اليمن .. البسطاء يدفعون الثمن

12 ابريل 2015
أزمة إنسانية وخيمة تهدد نصف سكان اليمن (العربي الجديد)
+ الخط -

فيما يستمر انقطاع المشتقات النفطية في العديد من المحافظات اليمنية، تزداد معاناة الكثير من المواطنين اليمنيين الذين تعطلت أشغالهم وتوقفوا عن العمل.

"أقف أكثر من ربع ساعة على الرصيف صباح كل يوم في انتظار وسيلة مواصلات انتقل بها إلى الجامعة، وأحيانا أتأخر عن موعد المحاضرات" بهذا تشكو عبير محمد 22 عاما، طالبة جامعية، من وضع الأزمة الحالية التي انعكست علي حياة الناس وأثرت على دراستها.

هموم البسطاء

رشيد الريمي صاحب دراجة نارية، قطع مسافة أكثر من 100 كيلو وهو يبحث عن بنزين، حيث حصل أخيرا على 20 لترا في أحد الأسواق السوداء بمدينة المخاء بالقرب من مضيق باب المندب، وقال إن المهربين يبيعونه هناك ومعهم بعض التجار بأسعار مضاعفة وباهظة.

أصبح رشيد يفكر بطريقة اقتصادية بحتة، حيث ينتظر طويلا، وبمجرد أن يأتيه أحد الزبائن لاستئجاره في مشوار صغير بالمدينة، يتفق معه على قيمة المشوار التي أصبحت تساوي أحياناً قيمة تذكرة سفر من صنعاء إلى تعز خلال الفترة الماضية.

يقول رشيد إنه يفرح كثيرا هذه الأيام عندما يمر من الشوارع المنحدرة، التي يستطيع فيها إطفاء دراجته النارية والسير مهرولا، وذلك حرصا على توفير البنزين.
ويعيش رشيد معاناة قاسية بين احتياجات أسرته التي يسعى لتوفيرها، وصعوبة الأوضاع التي دفعت العديد من زملائه إلى التوقف عن العمل.

منذ ثلاثة أيام يستيقظ عبد الرحمن (30 عاما) بعد صلاة الفجر كعادته ومهنته حدادا، ينتقل إلى "حرج العمال" هناك في جولة سنان بمحافظة تعز، وهو واحد من بين الأماكن التي يجتمع فيها العمال، وكان يأتي إليها المقاولون وأصحاب المشاريع للبحث عن المهنيين والعمال، لكنهم توقفوا جميعا خلال الفترة الأخيرة.

يقول عبد الرحمن إنه يفكر في مغادرة المدينة، والعودة إلى أولاده ومنزله الذي يسكن فيه بإحدى المناطق الريفية بمحافظة تعز، والبحث عن وسيلة أخرى للعيش، وأكثر ما يتخوف منه تدهور الأوضاع أكثر مما هي عليه الآن.

ولم يعد الشباب يحرصون على شراء الصحف اليومية خلال الفترة الأخيرة من كشك التحرير بوسط المدينة، وتصفحها وهم يحتسون الشاي كعادتهم القديمة، ولم يتبق مجال لدى الشاب وليد الحميري، خريج الجامعة، لإشغال نفسه بالعناوين العريضة للأخبار؛ إذ تبدو ملامح المستقبل الجميل الذي كان يفكر فيه مغلقة أمامه من كل اتجاه.

أكثر ما يثير مخاوف البعض في تعز، هو الذهاب إلى استهداف الشركات التجارية والمصانع؛ والتي تعد رأس مالٍ وطني يرتبط بقوت الناس وأرزاق آلاف الأسر اليمنية.
وعن هذا، يتساءل الكاتب اليمني أحمد عثمان، ما ذنب العمال مثلا الذين يحملون المطارق ومفكات المكائن في مصنع الوطنية للإسمنت، والذين تعرضوا لهجوم استهدف المصنع؟

كارثة إنسانية

المواطنون في محافظة عدن جنوبا، هم الأكثر معاناة من بين المدن اليمنية، كما يؤكد بعض الأهالي لـ"العربي الجديد" أن المعامل الصحية والمستشفيات وبقية المحلات التجارية في المدينة أغلقت تماما خلال اليومين الماضيين، ويعيش المواطنون للأسبوع الثاني أزمة إنسانية وحصارا خانقا، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا أي خدمات أساسية.

مع كل صباح يقف أسامة العزاني ضمن طابور طويل على باب مخبز خور مكسر، وهو المتجر الوحيد الذي لا يزال يعمل في المنطقة، لم تجد نفعا مناشدات الأهالي المطالبين بسرعة إغاثتهم وإنقاذهم من كارثة إنسانية حقيقية.

وكما لا يختلف الوضع في صنعاء التي تحولت إلى مدينة أشباح بعد نزوح الساكنين منها، نفسه الوضع في تعز، حيث ارتفع فيها رغيف الخبز بنسبة عشرة ريالات يمني، وتعطل فيها الكثير من أصحاب الورش والمراكز التجارية وحتى الفنادق والمعامل، والمرافق التي يتطلب العمل فيها توفر الكهرباء باستمرار.

وبحسب التقارير الدولية، فإن اليمن إلى قبل التصعيد الحالي -عاصفة الحزم- كان يواجه أزمة إنسانية وخيمة مع وجود أكثر من نصف السكان في حاجة إلى المساعدة، ومعاناة نحو 10 ملايين مواطن من انعدام الأمن الغذائي.

اقرأ أيضاً:
البطالة تلاحق موظفي السفارات في اليمن
موظفو اليمن لا يجدون رواتبهم
اختفاء الديزل يعقّد حياة اليمنيّين