"المغرب غير النافع"

15 اغسطس 2015
نجا من الفيضانات (فاضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة في المغرب، شهدت محافظة أزيلال الواقعة وسط البلاد، سيولاً جراء هطول أمطار غزيرة، ما أدى إلى سقوط خمسة قتلى، وقد انتشلت جثة لطفلتين وامرأة في عقدها الخامس، بينما ما زال البحث جارياً للعثور على جثتي امرأتين مفقودتين.

وأعادت الفيضانات التي ضربت منطقة أزيلال إلى أذهان العديد من المغاربة، شبح الفيضانات المدمرة التي ضربت بعض مناطق الجنوب في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي أسفرت حينها عن مقتل ما يزيد من 36 شخصاً، وتدمير العديد من القناطر والبنى التحتية.
وكان المغرب قد أعلن رسمياً، خلال الفيضانات السابقة، مدينة كلميم الواقعة جنوب البلاد، منطقة منكوبة بسبب "العزلة التي عاشتها"، جراء فيضان الأودية المحيطة بالمدينة، ما أدى إلى تضرر معظم البنى التحتية. ويرى مراقبون أن الفرق بين الفيضانات الحالية، وتلك التي شهدتها البلاد العام الماضي، يتجلى في عدد الضحايا الكبير الذي سقط العام الماضي، بخلاف ما جرى في الأيام الأخيرة. إذ شهدت البلاد أمطاراً غزيرة ورياح شديدة أدت إلى انجراف ثلاثة منازل طينية، أحدها كان يأوي ثلاث نساء وطفلتين. وأدت أيضاً إلى تدمير ثلاث قناطر، ومحاصرة سكان المنطقة وعزلهم عن العالم الخارجي، بسبب انقطاع الطرق. أيضاً، نجم عن تلك السيول الجارفة خسائر زراعية، ونفوق رؤوس من الأغنام، واقتلاع بعض الأشجار المثمرة.

ولم تشهد أزيلال فيضانات وحدها في هذا الصيف الحارق. أيضاً، شهدت منطقة أوريكا الجبلية، الواقعة في ضواحي مدينة مراكش (جنوب البلاد) فيضاناً فاجأ السياح الذين كانوا متواجدين في الوادي خلال شهر يوليو/تموز الماضي، من دون وقوع أي خسائر.
وذكّر فيضان أوريكا بالذات بفيضانات مدمرة شهدتها المنطقة في صيف عام 1995، وأدت إلى مقتل العشرات من السياح الأجانب والسكان المحليين. كما دمرت تجهيزات البنى التحتية.
ويقول شهود عيان إنّ منطقتهم ليست بمنأى عن كارثة الفيضانات في كل وقت وحين. وذلك بسبب السيول المائية التي تهدد حياة السكان، خصوصاً أولئك الذين تتواجد بيوتهم المبنية بالطين الأحمر على مقربة من الوادي. فهناك يفيض النهر بمياه الأمطار الغزيرة، من دون أن يمتلك السكان أيّ حماية أو خطة احتياطية مسبقة.

وفي هذا الإطار، تقول الباحثة في علم الاجتماع ابتسام العوفير لـ "العربي الجديد" إن المنطقة التي تعرضت لفيضان يسميها البعض "المغرب غير النافع" أو "المغرب العميق"، نظراً إلى كونها مهمشة بالكامل من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية. تضيف أن مأساة وفاة خمسة أشخاص دفعة واحدة بسبب السيول، لا يمكن ربطها بالأمطار الغزيرة. فلو سقطت كمية الأمطار نفسها في منطقة أخرى لما سقط قتلى. وتشدد على أن سبب المأساة هو تهميش الدولة للمنطقة، وعدم توفرها على الحد الأدنى من العيش الكريم، ولا على البنية التحتية اللازمة.
وتطالب العوفير السلطات المعنية بتجهيز البنية التحتية في هذه المنطقة، بالإضافة إلى جميع مناطق "المغرب العميق"، ووضع علامات وإشارات تنبه السكان والمواطنين إلى خطورة بعض الأماكن المحاذية للوديان.

بدوره، يقول الباحث في علم المناخ عبد الله لمقوتي لـ "العربي الجديد"، أن "حدوث فيضانات في فصل الصيف في البلاد يعد ظاهرة جديدة نسبياً، لكنها ليست فريدة. فقد شهدت عدد من البلدان هذا الصيف سيولا جارفة". يضيف أنه يمكن تفسير حصول فيضانات في فصل الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ما يؤدي إلى إذابة كميات الثلوج وخصوصاً في المناطق الجبلية والمرتفعات، وفي الوديان، فيرتفع منسوبها المائي إلى حد يفوق سعتها الطبيعية، فيحدث الفيضان، وهو ما حدث في أزيلال أو أوريكا.

اقرأ أيضاً: فيضانات المغرب.. الحكومة تتهرّب من مسؤوليّة التقصير