تكريت: نزوح جديد من المدينة سببه المليشيات

20 يوليو 2015
أحوال تكريت بين النزوح والعودة (GETTY)
+ الخط -



مرة أخرى، ينزح أهل تكريت، أو بمعنى آخر يهربون من المدينة، بعد أيام قليلة على عودتهم إليها، لكن هذه المرة ليس بسبب "داعش" إنما بسبب مليشيات "الحشد الشعبي" التي شنت حملة اعتقالات وخطف واسعة على العوائل التي عادت إلى المدينة، على الرغم من أن إجمالي من عاد إليها فعلياً لا يتجاوز الأربعة آلاف أسرة من أصل نصف مليون نسمة مجموع سكان تكريت.

وأفادت مصادر محلية في تكريت، عاصمة محافظة صلاح الدين شمال بغداد 180 كلم، أن عدداً كبيراً من العائلات العائدة إلى المدينة، بدأت في النزوح مرةً أخرى بسبب المليشيات المسلحة، وحملة الخطف والمساومة المالية على الضحايا، والاعتقالات بهدف انتزاع اعترافات من الشبان تحت التعذيب، وانعدام الخدمات وسرقة منازلهم، وإحراقها من "الحشد الشعبي" وفقاً للعديد من الهاربين.

وأفاد العائدون إلى تكريت في حديث لـ"العربي الجديد"، رافضين الكشف عن أسمائهم خشية استهدافهم من المليشيات، أنّ" كل شيء في المدينة مدمر من دوائر ومؤسسات وشبكات الماء والكهرباء، وأنَّ أكثر من 80 في المائة من منازل تكريت، تم إحراقها وسرقتها كاملاً من المليشيات المسلحة التي تتألف منها قوات الحشد الشعبي".

وذكر مواطنون عادوا إلى تكريت، أخيراً، أنهم سيخرجون منها مجدداً، وأنَّ عشرات العائدين نزحوا من جديد، لأن وضع المدينة غير مستقر والمليشيات تتجول بسيارات كبيرة تحمل أسلحة رشاشة ضخمة وتعتقل المواطنين في مداهمات عشوائية ليلية، فضلاً عن سوء أخلاقهم وألفاظهم الطائفية والخادشه للحياء، ما أثار حفيظة الأهالي الذين يخشون سطوة المليشيات ولا يثقون فيها، فيما يفتقد مجلس المحافظة أي سلطة على تلك المليشيات المسيطرة على تكريت كاملاً" على حد قولهم.


وكان مسؤولون حكوميون دعوا النازحين للعودة إلى تكريت بعد سيطرة القوات الحكومية عليها، عقب معارك ضارية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش)، أسفرت عن سيطرة قوات الجيش و"الحشد الشعبي" على المدينة كاملاً.

بدوره، أعلن مجلس محافظة صلاح الدين أنَّ "عدداً من دوائر المحافظة سيفتح أبوابه أمام المواطنين بعد عيد الفطر، تزامناً وعودة العديد من العائلات النازحة إلى المحافظة بعد سيطرة القوات الحكومية على المدينة قبل نحو ثلاثة أشهر إثر معارك ضد "داعش".

وذكرت عضو مجلس محافظة صلاح الدين، سحر مولود، في تصريح أنَّ "عدداً من دوائر المحافظة سيباشر عمله باستقبال مراجعات مواطني المحافظة، بعد عطلة العيد". مشيرةً إلى أنّه "نتيجة العمليات العسكرية في المحافظة، فإنَّ عدداً من البلدات يعتبر مناطق منكوبة، وأنَّ الخدمات المقدمة للمواطنين لا تتوافق مع عدد العائلات العائدة إلى المحافظة".

في المقابل، كشف وجهاء وشيوخ عشائر أنَّ ما تعلنه الحكومتان المحلية والمركزية عن استقرار الأوضاع الأمنية في تكريت غير صحيح، وأنَّ الحكومة أوقعت النازحين في خدعة كبيرة للتغطية على الجرائم التي ارتكبتها المليشيات في حق المدينة وأهلها، في محاولة للتعتيم على تلك الجرائم وطمسها، بحسب رؤيتهم.

وقال الشيخ محمد التكريتي لـ"العربي الجديد"، إنَّ "الدعوة التي أطلقها مسؤولون حكوميون قبل أسابيع لعودة النازحين إلى المدينة اكتشفنا أنها خدعة كبيرة، إذ لا توجد هناك أي خدمات، فالمدينة بلا ماء أو كهرباء بعد قيام مليشيات الحشد الشعبي بسرقة محولات، وأسلاك الطاقة الكهربائية وتدمير محطات الكهرباء والمياه وسرقة المصانع والدوائر والمؤسسات الحكومية ومنازل المواطنين وإحراقها كاملاً".

وأضاف التكريتي "فوق كل ذلك فإنَّ العائدين إلى المدينة، لم يجدوا شيئاً في منازلهم فقد سرقت المليشيات كل شيء من منازل المواطنين، ثم قامت بإحراقها أو تفجيرها"، متسائلاً، هل يعقل أن يسكن الناس في بيوت محترقة ومدمرة، بلا ماء ولا كهرباء بين المليشيات التي تتجول في الشوارع وتعتقل الشباب".


اقرأ أيضاً: "مليشيا الحشد" تجرف مئات من قبور تكريت (صور)