دعوات إلى التعقّل بعد تكرار إيقاف أئمة في تونس

29 أكتوبر 2015
توقعات بعودة الهدوء رغم إيقاف إمام بصفاقس (العربي الجديد)
+ الخط -

تتوقع وزارة الشؤون الدينية في تونس، عودة الهدوء إلى مسجد اللخمي في محافظة صفاقس (جنوب تونس)، رغم التطورات الخطيرة التي شهدتها المنطقة، بعد أن قرر قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية بصفاقس، تمديد فترة الاحتفاظ القانوني بإمامه المعزول رضا الجوادي، ورئيس فرع بنكي، إلى جانب إمام الخمس، وأمين مال الجامع، وأمين المال المساعد، ليرتفع عدد الموقوفين في القضية إلى خمسة أشخاص.

ويأمل محامو الدفاع عن الجوادي، إمكانية إطلاق سراحه وبقية الموقوفين على ذمة القضية، اليوم الخميس. 

ويشار إلى أنه بعد سلسلة من الاحتجاجات، أدت إلى إلغاء صلاة الجمعة في المسجد للمرة الثانية على التوالي، وإيقاف محتجين، وجهت النيابة تهما رسمية إلى إمام المسجد رضا الجوادي، ورئيس فرع بنكي في صفاقس، بمخالفة قانون الجمعيات، وجمع الأموال من دون وجه حق، والاستيلاء على أموال عمومية باستغلال الوظيفة.

ومنع عدد من المصلين الإمام الجديد، ميمون الكراي، من إلقاء خطبة الجمعة الأخيرة، ما أجبره على التراجع عن اعتلاء المنبر.

وأكد المحامي في هيئة الدفاع عن المتهمين المحتجزين في قضية جامع سيدي اللخمي، أحمد المعالج، أن موكليه مستهدفون، وأنه تم الانتقام من إمام المسجد لأنه لم يذعن لقرار وزير الشؤون الدينية القاضي بعزله ظلما.

وأوضح أن هناك حججا تؤكد أن قضية جامع اللخمي في صفاقس كيدية وذات طابع سياسي، وأن العقوبة القصوى للتهمة الموجهة للإمام المعزول ومن معه، وهي جمع تبرعات بدون ترخيص، تصل إلى 15 عاما سجنا حسب القانون التونسي.

ويرى الأمين العام لنقابة الأئمة، فاضل عاشور، أنّ قرار تحييد المساجد مطلب وطني، ويعتبر أنه كان من أبرز القرارات التي اتخذها الرباعي الراعي للحوار في وقت سابق.

وقال عاشور لـ"العربي الجديد" إنّه تم منذ انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2011، توظيف المساجد وتعيين أئمة على أساس الولاء الحزبي. وبين أن حكومة المهدي جمعة السابقة التزمت بإقصاء الأئمة المسيسين، نظرا لخطاباتهم التحريضية.

وأكد أنّه تم آنذاك رصد 149 مسجدا تكفيريا، و90 مسجدا غير مرخص، وأنها كانت تنشر الخطابات التحريضية، معتبرا أنه تم ضبط أئمة غير شرعيين ومنتحلي صفة.

وأشار إلى أنّ المساجد عانت من عديد الانفلاتات، حيث ساهم بعضها في "أحداث العبدلية" عام 2012، وفي تشجيع الاعتداءات على السياسيين والتحريض عليهم.

وأوضح عاشور أن رئيس الحكومة السابق، المهدي جمعة، عزل 200 إمام، وأنه لم يحدث أي تشويش، معتبرا أنّ الأئمة رضا الجوادي، ورضا بلحاج، وحسن الشارني، تقف وراءهم أحزاب، ولهذا تم إنهاء تكليفهم.

وقال عاشور إنّ المحاولات التي يقوم بها هؤلاء، ومن ذلك ما قام به بضعة مصلين محسوبين على الجوادي في جامع اللخمي بصفاقس، هدفها التشويش، ومواصلة خدمة أجندات بعض الأحزاب، واصفا ما يحدث برقصة الديك المذبوح.

واعتبر أن ما حدث في جامع اللخمي خطير جدا، حيث تم منع أداء الصلاة، معتبرا أن في ذلك إساءة إلى الدين، وإلى الوطن.

وقالت المكلفة بالإعلام، في وزارة الشؤون الدينية، نجاة الهمامي، إن الوزارة حريصة على تحييد المساجد، مبينة أن قرارات العزل في الآونة الأخيرة جاءت نتيجة عدم التزام الأئمة بضوابط الخطة المسجدية، وهو ما حتم تدخل وزارة الشؤون الدينية.

وأكدت الهمامي لـ"العربي الجديد" أن قرارات العزل تندرج في إطار العمل اليومي للوزارة، وبالتالي فإنها ليست المرة الأولى التي يعزل فيها إمام، معتبرة أن هذا لا يعني الإقصاء، لأن الوزارة لديها أئمة من مختلف المشارب والتوجهات السياسية، ومن ذلك حزب النهضة، وعدة أحزاب أخرى.

وأكدت المكلفة بالإعلام أن هناك حملة ممنهجة من قبل بضعة أشخاص، وأن هؤلاء يشنون هجوما على وزير الشؤون الدينية، عثمان بطيخ، احتجاجا على قرارات العزل.

اقرأ أيضا:تونس: احتدام معركة الأئمة مع وزير الشؤون الدينية

واعتبرت أن موقف الوزارة بخصوص جامع اللخمي واضح، فهي متمسكة بالإمام الجديد، مبينة أنه سيعتلي مجددا منبر جامع اللخمي في صفاقس، ومن لا يريد الصلاة فبإمكانه التوجه إلى جامع آخر.

وقالت إن الدولة ستتصدى لمن يرغب في إحداث البلبلة والفوضى، لأن الدولة هي الراعية للدين وتسهر على تسيير المساجد.

وعبرت عن أملها في أن لا تحدث تطورات جديدة في جامع اللخمي خلال يوم الجمعة، لأن هذه المسائل من شأنها أن تعكر الصفو العام، وتربك أداء الصلاة، وتظل مسائل مكروهة في الدين.

وتواصل وزارة الشؤون الدينية عزل الأئمة الخارجين عن القانون، إذ تم أمس الأربعاء، عزل إمام من منطقة سيدي مشرق بولاية بنزرت، ومنع المصلين من أداء صلاة الجنازة على ميت بعلة أنه كان لا يصلي ويشرب الخمر، ما دفع أهله إلى دفنه من دون الصلاة عليه.

وقال رئيس الحكومة السابق، حمادي الجبالي، أمس الأربعاء، إن إيقاف إمام جامع اللخمي، رضا الجوادي، يسيء إلى الحريات، وإلى صورة تونس في الخارج.

وأضاف الجبالي، في تصريحات إعلامية: "نحن نعيش كبوة أخرى من كبوات الحرية في تونس"، مضيفا "الدستور يحمي حرية الجوادي وكل الذين يعبرون عن آرائهم".

وطالب بالإفراج عن الجوادي، معتبرا أن التصعيد لن يكون في مصلحة أي طرف.

وأصدر مكتب حركة النهضة في صفاقس بيانا، أمس الأربعاء، للتنديد بإيقاف الشيخ الجوادي، وعدد من القائمين على إدارة جامع اللخمي، معتبرا أن هذه الإيقافات تأتي في نفس الوقت الذي شنت فيه وزارة الشؤون الدينية حملة لعزل أئمة عرفوا بالاعتدال والوسطية، وأحبهم الأهالي في صفاقس، اعترافا بدورهم الكبير في نشر قيم الاعتدال، والدفاع عن السلم المدني.

وقال البيان، إن مكتب حركة النهضة في صفاقس، يذكر كل الأطراف بأن تونس نجحت في معالجة قضاياها الوطنية عبر الحوار والتوافق وتجاوزت بذلك أزمات كبيرة، وهي أقدر اليوم على معالجة قضاياها الجهوية بنفس النهج.


اقرأ أيضا:حركة النهضة التونسية تهاجم وزير الشؤون الدينية