحسب تعريفه أو مفهومه لـ "الحياة الأفضل". لا جدوى من المقارنة هنا بين مفهوم وآخر. على سبيل المثال، لنأخذ صغيراً محروماً من النوم، على خلفيّة أزيز رصاص مستمرّ في واحد من بلداننا المشتعلة. ساعتَان من الهدنة أو وقف إطلاق النار قد تكونان "الحياة الأفضل" التي يشتهيها، تلك التي يحلم بها. هاتان الساعتان قد تكونان "الحياة" بحدّ ذاتها، من دون أيّ صفة. كثيرون في بلداننا ينشدون حياة أو عيشاً ومستقبلاً أو غداً من دون أيّ صفة.


المساهمون