صور إباحيّة.. أو مال في المغرب

26 مارس 2015
تعرّض النائب عادل تشيكيطو للتهديد (فاضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -
كَثر الحديث في الآونة الأخيرة عن تكرار حوادث الابتزاز الجنسي عبر الانترنت في المغرب. وعادةً ما يكون المتورطون فيها شباباً في مقتبل العمر، يرغبون في الحصول على المال بأسرع الطرق ومهما كانت الوسائل. أما الضحايا، فغالباً ما يكونون إما فتيات أو أصحاب نفوذ.

ويُصادف المغاربة صوراً إباحية لفتيات على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد صُوّر بعضهن خلسة أو بالقوة بهدف ابتزازهن في وقت لاحق. اختار بعضهن اللجوء إلى القضاء لإنصافهن، فيما فضّلت أخريات الصمت خوفاً من الفضيحة. مع ذلك، لم يصادق البرلمان المغربي بعد على مشروع قانون كان قد قدمه أحد أحزاب الائتلاف الحكومي، والذي يُجرّم نشر الصور الإباحية على الإنترنت، وخصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي.

تحكي سهام (16 عاماً) قصتها لـ "العربي الجديد". تقول إنها وقعت ضحيّة ابن الجيران الذي نجح في التقاط صور حميمة لها، وهدد بنشرها. توضح أنها تعرفت إليه قبل فترة قريبة، وكان يحاول التقرب منها بجميع الطرق "المشروعة وغير المشروعة"، ووعدها بالزواج منها بمجرد أن تبلغ السن القانوني بحسب قانون الأسرة، وهو 18 عاماً. لكن عائلتها رفضته بسبب سمعته السيئة. تضيف: "ذات يوم، كنت أزور صديقتي. إلا أنها وضعت منوماً في كوب العصير الذي قدمته لي، فنمت لتلتقط وابن الجيران صوراً لي وأنا عارية".

صدمت سهام بما حدث معها من دون علمها، وصارت تعيش كابوساً بسبب تهديد الشاب لها، حتى أنها نشر لها صورة على فيسبوك، ما دفع بعائلتها للجوء إلى القضاء. بالإضافة إلى سهام، تتعرض فتيات كثيرات للابتزاز الجنسي، من خلال تصويرهن، ثم تهديدهن بتشويه سمعتهن في مقابل الحصول على المال أو ممارسة الجنس معهن.

مال
قبلَ أشهر واجه النائب عن حزب "الاستقلال" المعارض عادل تشيكيطو أمراً مماثلاً بعدما هدده شاب ينحدر من منطقة نائية بنشر صور إباحية له إذا لم يعطه المال. يقول لـ "العربي الجديد" إنه "لم يأبه كثيراً للتهديد بقدر حزنه على أوضاع الشباب المغاربة الذين يستغلون مواهبهم وكفاءاتهم في مجال الانترنت في الاحتيال والتشهير بالناس".

ويوضح تشيكيطو أن "الشخص الذي يتعرض للابتزاز الجنسي، يجد نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما: إما مسايرة رغبات هؤلاء وإرسال المال لهم، من دون التأكد من صدق وعودهم بعدم تشويه سمعته، أو اللجوء إلى القضاء للفصل في القضية، وقد اختار الثاني".

يرى النائب أنه بدلاً من فرض عقوبات ضد هؤلاء الشباب الذين لا يتردّدون في ابتزاز الآخرين عن طريق الانترنت، من خلال نشر صور مفبركة وغير ذلك، يتعين على الدولة أن تعتني بهذه الفئة، وتساعدهم على استغلال مواهبهم في أماكن مفيدة لهم وللمجتمع.

وكان أحد المحامين المغاربة قد تعرض للابتزاز من قبل فتاة هذه المرة، هددته بنشر صور فاضحة له برفقتها، ما دفعه إلى اللجوء إلى القضاء، ليتبين لاحقاً أن الأمر يتعلق بـ"مؤامرة" شاركت فيها شقيقة الفتاة وصديقها بهدف الحصول على شقته.

فقر وبطالة
في السياق، تقول الباحثة الاجتماعية ابتسام العوفير إن زيادة حوادث الابتزاز الجنسي عبر الإنترنت تعود إلى عوامل رئيسية عدة، وخصوصاً مع تطور التقنيات وكثرة وسائل التواصل الاجتماعي التي تهدّد حياة الناس الخاصة. وبات يمكن للفرد اقتحام حياة الآخر من دون عناء. وتشرح العوفير لـ "العربي الجديد" أن "ما يفسر هذه الظاهرة أيضاً هو استسهال الشباب المغربي القيام بأمور غير قانونية حتى لو أدت بهم إلى دخول السجن"، لافتة إلى أن الأمر مرتبط بـ "قلة الوعي".

وترى العوفير أن "بعض الشباب يرغبون في الحصول على المال بأسرع طريقة ومن دون بذل أي جهد، أو ممارسة الجنس مع الفتيات، أو الانتقام". وتلفت إلى أنه عادة ما يلجأ إلى الابتزاز الجنسي شباب عاطلون عن العمل، فيبحثون عن مورد رزق من خلال الضغط على ضحاياهم، وخصوصاً إذا كانوا أثرياء أو شخصيات معروفة، مشيرة إلى أن "غالبية هؤلاء الشباب الذين اعتقلتهم قوات الأمن أخيراً ينحدرون من مدينة واد زم الفقيرة والمهمشة.

تجدر الإشارة إلى أن مدينة واد زم الواقعة في وسط البلاد، تُعرف بهشاشة وضعها الاجتماعي. وفي الآونة الأخيرة، وقع عدد من شبابها في قبضة الأمن، بعدما تبين أنهم يعلمون على ابتزاز الآخرين، سواء كانوا شخصيات مغربية أو خليجية، بهدف الحصول على المال.