مسح: كلمات العراقيين الجديدة.. العنف يولد ألفاظه

18 مارس 2015
خبراء: المحتل الأميركي نقل ثقافته إلى المجتمع العراقي (Getty)
+ الخط -

في مسح يعد الأغرب من نوعه في العراق، أنهت منظمة محلية مستقلة في بغداد، معنية بقضايا المجتمع العراقي مؤخرا، مشروع مسح اجتماعي لأكثر الكلمات تداولا في الشارع، ومدى تأثير حقبة الاحتلال الأميركي والفتنة الطائفية والنفوذ الإيراني، فضلا عن احتلال تنظيم الدولة الإسلامية أجزاء واسعة من البلاد، على المجتمع العراقي وما يتداوله يوميا من عبارات في التعامل فيما بينهم.

وأعدت البحث منظمة "حضارة" المعنية بقضايا المجتمع وحقوق الإنسان في العراق، وهي إحدى منظمات شبكة المجتمع المدني العراقية المعروفة باسم الـ"AGO".

وقال مدير المنظمة، طالب عبد الرحمن، في حديث خاص لـ"العربي الجديد" إن: "المنظمة أعدت بحثا شاملا عن المجتمع العراقي، تناول جوانب مختلفة في حياة الناس اليومية والتغييرات التي طرأت على المجتمع؛ بسبب الاحتلال الأميركي ثم الفتنة الطائفية بعده، والتدخل الإيراني، ومن بعدها احتلال تنظيم الدولة الإسلامية مساحات واسعة من البلاد، وإقامة حكم إسلامي متطرف فيها يقصي العراقي الآخر من الطوائف أو الديانات الأخرى".

وأضاف عبد الرحمن إن "جميع التغييرات التي طرأت على المجتمع العراقي، مع الأسف كانت سلبية وغير صحية، وستمتد لعشرات السنين القادمة، هذا إذا قرر ساسة البلاد اليوم أن يبدؤوا بالتصحيح من الآن، لكن ذلك غير وارد كما يبدو من الوضع الحالي في العراق".

وأوضح عبد الرحمن "يمكن لك قياس وضع المجتمع من نوع المصطلحات، والكلمات التي يتداولها كل يوم وفي كل العراق بلا استثناء، وكثير منها مصطلحات دخيلة لم تكن بالمجتمع العراقي من قبل".

وأبرز تلك الكلمات التي يتم تداولها يوميا ملايين المرات في الشارع والمدرسة والجامعة والمسجد والمقهى والبيت وعلى صفحات الإنترنت، وفقا لعبد الرحمن كانت منقسمة بين أدعية وشتائم وأوصاف.

ويضيف "نجد عبارات تتكرر كل يوم ملايين المرات مثل" الله يرحمه، الله يفك أسره، ربي ينتقم منهم، الله يشفيه" فضلا عن "ترجع سالم" وأخرى للتحذير مثل "دير بالك على نفسك أو خلي بالك على روحك" وأخرى للشتم أو الوصف.

وعادة ما تستخدم بتوظيف طائفي مثل "ناصبي وهابي داعش داعشي سني"، مقابل أخرى "رافضي صفوي مجوسي إيراني مليشياوي"، والألفاظ الشعبية التي لا يعرفها سوى المواطن العراقي مثل "صكو (قتلوه) وعلسوه (اعتقلوه ثم قتلوه)" وهي التي تطلق على الضحية الذي يقع في أيدي مليشيات الحشد الشعبي، حيث نادرا ما تكتب له حياة جديدة.

كما تجد عبارات "معدان (متخلف)، عتاك(جامع قمامة)، شروك (سكان منطقة بالعراق)، أعراب، أجلاف" في دلالة على الذين تسلموا السلطة بعد الاحتلال، وهي عادة ما تستخدم من أغلب العراقيين الغاضبين من أداء حكومتهم أو البرلمان.


فضلا عن عبارات "مات، انقتل، مفخخة، جثة، انفجار، دير بالك (انتبه)، شكو ماكو (ما الجديد) حرامي، هجوم، طگو (قتلوه) خمطو (اختطفوه)، سيطرة، تفتيش، مداهمة، اعتقال".

ويعلق عبد الرحمن على ذلك بقوله "مع الأسف لم تكن في المجتمع العراقي تلك المصطلحات، سواء الشتم أو الوصف، ويمكن اعتبارها من مخلفات الاحتلال، حيث كان المجتمع العراقي معروفا بالرقي والحرص على اختيار الكلمات اللطيفة، لكن اليوم وبفعل العنف فإن لغة العنف هي الأخرى أصبحت السائدة في الشارع، مع لغة الحذر التي عادة ما تكون مصحوبة بالأدعية".

تغير الألفاظ والقيم

وحول ذلك يقول أستاذ علم الاجتماع بجامعة بغداد الدكتور نمير حسن لـ"العربي الجديد" إن: "المنظمة أغفلت ذكر ألفاظ ومصطلحات أميركية جاء بها الاحتلال، ونشرها في الشارع العراقي بطريقته الخاصة".

ويضيف حسن "ثقافة الأميركيين تم نقل جزء منها للمجتمع العراقي، فالقاتل بات شجاعا بعد أن كان مجرما لدينا، والسارق والمرتشي بات رجلا كسيبا ويحب الرزق، والطائفي الموغل في الطائفية بات محبا لوطنه ولشعبه".

ويتابع حسن أن "المجتمع العراقي بظاهره دمر أخلاقيا وثقافيا، كون من يتصدر الساحة اليوم هم من جاؤوا مع الاحتلال، وجيل ما يعرفون اليوم بجيل الاحتلال، وهم فئة الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 17 و30 عاما، ممن نضجوا في زمن المحتل والفتنة الطائفية والنفوذ الإيراني الذي غذّى التطرف الديني إلى حد بعيد".

موضحا أن "إرثنا لا يزال موجودا في جيل ما قبل الاحتلال، ويمكن للحكومة في حال كانت صادقة في إصلاح المجتمع، وضع معالجات إعلامية وثقافية عبر برامج وطنية تصلح الكثير من الخراب، رغم أن الوضع الأمني لا يسمح بأي إصلاح، كالعازف على العود وسط مصنع للحديد، لكن لا مانع من المحاولة قبل غرق السفينة كلها".

اقرأ أيضاً:
تحطيم المحطَّم