اليمن: طلاب "تعز" والمستقبل الغائم

08 ابريل 2015
نظام التعليم والأوضاع السياسية تحطم أحلام الشباب (العربي الجديد)
+ الخط -
يشكو طلاب جامعة تعز من واقع ومشاكل التعليم الذي يتلقونه، تحدثوا عن ذلك لـ"العربي الجديد" بلغة ممزوجة باليأس والحيرة.

كنت أطمح أن أصبح مهندسة ديكور "تفاجأت عندما سجلت في الجامعة بأن هذا التخصص  غير متوفر، أصبح أقصى حلمي الحصول على شهادة بكالوريوس، فاضطررت لدراسة إدارة أعمال" بهذا بادرتنا الطالبة في كلية إدارة الأعمال بجامعة تعز، هبة سعيد، لتحدثنا عن طموحاتها العاثرة والتي يشترك معها أكثر من 30 ألف طالب آخر.

لم تعد هبة (23عاما) تفكر بأن شهادتها الجامعية ستمكنها من الحصول على فرصة عمل بعد التخرج، وذلك ما جعلها تبحث لها عن فرصة عمل في القطاع الخاص والمجتمع المدني.
قالت هبة إنها على بعد أشهر من حفل توديعها للجماعة، لكنها تشعر باليأس، تعترف بأنها ليست مؤهلة عمليا للحصول على وظيفة بسبب انعدام التطبيق العملي طوال فترة الدراسة، حيث ظلت تتلقى التعليم بشكل نظري وسردي فقط.

هبة نموذج من بين ثلاثين ألف طالب وطالبة يفتشون عن المستقبل المجهول الذي ينتظرهم خارج أسوار جماعة تعز، والتي تشكل الإناث فيها النسبة الأكبر (تقريبا 70 في المائة).


طموحات مندثرة 
لا يختلف الأمر بالنسبة لشهاب ومحمد اللذين كانا يحلمان بالحصول على منحة دراسية في الخارج، يدرس شهاب في المستوى الرابع بالهندسة، وكل ما يريده الحصول على معمل لتطبيق الجوانب النظرية بشكل عملي.

يتحدث شهاب عبد الله عن وضعهم الراهن: لا نجد أستاذا متخصصا لتدريس المقررات، نريد  قاعات دراسية وجوّ هادئ وملائم خال من الضجيج السياسي الذي نعيشه منذ أكثر من أربع سنوات، لأننا أكثر من يتأثر سلبا، يؤثر ذلك على دراستنا وحتى حالتنا النفسية.

أما محمد عثمان، الذي يدرس في المستوى الأول بتخصص الإعلام، فيقول إن القسم الذي يدرس فيه وليد العام، أنشأته الجامعة كقسم ضمن كلية الآداب، ويؤكد أنه شبه خال من
 التجهيزات اللازمة ولا يوجد استوديو للتطبيق.

ويرى محمد أن أكثر ما يعرقل دراستهم هو التعليق المفاجئ، يقول: نتفاجأ دائما بتعليق الدراسة نتيجة الاضطرابات، وأصبحنا لا نأتمن على عامنا الدراسي أن يمر بأمان من بين مجنزرات الموت المنتشر في الشوارع والذي تتوقف بسببه وسائل النقل وتتوقف الدراسة نهائيا.

"هذا بلد يولد فيه الطموح مشوها ومحاطا بسياجات صلبة". بهذا يلخص محمد حال الطالب الجامعي، ولا يختلف عنه أسامة الحميري خريج هندسة الحاسوب وهو يتحدث إلينا عن أحلامه الكبيرة قبل الجامعة، وكيف تجاوز الجامعة وظروفها المؤلمة، لكن الاثنين أرجعا سبب كل ذلك إلى سياسات الدولة العتيقة، والتي يرون أنها تنهار كل يوم ويقل معها الاهتمام بالتعليم والتنمية.




ما يفكر فيه سمير صادق، حاليا هو إكمال دراسته الجامعية ثم البدء بمشروعه في مجال الاستيراد، لكن استمرار الأوضاع في التدهور يجعله أحيانا ينظر إلى المستقبل بنظرة يشوبها الإحباط والذعر والكثير من السوداوية.
كيف تريد مني أن أحدثك عن المستقبل؟ يتساءل سمير، ويتابع قائلا: أعود من الجامعة وأغرق في عناوين أخبار البلد وقنوات الأخبار، منذ أيام الكهرباء منقطعة، ولا أستطيع القراءة والشوارع مليئة بالإطارات الملتهبة، ومشتقات النفط معدومة ولا وسائل مواصلات، حتى القمح وبعض المواد الغذائية الضرورية وغاز الطبخ تكاد تكون معدومة.
وبنك البلد يصرح أن مخزونه لا يستطيع إمدادنا بضروريات العيش إلا لخمسة أشهر. لا أستطيع أن أحدثك عن المستقبل.

يتابع سمير بنبرة حزينة "زميلي في كلية الطب سُلبت روحه برصاصه طائشة، وهو في طريق عودته من الجامعة".

اقرأ أيضا:
الشباب اليمني يصارع الموت لأجل الحياة


مشاكل ومعاناة

هناك العديد من المشاكل والتحديات التي يواجهها الطلاب داخل الجامعة، أبرزها بحسب أيمن المخلافي، مسؤول القطاع الطلابي في الجامعة، السكن الطلابي، والذي يبلغ عدد الطلاب فيه ثلاثين ألف طالب وطالبة.

ويتحدث أيمن قائلا: "من المعيب أن أخبرك أنه لا يوجد سوى سكن طلابي واحد فقط للطالبات، وللعلم أن 70 في المائة من طلاب الجامعة من أبناء الريف، إضافة إلى مشكلة المعامل التطبيقية، وخصوصا في الكليات العلمية.

وحول العراقيل التي يواجهها الطلاب بعد الانتهاء من مرحلة البكالوريوس، هو صعوبة  الحصول على فرصة عمل بما يناسب تخصصاتهم، ولذلك يصاب الكثير من الطلاب الخريجين بإحباط ويأس حينما يرون أحلامهم وطموحاتهم تصطدم بواقع مرير، وخصوصا بمثل هذه الظروف التي تمر بها اليمن والتي لم تترك مجالاً للمتفوقين والأوائل.

وفي سياق متصل، يرى عميد كلية الإعلام في جامعة تعز، الدكتور عبد الحكيم المكرمي، أن ما يحتاجه الطلاب هو تحديد تخصصاتهم بما يتناسب مع قدراتهم، وتهيئة بيئتهم التخصصية بما يمكنهم من اكتساب معلومة أكثر حداثة ومهارة عملية، تميزهم عن منافسيهم، ويشير إلى أن ذلك لن يتأتي إلا بتعاون المجتمع ومؤسساته المعنية بمخرجات الجامعة وشراكة حقيقية تتحمل مسؤولياتها إلى جانب الجامعة.

اقرأ أيضا:
استثمارات الشباب اليمني تنتظر التمويل
المساهمون