"جسور الحبّ" تتساقط في دير الزور

21 سبتمبر 2014
السكان يعتبرون الجسور المنهارة من شهداء المدينة(أحمد عبود/فرانس برس)
+ الخط -

لطالما كانت جسور مدينة دير الزور، المقامة على نهر الفرات الذي يقسم المدينة إلى قسمين بفرعيه الصغير والكبير، مكاناً لتلاقي عشاق المدينة، وتخليد ذكرياتهم على الأشجار الممتدة على ضفتيه.

ومع استمرار قصف النظام للمدينة، يتوالى سقوط جسورها السبعة. في البداية سقط جسرا "إيمان حجو" و"كنامات" على الفرع الصغير للنهر. بعدها انهار "الجسر المعلق" على الفرع الكبير للنهر، منتصف عام 2013 نتيجة القصف. وهذا الجسر بالذات، يعتبر أحد رموز المدينة. كما أنّه الأجمل والأقدم بين الجسور. فقد بني عام 1931 كثاني جسر من نوعه في العالم، بعد جسر في شرق فرنسا.

أما آخر الجسور المتساقطة فهو جسر "السياسية". وقد وصفت الصفحات المؤيدة للنظام السوري، سقوطه بمفخخات الجيش، بـ"العملية النوعية".

ومع سقوط "السياسية" انقطعت المحافظة، عن ريفها الشمالي، منطقة الجزيرة، بالكامل. فقد كان المعبر البري الأخير، من الريف الشمالي إلى الجزء الواقع تحت سيطرة المعارضة السورية. وبذلك، تبقى ثلاثة جسور عاملة، على الفرع الصغير للنهر، وهي التي تصل حي الحويقة بباقي أحياء المدينة.

ويقول حسام لـ"العربي الجديد" عن ذلك، إنّ "السكان يعتبرون الجسور المنهارة من شهداء المدينة الذين تجاوز عددهم 6 آلاف شخص". ويضيف أنّ "مناطق الجسور كانت مليئة بالحياة، والشباب، كما أنّ كافة الشوارع المؤدية لها كان يقصدها عشاق المدينة، لذلك كان يسمى أحد الشوارع الملتصق بالجسر المعلق شارع العشاق".

وليس السقوط الأخير سابقة، فالقصف مستمر منذ بداية الحرب. وأوضح أبو همام لـ"العربي الجديد" أنّ "الجسور هي الأخطر في المدينة، نتيجة تلقيها الدائم للقذائف والصواريخ". ويتابع أنّ "الناشطين يستخدمون الجسور بكثرة، لكونها تصل أطراف المدينة بالريف، ويدخلون الأدوية عبرها، والمساعدات الغذائية، وهو ما يجعلها هدفا لقوات النظام".

وعن الحادثة الأخيرة، يقول أبو همام إنّ "جسر السياسية الذي سقط منذ عدة أيام، كان آخر المعابر للسكان والآليات، في عبورهم من المدينة إلى الريف وبالعكس. وهذا ما سيجبر الأهالي اليوم، على استخدام الزوارق في التنقل". ويوضح أنّ مدينة دير الزور باتت، مع سقوط الجسر، محاصرة برياً بالكامل. فالنظام يحاصر معابر عياش غرباً، والبانوراما جنوباً، وهرابش شرقاً.

وعلى الرغم من الأهمية الاستراتيجية والمعيشية لجسور دير الزور، فإنّ تدميرها يعبر كذلك عن انهيار للأحلام وذكريات الحب المرسوم على عواميدها، بحسب حسام. لكنّ ما يريحه هو أنّها باتت برعاية نهر الفرات العظيم.