عندما تصيب أمراض القلب اللبنانيّين الذكور في عزّ عطائهم بين 25 و30 عاماً، لا بدّ من التوقف عند ذلك والتحقّق من الأسباب التي تطال شريحة مهمّة ومنتجة في المجتمع اللبناني، خصوصاً وسط أجواء مشحونة بالضغوط اليوميّة. ونسأل: هل من وقاية مسبقة لتجنّب انتشار أمراض القلب بين هؤلاء؟ وما جديد العلاجات؟
يشير المتخصصون في القلب إلى أن أمراضه مسؤولة عن 50 إلى 60% من الوفيات، خصوصاً لدى الذين تتراوح أعمارهم ما بين 30 و40 عاماً. وهو ما يدعو إلى دقّ ناقوس الخطر، بعدما أجمعوا على أن سبب ازدياد الإصابات بأمراض القلب يعود إلى إدمان التدخين وخصوصاً النارجيلة التي تشكل عاملاً أساسياً في مضاعفة إصابات القلب، لافتين إلى أن الوقاية تحدّ منها بنسبة 80%.
خطر داهم
ويوضح الاختصاصي في أمراض القلب والشرايين الدكتور جورج غانم لـ "العربي الجديد" أن "اللبنانيّين الذكور الذين تتراوح أعمارهم ما بين 30 و40 عاماً، معرّضون لإصابات مفاجئة في القلب، نتيجة الإدمان على تدخين النارجيلة والسجائر بالإضافة إلى الضغط اليومي".
وكان غانم قد أجرى أول عمليّة وضع دعامة (روسور) في لبنان في عام 1994. يخبر أنه "في ذلك الحين، عانى المريض كثيراً وبقي في المستشفى 15 يوماً. أما اليوم، فقد بات بإمكان المريض أن يغادر المستشفى بعد ساعتَين من وضع الدعامة من خلال قسطرة القلب (التمييل)".
ويقول غانم: "بتنا اليوم أكثر شراسة في تطبيق الطرق العلميّة للحدّ من مضاعفات أمراض القلب، وذلك من خلال الفحوصات المسبقة والوقاية التي تساهم في التشخيص المبكر خصوصاً في مجال طب القلب التداخلي، إذ نلجأ إلى الدعامة التي تعدّ أسرع الطرق العلاجيّة. والدليل على ذلك أنه في السابق كان الأطباء يلجأون إلى فتح الشرايين بواسطة البالون لدى 30% من الذين يخضعون للقسطرة. أما اليوم، فيلجأ الأطباء إلى البالون في 50% من الحالات، وإلى جراحة القلب المفتوح في 20% من الحالات".
يضيف: "كذلك لم تعد عمليّة زرع صمام القلب مرتبطة بالجراحة، بل أصبحت تتمّ اليوم بواسطة القسطرة، خصوصاً لدى المسنين"، مشدداً على ضرورة "الأخذ بعين الاعتبار الفحوصات المخبريّة المسبقة لكل فرد تخطى عامه الخمسين، لا سيّما تلك التي تؤشّر إلى التهاب في الشرايين، بالإضافة إلى المسح الضوئي للكشف عن نسبة الكالسيوم على الشرايين".
وفي ما يتعلّق بالتطوّر المسجّل في مجال علاج أمراض الشرايين، يقول غانم إن "ثمّة تطوراً كبيراً في الدعامات المطليّة المغلفة بالأدوية التي تخفّف بنسبة 40% معاودة الانسداد، في مقابل 15% من الدعامة العادية التي لا تمنع الشرايين من أن تضيق مع مرور الوقت خصوصاً لدى مرضى السكري أو المدخنين". ويشرح أن "المواد التي تفرزها الدعامة المطليّة في خلال أول ستة أشهر من زرعها، تمنع الخلايا من إعادة التكاثر وبالتالي تحمي الشرايين من التصلب المفاجئ. والجديد في هذه المسألة هو أن ذوبان الأدوية على الدعامات المطليّة في داخل الشرايين، يعمل على توسيعها بشكل تلقائي ويمنع الترسبات من التكاثر ويقضي بالتالي على المواد المضرّة في الشرايين".
ولعلّ أبرز ما توقّف عنده غانم، هو أنه "أصبح بإمكان الأطباء المتخصصين في جراحة القلب إصلاح الصمام وتغييره من دون جراحة. وبالفعل، أجريت أخيراً في لبنان وبنجاح، عمليّة زرع صمام أبهري من دون جراحة عن طريق القسطرة".
لكن غانم يعود ليشدّد على أن "الابتعاد عن التدخين في عمر مبكر يحمي من أمراض القلب. فالإدمان عليه يزيدها بنسبة 30 إلى 40%، مع الأخذ بعين الاعتبار الرياضة والمشي لمدّة 20 دقيقة اللذَين يسلحان الإنسان بالصحة مدى الحياة".
زرع بلا جراحة
من جهة أخرى، توقّف الطبيب المتخصص في أمراض القلب طلال حمود في حديث إلى "العربي الجديد" عند جديد عالم جراحة القلب، قائلاً إن "أهم إنجاز طبي اليوم هو في زرع صمام تاجي بواسطة القسطرة ومن دون جراحة، وذلك بهدف فتح انسداد الصمام الأبهري. فقد بتنا نعالج بهذه الطريقة مشكلات القلب لدى المتقدّمين في السن والذين تشكّل العمليات الجراحيّة خطراً على حياتهم. وقد أنجزت 50 عمليّة من هذا النوع بنجاح".
ويشدّد حمود على "ضرورة أن يُقلع اللبنانيّون الذكور عن تدخين السجائر والنارجيلة، لأنه العامل المباشر في إصابات القلب. وتكاثر الإصابات بين 25 و30 عاماً هو ظاهرة غير طبيعيّة. ولا ننسى هنا إدمان المخدرات". ويلفت إلى "وجوب أن تتجنّب الإناث حبوب منع الحمل لأنها تزيد من احتمال مشكلات القلب لديهنّ".