قرية رمضانيّة

10 يوليو 2015
يحرص المتطوّعون على تقديم الخدمة الأفضل لضيوفهم (حسين بيضون)
+ الخط -

تتسارع وتيرة العمل قبل نصف ساعة من موعد أذان المغرب في "القرية الرمضانية" في شارع فردان، في العاصمة اللبنانية بيروت. وتزدحم عربات الطعام الخارجة من المطبخ إلى الساحة الكبيرة، لتختلط روائح المقبلات الساخنة الشهية من معجنات وشوربة مع رائحة
"الفتوش" والمُغربيّة بالدجاج التي سكبت للتو من القدور.
إنها الزحمة اليومية في "القرية" التي تعدّ واحدة من بين فعاليات خيرية مختلفة تقيمها مؤسسات وجمعيات في بيروت. وفي أحد مواقف السيارات في بيروت، تقيم مؤسسات المخزومي قريتها هذه، لتقديم وجبات الإفطار يومياً لمئات الصائمين مجاناً.

تحيط زينة لافتة بأرض الموقف من جهاته الأربع، وتمنح الزائر انطباعاً مميزاً من خلال المدافع الرمضانية المنتشرة في المكان ومجسّم القبة الكبير المنصوب عند مدخلها. في الداخل قسم المنظمون الموقف الكبير إلى نطاقات محاطة بزينة خشبية، يضم كل واحد منها عدداً من الطاولات والكراسي. ويتوسطها مسرح كبير وكراسي للعرض، إلى جانب مساحة مخصصة للعب ومطبخ مغلق.

تتصارع هناء وهي متطوعة، مع عربة الطعام الثقيلة. ومع ذلك، لا تفارق الابتسامة وجهها، لا بل تتزايد مع بدء وصول الضيوف بحسب ما تدعوهم. تقول: "تطوعنا للعمل هنا ولأكثر من يوم واحد، حباً لعمل الخير والتماساً للأجر في رمضان. جئنا من مختلف الجمعيات الاجتماعية في بيروت ومن المدارس، لمساعدة المنظمين في تقديم وجبات الإفطار". في هذا اليوم، وقع الدور على "الجمعية الوطنية للتنمية المحلية" التي تشارك من خلال 35 شابة وشاباً متطوّعين. ويوضح مشرف الجمعية عماد الدين سرية لـ "العربي الجديد"، أن "المتطوعين الذين اختاروا مشروع إفطار الصائم يطوّرون مهاراتهم الاجتماعية بشكل كبير، من خلال تنظيم الإفطار لمئات الأشخاص وتلبية طلباتهم من دون تأفف. وهم بمعظمهم محافظون على صيامهم الممتد لأكثر من 16 ساعة".

من جهته، يشرح منسق شؤون وحدة التطوع في مؤسسات مخزومي عماد شميطلي لـ "العربي الجديد" أسلوب العمل في القرية التي انطلقت قبل أربع سنوات. يقول: "بداية قسمنا الساحة إلى مناطق متعددة يشرف على كل واحدة منها عدد من المتطوعين الذين يستلمون الطعام من المطبخ، حيث يعمل فريق من الطهاة على إعداد وجبات ساخنة وطازجة للضيوف. ومن ثم ينقلونها إلى الطاولات مع المقبلات والعصائر، قبل توزيع الحلويات على الصغار والكبار".
في المطبخ الصغير، تتزاحم النساء العاملات في سكب الأطباق الساخنة وتوضيب الوجبات أيضاً، لأن المشروع مقسم إلى جزأين: الأول في القرية ويتضمن إطعام 600 صائم يومياً، والقسم الثاني قائم على توزيع الوجبات الساخنة إلى المحتاجين في منازلهم، بحسب ما يشير شميطلي.

إلى ذلك، ينقسم دوام المتطوعين اليومي إلى قسمين، فيحضر الأول ما بين الثالثة والخامسة والنصف من بعد الظهر لتوضيب الوجبات المعدة للتوزيع، والثاني ما بين السادسة والنصف والتاسعة لخدمة الصائمين وتوزيع الطعام على الطاولات. ويشدّد شميطلي على "حرصنا على توفير أفضل جو ممكن للصائم من خلال الكراسي والطاولات الخشبية والابتعاد عن أدوات الطعام البلاستيكية، إلى جانب تقديم ثلاثة عروض حيّة أسبوعياً لترفيه هادف ومفيد للعائلات المشاركة".
وفي القرية، زاوية مخصّصة لمشروع "ثوب العيد" الذي يوزّع في الأسبوع الأخير من رمضان على العائلات المحتاجة في بيروت.

تجدر الإشارة إلى أن "القرية الرمضانية" في فردان تحوّلت مقصداً للعائلات اللبنانية والسورية ذات الإمكانات المادية المتواضعة؛ والتي تبحث عن لقمة ساخنة في جوّ جميل. وهي تأتي إلى جانب كل تلك المشاريع المماثلة التي تنظمها جمعيات أهلية في الحدائق العامة والمواقف، لتسهم في مساعدة المحتاجين في خلال رمضان.

نقل خاص

تتولى حافلات تابعة للمؤسسات المنظمة نقل المحتاجين من منازلهم إلى القرية الرمضانية، إذ إنهم بمعظمهم لا يملكون سيارات خاصة. كذلك تتوفر سيارة إسعاف للطوارئ، ومواكبة لقوى الأمن الداخلي بهدف حفظ الأمن في القرية. ويستقبل المنظمون الصائمين بناءً على دعوات مجانية مسبقة، وكذلك عابري السبيل المحتاجين الذين يسجّلون أسماءهم لتوزيع ثياب العيد عليهم في وقت لاحق، بالإضافة إلى تقديمات أخرى.

اقرأ أيضاً: يا نايم وحّد الدايم