الشهيدة بيان العسيلي...رفعت رأس والدها

19 أكتوبر 2015
زميلات بيان العسيلي (العربي الجديد)
+ الخط -


جاءت المعلمة باكية إلى مديرة مدرسة محمد علي المحتسب، وفي يديها آخر ورقة اختبار صححتها للشهيدة، بيان العسيلي، قبل أن تغتالها رصاصات جنود الاحتلال لحظة مرورها عبر أحد حواجزه العسكرية في مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة.

وجمعت بيان خمس علامات كاملة في اختبار الجغرافيا، كما تقول مديرة المدرسة، ميرفت حسونة، لـ"العربي الجديد"، فالشهيدة رحلت وتركت خلفها دموع زميلاتها الطالبات في صفها الحادي عشر، وتفوقاً ملحوظاً في تحصيلها العلمي على لوحات الشرف.



وتضيف حسونة "بيان الهادئة والقيادية، المجتهدة في دروسها وفي علاقاتها مع زميلاتها الطالبات ومعلماتها، وقبل رحيلها، بيوم واحد، أصرت على قراءة القرآن بصوتها الشجي، وأن تلقي قصيدة عن القدس التي وصلت لكل طالبة ومعلمة في تلك المدرسة". كما غرست لها المدرسة شجرة تحمل اسمها، كما أصرت زميلاتها أن يزين مقعدها بصورتها، والكوفية والعلم الفلسطيني، في الوقت الذي قسمن أجزاء القرآن الكريم بينهن ليقرأنه كاملاً هدية إلى روحها.

اقرأ أيضاً: آلاف الفلسطينيين يشيعون جثمان الشهيدة رهام دوابشة

"لما استشهدت بيان، احنا خسرنا نصف عمرنا" كلمات يقولها الأب أيمن العسيلي خلال حديثه لـ"العربي الجديد" وتحمل في طياتها كثيراً من ألم الفراق. ويضيف الوالد "رحلت بيان وتركت لنا فراغاً كبيراً، سأفتقد كثيراً للحيز الذي كانت تشغله في زوايا البيت، ولعلامتها العالية وتفوقها في المدرسة، سأفتقد حضورها في كل شيء، فبيان قيادية بمعنى الكلمة".

حشرجة بكاء تقاطع صوت العسيلي، وهو يقول "بيان كانت تصلي الفجر حاضراً معي، سأشتاق وقفتها خلفي في الصلاة، وسيفتقدها الفجر كثيراً، وسيرهقني فراقها". لبيان العسيلي حضور في كل مكان، فهي المحبوبة من الجميع، وصاحبة الابتسامة التي لا تغيب، "الله خالقها بتضحك" يتابع الأب.

وللشهيدة ثلاث أخوات، هي أكبرهن، وأربعة ذكور، كانت مسؤولة عن تدريسهم والاعتناء بهم عند غياب الأم، وهي من كانت ترتب ملابسهم، وتقدم لهم النصائح، تمازحهم وتلاعبهم، وتمنعهم من الخروج إلى الشارع خوفاً عليهم، الأمر الذي سيحمل أخوتها الكثير من الألم لحظة التفكير في فراقها.

"بحب أوكل من طبيخها، كانت شاطرة كثير" يستذكر الأب طعام بيان، الذي كانت تعده عندما غادرت والدتها سابقاً إلى رحلة العمرة. ويضيف "كنا نعتمد عليها كثيراً" في تدبير المنزل في غياب والدتها.

اقرأ أيضاً: فلسطينيون يشيعون جثمان الشهيدة هديل الهشلمون ويدعون للرد

منعت رصاصات جنود الاحتلال الإسرائيلي المتمركزين على الحاجز الذي يقيمونه على الطريق المؤدي إلى حي "واد الغروس" الذي تقطنه الشهيدة بيان من تحقيق حلمها في دراسة هندسة الجينات، على الرغم من أن الأب أبدى استعداده بعد نقاش معها أن يرحل إلى الأردن ويقيم معها هناك، حتى تدرس وتحقق حلمها.

ويكذّب الأب رواية القتل التي روج لها الاحتلال، أن ابنته كانت تنوي طعن جندي إسرائيلي على الحاجز. ويؤكد أن بيان كانت في طريقها لحضور دورة في اللغة الإنجليزية، وجميع أفراد العائلة يستخدمون الشارع ويمرون من مكان استشهادها بشكل يومي، موضحاً أن جنود الاحتلال والمستوطنين يسيطرون على الشارع، ويمنعون الفلسطينيين من استخدام المركبات، ويؤكد أن ما جرى مع بيان، هو عملية إعدام مع سبق الإصرار.

جل ما كانت تريده بيان، هو أن ترفع رأس والدها في الصحف المحلية، هذا ما كانت تخبره به عندما يجري نقاش عن التخصص الجامعي الذي كانت تنوي دراسته، وكان الأب يبلغها، أن رأسه مرفوع "رفعتِ راسي يابا يا بيان، راسي مرفوع" ختم الأب حديثه لـ "العربي الجديد.

اقرأ أيضاً: "ثورة السكاكين" تقوّض صورة نتنياهو الأمنية

المساهمون