أميركا في أحلام مغاربة

22 أكتوبر 2015
هناك إقبال على طلبات الهجرة إلى أميركا (Getty)
+ الخط -

"أحلمُ أن أغمض عينيّ وأفتحهما فأجدني على أرض الولايات المتحدة الأميركية. هذا حلمي الأكبر". هكذا اختصر سعيد، وهو شاب مغربي حاصل على شهادة البكالوريا ويبحث عن فرصة عمل، حلمه. يرغب في العيش في هذا البلد، ويشارك في قرعة تأشيرة التنوع الإلكترونية، علّه يفوز ويهاجر إلى هذه الأرض البعيدة.

أخيراً، انطلقت القرعة في المغرب. وأكثر من يهتم بالتسجيل هم أولئك الحاصلون على شهادة البكالوريا، والذين يملكون مؤهلات مهنية عالية. وتتيحُ القرعة للشباب المغاربة المشاركة بعد تقديم ملفاتهم الشخصية قبل إجراء مقابلات مباشرة مع القنصل الأميركي في الدار البيضاء. وفي حال قبولهم، يُمنحون تأشيرة دخول إلى الأراضي الأميركية. هناك، يبدأون البحث عن عمل قبل الحصول في وقت لاحق على الـ "غرين كارد".
وتشترط القرعة على المرشحين أن يكون في حوزتهم شهادة البكالوريا على الأقل. في المقابل، يأمل الشباب في مستقبل مهني جيد، علماً أن مهلة التسجيل تنتهي في الثالث من شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، على أن تظهر النتائج خلال شهر مايو/أيار المقبل من خلال الموقع الرسمي للقرعة.

فردوس

يقول سعيد رملي (22 عاماً) لـ "العربي الجديد" إنه يتمنى العيش في أميركا. بالنسبة إليه، الأمر بمثابة حلم، علماً أن هذا ليس حلمه وحده، بل معظم زملائه الذين سجلوا أسماءهم في القرعة أيضاً. يضيف أنها المرة الأولى التي يقدم فيها ملفه، وينتظر النتائج بفارغ الصبر عله يتمكن من تحقيق حلمه. ويرى أن الشباب، من خلال تسجيل أسمائهم في القرعة، يرغبون في السفر إلى هناك بطرق قانونية وبموافقة السلطات، وهذا يعدّ الحل الأفضل، علّهم يحصلون على وظائف في ظل تفشّي البطالة في البلاد. هذا أفضل أيضاً من "قوارب الموت".

من جهته، يقول محمد الجباس إنه تسجّل وزوجته للمشاركة في القرعة التي تتيح السفر والإقامة في الولايات المتحدة. هذه هي المرة الثانية التي يتقدم فيها بطلب مماثل، بعدما رُفض ملفه في المرة الأولى. وفي حال وفّق هذه المرة، يقول إن شهادته كتقني متخصص في آلات التبريد قد تتيح له العمل، وخصوصاً أن الآفاق هناك مفتوحة، فضلاً عن ارتفاع الأجور، على حد قوله.
وعلى الرغم من الإقبال على التسجيل في القرعة، تُشير الإحصائيات إلى تراجع عدد الذين تقدموا بطلبات من 308 آلاف طلب عام 2007 إلى 96 ألف طلب عام 2014، فيما يبلغ معدل المغاربة الذين يحصلون على البطاقة نحو ستة آلاف.

ويبحثُ مئات الشباب عن مستقبل أفضل في أميركا، التي يقيم فيها أكثر من 200 ألف مغربي، يتواجد قسم كبير منهم في ولاية فلوريدا، وتحديداً في مدينة أورلاندو، بالإضافة إلى واشنطن ونيويورك وبوسطن، وغيرها. ويعمل معظمهم في مجالات الفندقية والتكنولوجيا والمعلوماتية.
وتمكن كثير من الشباب المغاربة من تحقيق نجاحات في الولايات المتحدة، على غرار وجود ثلاثة علماء مغاربة في وكالة الفضاء (ناسا)، وهم كمال الودغيري (مهندس اتصالات)، الذي كان قد ترك المغرب في الثمانينيات، بالإضافة إلى الباحثة سلوى رشدان وأسماء بوجيبار.

وعدا عن هذه الأسماء المغربية الشابة التي حققت نجاحات علمية في وكالة الفضاء الأميركية، سطعت أسماء أخرى في مجالات الصحافة والإعلام، علماً أن كثيراً من المغاربة يعملون في عدد من المحطات التلفزيونية العربية والدولية. يضاف إلى ذلك السمعة الطيبة التي يحظى بها العمال والموظفون المغاربة في الفنادق والمطاعم والمقاهي الأميركية.

إلى ذلك، لدى الباحثة الاجتماعية ابتسام العوفير موقف آخر، تقول لـ "العربي الجديد" إن "الحلم الأميركي ليس مبهراً إلى هذا الحد"، مشيرة إلى أن "هناك قصص كثيرة لأناس فشلوا في هذا البلد الذي أرادوا تحقيق الكثير من خلاله، ما أدى إلى إحباطهم. كان هؤلاء قد رسموا أحلاماً كثيرة أرادوا تحقيقها في هذا البلد. لكن الواقع في بعض الأحيان يكون أصعب، إذ أنهم لما وصلوا إلى هناك، اصطدموا بواقع آخر لم يتمكنوا من مجاراته". تضيف أن ذلك أدى إلى انحراف البعض، فيما عاد آخرون إلى وطنهم.
تتابع العوفير أن الأساس هو أن يبحث الشاب المغربي عن فرصة عمل في بلده، ويتحدى الصعاب والحواجز التي يجدها أمامه، بدلاً من الهروب في أول فرصة نحو ما يعتبرها بمثابة جنة في أميركا، من دون أن يكون مستعداً على الصعيدين النفسي أو العلمي، بالإضافة إلى الاندماج في مجتمع يختلف تماماً عن المجتمع المغربي.

اقرأ أيضاً: شباب الراستا المغربي