المعلمة لمى.. عروس المخيم

29 مارس 2015
العروس لمى.. معلمة المخيم التي تحرس الحلم
+ الخط -

"كلا.. والديّ ليسا متعلمين، لطالما تمنّى أبي أن أصبح طبيبة، في كلّ سنة وبعد صدور النتائج الفصلية، كنت أهرع إلى البيت لأخبره بأني حصلت على المرتبة الأولى أو الثانية، كان يفخر بي كثيراً ويزداد تفاؤلاً بالحياة".. بهذه الكلمات تحكي لمى عن حياتها ما قبل المخيم، وتضيف "أبي، الجديّ الصلب الذي لم يكن يبدو عليه الحزن أو الفرح، كان يبتسم لنتائجي فقط"، وتصحح "كان أيضاً يبتسم في عيدي الفطر والأضحى".

اشتدّت المعارك وعمليات القصف على قرية لمى، التابعة لمحافظة درعا في الجنوب، سقط صاروخ أودى بحياة والدها، وخلال يوم واحد فقط رحلت العائلة خارج الحدود السورية بعد أن رحل الوالد إلى القبر، وقد مرّت أكثر من سنتين على الحادثة.

حتى أسبوعين من الآن، عاشت لمى وإخوتها الخمسة الصغار مع والدتهم في خيمة لا تكاد تتسع لهم في مخيم الزعتري، وباتت الفتاة التي وصلت في تعليمها إلى الصف الحادي عشر "الثانوي" معلّمة المخيم.

وبخلاف باقي الصفوف، كانت لمى تعلَّم الأطفال اللغة الإنجليزية، كانوا يسمعون الموسيقى معاً، والحكايات الجميلة عن التقدم العلمي في العالم، ذلك العالم الآخر البعيد، ليست غريبة كل تلك الشعبية التي تتمتع بها هذه الفتاة بين الأطفال، تقول لمى "لا يكفي أن يتعلم الأطفال الكتابة والقراءة والحساب، عليهم أن يتعلموا أن يحلموا، وأن يحرسوا أحلامهم"، وتضيف "لقد قتلوا حلمي حين قتلوا والدي ورموا بنا في هذا المخيم التعيس، لكن لا يزال بوسع هؤلاء الأطفال أن يحلموا".

اقرأ أيضاً:
المدرسة في الخيمة

نضوج كلمات الفتاة لا يوحي بعمرها الذي لم يتعد الـ 19 عاماً بعد، ورغم عمرها الصغير تعرضت لمى على طوال السنتين الماضيتين إلى ضغوطات اجتماعية كبيرة حتى تتزوج، فليس مُطمئناً جدا لفتاة في مثل سنها أن تبقى عازبة من دون وجود رجل يعيلها أو يكون مسؤولاً عنها، تقول الوالدة "كنت خائفة عليها طوال الوقت، فلا يوجد من يحمينا أو يدافع عنا هنا، لقد تزوجت لمى الآن وبات هناك من يحميها، وهي تعيش اليوم في خيمة منفصلة، ويمكنها وزوجها الحصول على معونةٍ أخرى".

تدور بعض الأحاديث عن أنّ لمى محظوظة بزواجها، إذ لا تحظى جميع العرائس في المخيم بالفستان الأبيض، وهو دليل على أن العريس - ميسور الحال - نسبياً، يقول أحمد أحد طلابها إنّ معلمته بدت جميلة جداً بالفستان الأبيض، طلاب لمى حضروا زفافها جميعاً، إلّا أنّهم لم يروها منذ ذلك الحين، لقد قصدوا خيمة والدتها مرّات عدّة يسألون عنها، لتجيبهم بأنها ذهبت إلى بيت زوجها، مع هذا لم يدرك الأطفال السبب وراء تغيّب معلمتهم المحبوبة، هم اليوم استبدلوا دروسها بلعبة الطين.

تقول لمى "أنا اليوم كوالدي، لست طبيبة أو متعلمة، لكن حتماً ستكون طفلتي طبيبة في المستقبل، وسأفرح بنتائجها المدرسية كأنها نتائجي".

اقرأ أيضاً:
هدى.. طفلة سورية لاجئة تنتظر رؤية وليدها الميت
العيش في الظل
سورية: خيمة تبحث عن أمان البيوت

المساهمون