رغد حسون...مأساة سورية تنتهي في أعماق البحر

20 يوليو 2015
اتصل الوالد هاتفياً بإمامهم، وصلى معهم عبر الهاتف/فيسبوك
+ الخط -
اقترحت رغد على عائلتها أن يتركوها خلفهم في مصر، لأنها كانت "نقطة ضعف" قد تعرقل مسار رحلتهم التي نووا خوضها أخيراً، غير أنهم وفي النهاية قرروا البقاء معاً، وركوب الموج.

لم يكن ذلك القرار المؤلم الأخير، الذي ستواجهه العائلة السورية، إذ كانت تنتظرهم على بعد أيام فحسب، كوارث أخرى، لخيارات مريرة، ستقلب كل موازين الرحلة التي بدؤوها من مصر متجهين إلى إيطاليا، لعل أكثرها مرارة، التخلي عن جسد ابنتهما الحبيبة، بعد أن ماتت بين ذراعيهما، حتى لا يتركا أولادهما الخمسة المتبقين مع ذكرى جسد أختهم المتحللة. اتصل الوالد هاتفياً بإمامهم، الذي صلى معهم عبر الهاتف، غسلوا جسد الفتاة، وكفنوها وفقاً للطقوس الإسلامية..ودفنوها في البحر.

كانت رغد حسون، الطفلة البالغة من العمر 11 عاماً، مصابة بمرض السكري الحاد، الذي بدأ يهدد البنكرياس، فقرروا السفر إلى ألمانيا، أملاً بالحصول على علاج لها، وبالتأكيد ليس بعيداً عن حلم أوحد بات يجمع السوريين حوله، البحث عن وطن بديل مؤقت لوطن مزقته الحرب. لم تكن تلك هجرة رغد الأولى من وطنها، فقد سبق لها أن هربت رفقة أسرتها إلى القاهرة عام 2013...لكنها ستكون الأخيرة.

أوضح والد رغد، (48 عاماً) والذي كان يدير صيدلية في مدينة حلب، بحسب صحيفة "الدايلي ميل" أنه اتخذ احتياطاته الكاملة، فقسم "الأنسولين ومعدات قياسه بالدم والمحاقن" في حقيبتي ظهر، حتى يضمن عدم ضياعها، لكنّ المهربين اضطروا إلى نقل الركاب إلى قارب آخر، سباحة في البحر، في شاطئ قريب من الإسكندرية، فغرقت حقيبة الأدوية الأولى في المياه.

وتمكنت زوجته، نائلة، من الحفاظ على حقيبة الأدوية الأخرى، حيث كانت تسبح واضعة إياها على رأسها،  لكنّ المهربين المسلحين ببنادق كلاشينكوف أمروها بالتخلص منها، وعندما رفضت، ألقاها أحد المهربين بنفسه في البحر وسط استجداءاتها بألا يفعل ذلك. كان الوالدان  لا يزالان في الماء، وقد تمكنا من إعادة الحقيبة، غير أن المعدات كانت قد تعطلت، والأنسولين قد فسد.

حاول الوالدان أكثر من مرة الطلب من المهربين إعادتهم إلى مصر، فرفضوا ذلك، مع أن القارب ظل قريباً من الساحل المصري، ثلاثة أيام، حتى يتسنى للمهربين جمع عدد أكبر من المهاجرين. وكان وضع رغد قد بدأ يتدهور.

بعد خمسة أيام في عرض البحر، توفيت رغد. والدها المدمر يتذكر: "كانت تتلاشى. غمغمت (بابا بابا).. كان ينبغي عليّ أن أكون قادراً على رعايتها، حلّ المشكلة، وحماية طفلتي، التضحية بنفسي إن لزم الأمر.. لكنني لم أستطع القيام بذلك... هذا الصدع سيرافقني طوال حياتي".