حكومة المغرب لن تحلّ عقدة المرسومَين

12 يناير 2016
احتجاجاً على "الخميس الأسود" (فرانس برس)
+ الخط -

بعد "الخميس الأسود" الذي تعرّض له المدرّسون المتدرّبون المغاربة، كان تحرّك مساء الأحد أمام البرلمان المغربي هاتف المشاركون فيه بصوت واحد "الشعب يريد إسقاط المرسومين"، في ظلّ تعنّت حكومي واضح تجاه القضية. ومع ترداد "لا للمراسيم المشبوهة... ولاد الشعب يردوها"، استمرت الوقفة الاحتجاجية ساعتين، شارك فيها حقوقيون ونقابيون ومواطنون إلى جانب المدرّسين المتدربين وأهاليهم. وتجدر الإشارة هنا إلى أن المرسومَين الصادرَين عن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني يقضيان بفصل التكوين (التدريب) عن التوظيف وتقليص منحة المدرّسين المتدرّبين.

يوضح عضو اللجنة الإعلامية لتنسيقية الأستاذة جواد بوقرعي لـ"العربي الجديد"، أن "الوقفة التي نظمتها مختلف شرائح المجتمع المغربي أمام البرلمان، هدفت إلى التنديد بالتدخلات القمعية لمسيرات الأساتذة السلمية التي خرجت الخميس الماضي وواجهها تدخل أمني عنيف أسفر عن إصابة 200 مدرّس ومدرّسة". يضيف أن "البعض تعرّض لإصابات بليغة، وسُجّلت حالات فقدان ذاكرة، وأخرى فقدان البصر، بالإضافة إلى إصابات بالشلل. وقد وثّقت التدخلات الأمنية في صور وتسجيلات فيديو". ويشير بوقرعي إلى أن "المسؤول الحقيقي عن التدخل الأمني لم يُعرف بعد، في الوقت الذي نكرت وزارة العدل والحريات معرفتها بما حدث وتنصلت وزارة الداخلية من هراوات قواتها، وفيما صرّح وزير الحكومة عن عدم تعاطفه مع المدرّسين".

وكان المحتجون في وقفة "الكرامة وردّ الاعتبار للأساتذة" كما أطلقوا عليها، قد رفعوا شعارات احتجاجية تطالب بحقوق الأساتذة وإعادة النظر بالمنظومة التعليمية كاملة، منددين بالقمع والأساليب التي تتبعها السلطات المحلية لتفريق التظاهرات. كذلك حملوا صوراً للمدّرسين الذين تعرّضوا للاعتداء.

ويلفت بوقرعي إلى أن "الخطوات المقبلة التي يتبناها المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية للأساتذة، ستأخذ منحى تصعيدياً، في حين يصدر المجلس برنامجاً نضالياً على هيئة مسيرات واحتجاجات ولكنها تبقى سلمية". وعن التنسيق المسبق مع السلطات المحلية بشأن تنظيم احتجاجاتهم وتفادياً للاشتباكات مع القوات الأمنية، يوضح أن "السلطات لا تعترف أساساً بالتنسيقية وتراها إطاراً غير شرعي، وهو ما يعرقل الحصول على ترخيص للخروج بالمسيرات. وعلى الرغم من ذلك، تحملنا مسؤولية نتائج الاحتجاجات. وقد توجهنا للعمل بالدستور المغربي الصادر عام 2011، والذي يكفل في نصوصه حق التظاهر السلمي للمواطنين".

وكانت وزارة الداخلية قد أمرت بفتح تحقيق حول أسباب التدخل الأمني العنيف، إلّا أنها لم تكشف عن موعد للبت في أمر التحقيق، وبدلاً من ذلك رأت أن المحتجين "كانوا وراء استفزاز السلطات الأمنية". وذهبت إلى أن أطرافاً تقف وراء احتجاجات المدرّسين. كذلك، برّأت في بيان لها رجال الأمن من استخدامهم العنف المفرط ضدّ المدرّسين.

وفي ما يبدو تعنّتاً للمرّة الثانية من قبل رئيس الحكومة المغربية والأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، أقسم في جلسة عقدها المجلس الوطني لحزبه مساء السبت، قائلاً "أقسم بالله أنني لن أتراجع عن المرسومَين ولو أدى الأمر إلى سقوط الحكومة".

ويؤكد رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني لـ"العربي الجديد" أن "بنكيران أقسم فعلياً على عدم تنازله عن المرسومَين"، معوّلاً في ذلك على "الوثيقة التي يوقعها الأساتذة عند دخولهم مراكز التكوين (التدريب) والتي تتضمن بدورها هذَين المرسومَين، ولا يمكن التراجع الآن عما نصه القانون". ويقول إن "الحكومة تنتقد العنف ضد المدرّسين، وهي في انتظار نتائج التحقيق الذي شكلته لجنة وزارة الداخلية، كي تتخذ القرار المناسب". ويرى العثماني أنه "لا بدّ من حوار لإيجاد حلّ وسط لقضية المدرّسين"، وهو الأمر الذي لم تبحث فيه الحكومة المغربية بعد.

الجميع متمسّك بموقفه، وهو ما دفع التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين إلى نشر "بيان للرأي العام" حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، تندّد فيه قمع المدرّسين. ووجهت الانتقاد إلى "الدولة المغربية، بأنها واجهت الاحتجاجات السلمية بقمع همجي مسعور أثبتت من خلاله عن طبيعتها الحقيقية ووجها الدموي البشع"، مضيفة أن "ما وقع الخميس الأسود 7 يناير 2016 لا يعبّر فقط عن المضمون الحقيقي للعهد الجديد ومغرب الاستثناء وحقوق الإنسان، بل تعبير ضمني عن إجهاضها كل مقاومة شعبية".

اقرأ أيضاً: عنف بحقّ "الوزرة البيضاء" في المغرب
دلالات