ميسي على كورنيش بيروت

16 يناير 2016
أخاله شخصية كرتونيّة تصنعها مخيّلاتنا (Getty)
+ الخط -
ليونيل ميسي هنا. يمشي على كورنيش بيروت. هو لا يمشي بل يبتسم للكاميرا، طوال الوقت، ويصنع على يمينه ويساره سلسلة بشرية، وتمتد. ميسي يقف مثل أيقونة من ذهب، ملامحها الطفولية على حالها. وعن قرب، تتقلّص أكثر إلى ملامح طفل.

لم يخبر أحداً. لا أعرف أكثر من كونه لاعباً ظاهرة. في كلّ يوم يلي مباراة شارك فيها أسمعُ عن أهدافه، أخاله فناناً تشكيليّاً يرسم ألواناً في الهواء تصير أهدافاً، أم شخصية كرتونيّة تصنعها مخيّلاتنا، أم حلماً مكرّراً تجاوز الليل إلى النهار أخيراً. من يكون؟ لاعب كرة قدم. لا يعنيني ولا يعني أحداً أنه لا يعنيني. حصل، أخيراً، على جائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم للمرة الخامسة في تاريخه. مبروك له ولعائلته وفريقه وبلاده. ما علاقتنا؟

أنا بعيدة والبقيّةُ بعيدون. مجرّد كرة تأسر العالم. كرةٌ وقدمان. هناك أقدام أخرى، لكن ثمّة ما يميّز هذا اللاعب، كما أسمع على الأقل. أعرف أهمية اللعبة ولا أفهم. أحياناً أرغب في ذلك علّني أشاركهم هذا الفرح. أي نصر وأي فرح؟ الكرة الذهبية ملكه وحده. لقب أفضل لاعب في العالم للمرة الخامسة أيضاً. التاريخ فقط يشاركه إياه. بالنسبة لنا هو معلومة ومتعة. حين يلاعب كرة ويمرّرها بين أقدام كثيرة ويصل بها إلى الهدف. أصرخ الآن؟ هل نتسلّى بالمشهد إلى درجة فرح يدوم؟

بالنسبة لبعضهم هذه فرحة تطول أو حزن يطول. خسارته ليست خبراً عابراً. ليو أسّس دولة. وهذا سرّ يتشاركه مع جمهوره. الأرضُ مساحة مفتوحة والشعبُ كبير واللغة لغة جسد، مثل أياد ترفعُ في السماء ورقصات. أودّ الانضمام إلى دولته لو أنني لن أخرج منها. لكنني أخافُ الحدود المفتوحة، كما أخشى شبابيك لا تغلق. أخافُ الدخول والخروج متى شئت. كأنني في فندق. رفاهية من دون دفء.

كرة قدم وتمريرات وأهداف، جميعها تصنعُ نجماً. نجم قريب لم يعش في سماء. يمكننا لمسه على الأرض. لا بد لي من صورة معه أم أبدو غبية. أتعرفني؟ يضحك. لا يعرفنا. نحن جمهورك. حسناً لا أتابع مبارياتك ولا تبهرني اللعبة الشعبية الأولى في العالم. كيف تتحول كرة من ورقة إلى أخرى من ذهب؟ الملعب عالمٌ بحاله. لا أزقة فيه. لا روائح. لعبةٌ انطلقت من شوارع وباتت في مكان آخر.

لعبة أولى ولاعب أوّل، كأنّهما ولدان لأم واحدة، توأمان لا يتنافسان بل يتكاملان، لعبة تأسر الملايين. لا أفهم. ماذا عن ميسي؟ لا أفهم أيضاً. هل ينقص بقية البشر كرة؟ أمسكها وأرميها بعيداً. لهذا لا يعرفني ولا يعنيني.

اقرأ أيضاً: مجانين
المساهمون