مساكن تونس آيلة للسقوط

09 مارس 2015
تشكل بعض البيوت خطراً على حياة ساكنيها (الأناضول)
+ الخط -

لدى تجوالك في شوارع تونس العاصمة، لا بد أن تمر بمحاذاة أبنية وبيوت قديمة، لا يقلّ عمرها عن الخمسين عاماً وربما أكثر. لهذه الأبنية والبيوت مكانتها في قلوب التونسيين. ما زال بعض الناس يقطنون فيها، على الرغم من كونها مهددة بالسقوط، فيما اختار آخرون تركها حفاظاً على حياتهم. لكن ذلك لا يعني أنها ما عادت تشكل خطراً على المارّة. ومن حين إلى آخر، تكتب الصحف عن سقوط بعض شرفات تلك المباني، فوق رؤوس المارة.

يبلغ عدد المساكن الآيلة للسقوط، أكثر من ثلاثة آلاف في العاصمة. يكفي أن تمر في مناطق باب الخضراء أو باب بحر أو شارع الحرية أو لافيات، لتلاحظ الأبنية الإيطالية والفرنسية الطابع. لكنها تحولت بمعظمها إلى هياكل مهجورة، يخشى السكان أن تنهار مع هبوب أوّل عاصفة. هكذا صارت عبئاً على المدينة. رفض بعض سكانها تركها، علماً أنهم يدفعون بدلات إيجار زهيدة، تتراوح ما بين 20 إلى 30 ديناراً (نحو 15 دولاراً) في الشهر، وفق قانون الإيجار القديم. سبب يجعلهم متمسكين بالعيش فيها، على الرغم من أنها تشكل خطراً على حياتهم.

وتأتي محافظة بنزرت في المرتبة الثانية، لناحية عدد المباني الآيلة للسقوط، لا سيما في منطقة بورقيبة، التي تعد إحدى أجمل المناطق (شمال البلاد)، وقد أُطلق عليها اسم "باريس الصغيرة". لكن هذه الأبنية نفسها باتت تعطي المدينة صورة قبيحة، وقد تحولت إلى مكان لرمي النفايات وغير ذلك.

صدر عام 2011 نحو 5700 قرار بالهدم، لكن لم ينفذ منها إلا 277 قرارا، بحسب وزارة الداخلية. وتقع غالبية هذه المباني في الأحياء القديمة، علماً أن بعض السكان القاطنين فيها، عملوا على ترميمها مع الحفاظ على طابعها.

في المقابل، عجزت الغالبية عن ترميم بيوتها أو هدمها بهدف إعادة بناءها، لعدم قدرتها على تحمل التكاليف. في السياق، يقول أحد المواطنين محمد الرحايلي، وهو من سكان المدينة العتيقة، إنه يعاني بسبب تصدع بيته، وخصوصاً أن حياته وحياة عائلته مهددة في أية لحظة. لكن حالته الاجتماعية لا تسمح له بدفع مصاريف الصيانة والترميم. يضيف أن "غالبية السكان يرغبون في الترميم، مع الحفاظ على الطابع المعماري للمنطقة التي تستقطب السياح".

من جهتها، تقول صاحبة أحد هذه المباني فوزية، إن الخوف لا يفارقها، وخصوصاً في فصل الشتاء. لكن ارتفاع كلفة مواد البناء يمنعها من الترميم. تضيف أنها اتصلت بالبلدية أكثر من مرّة لمساعدتها على ترميم منزلها، لكن من دون جدوى.

وينتظر أن ينجز مشروع قانون جديد، من أجل إيجاد حلول لمعالجة الأبنية الآيلة للسقوط، والتدخل بسرعة للترميم أو الهدم تجنباً لأية مخاطر. ويفترض أن ينص على وضع آليات قانونية ردعية، تلزم صاحب العقار أو من ينوب عنه بتنفيذ ما عليه من التزامات قانونية، لناحية الإسراع بعملية الترميم أو الهدم. وبهدف تجنب تلكؤ أصحاب الأبنية المهددة بالسقوط في تنفيذ قرارات الترميم أو الهدم، من المقرر أن يضم مشروع القانون أحكاما، تلزم صاحب العقار أو المتصرف فيه بدفع مصاريف الترميم أو الهدم.

في هذا الإطار، يؤكد مدير مراقبة البناء في الإدارة العامة للجماعات العامة المحلية كمال القومري، لـ "العربي الجديد"، ضرورة تحمل البلدية مسؤولية الترميم، في حال عدم التزام المالك بالمهلة المحددة، بهدف ضمان سلامة المواطنين، على أن يتحمل المالك المصاريف.

من جهة أخرى، يلفت إلى أهمية تمكين البلديات لتكون قادرة على القيام بأعمال الترميم. تجدر الإشارة إلى أن القانون رقم 77 لعام 2004، والمتعلق بالصندوق الوطني لتحسين السكن، عادة ما تنتفع منه جميع الأطراف، من مالكين وجماعات محلية ومؤسسات والمتخصصين في أعمال الترميم. كذلك، ينص الفصل الأول من القانون، على تمويل عمليات الصيانة والترميم التي يقوم بها المالكون، وتمويل ما تقوم به الجماعات المحلية من عمليات ترميم، أو توفير مرافق ضرورية لمباني معدة أساسا للسكن، وذلك نيابة عن أصحابها وعلى نفقتهم، بالإضافة إلى أعمال هدم المباني المهددة بالسقوط، درءا للخطر وإزالة أنقاضها، وذلك في إطار برنامج مصادق عليه، فضلا عن الأشغال الهادفة إلى تحسين الظروف السكنية للمواطنين، والمحيط العمراني الذي يعيشون فيه.
دلالات