الجميع مدعو إلى موائد الرحمن الجزائريّة

03 يوليو 2014
يجدون ما يشبع جوعهم في مطاعم الرحمة (تايم إنك)
+ الخط -


كما في كل عام، يقصد عابرو السبيل والمحرومون والطلبة والعمال وأولئك الذين أجبرتهم الظروف على قضاء شهر رمضان بعيداً عن عائلاتهم، مطاعم الرحمة ومآدب الإفطار الجماعي المنتشرة في مختلف مدن الجزائر وولاياتها، لتناول وجبة الإفطار.

وفي هذا العام، تقرّر فتح 691 مطعماً على المستوى الوطني تحت إشراف مصالح الهلال الأحمر الجزائري والكشافة الإسلاميّة الجزائريّة. كذلك تكفّل بعض المحسنين بشراء كل ما يلزم لتحضير وجبة الإفطار من مواد غذائيّة وخضر ولحوم، ناهيك عن دفع رواتب العمال الساهرين على العمليّة ليتسنى لهم إطعام كل من يقصد تلك المطاعم. ويلحّ هؤلاء المحسنون على عدم ذكر أسمائهم، وذلك بقصد الإحسان في السر والإطعام في العلن.

وتجدر الإشارة إلى أن عائلات فقيرة بكاملها لا تقوى على مجاراة إيقاع الاستهلاك في شهر رمضان في ظل ارتفاع أسعار المواد الأساسيّة، فتجد نفسها مجبرة على ارتياد هذه الموائد الرمضانيّة.

وفي جولة على عدد من موائد الرحمن في وسط العاصمة الجزائريّة، التقى "العربي الجديد" أبو ياسر وهو صاحب أحد مطاعم عابري السبيل عند مدخل باب الواد في العاصمة. فقال "لمست في عملي التطوّعي الخيري أن الإحسان والصدقة من أكثر مظاهر التكافل الاجتماعي التي يتمسّك بها الجزائريّون في خلال شهر الرحمة. وهو ما قد يحفظ كرامة بعض الصائمين المعوزين والفقراء الذين يجدون هنا ما يشبع جوعهم". وأشار إلى أن وجبة الإفطار تتكوّن من طبق شوربة وأطباق جزائريّة متنوّعة من قبيل «المتوم» و«الكسكس» و«طجين الزيتون»، بالإضافة إلى العصير والسلطة.


إفطار وكرة قدم

وتجدر الإشارة إلى أنه وبالتزامن مع مواعيد مباريات الفريق الجزائري في كأس العالم لكرة القدم، كانت مطاعم الرحمة تكتظّ في قلب العاصمة قبل نحو ساعتَين من الإفطار، في ساحة البريد المركزي وساحة أودان على سبيل المثال. ويعود السبب إلى أن عدداً كبيراً من الأشخاص الذين يقطنون بعيداً عن المكان، فضلوا تناول وجبة الإفطار في هذه المطاعم، حتى يحجزوا مكاناً لهم في ساحة البريد المركزي لمشاهدة المباراة التي جمعت الجزائر وألمانيا الاثنين في 30 يونيو/حزيران المنصرم على الشاشة العملاقة المنصوبة هناك منذ انطلاق كأس العالم.

وتنشط جمعيات عدّة في هذا المجال الخيري، في جملة من المشاريع مثل مطاعم الخير وموائد خاصة بالأيتام ومشاريع قفة المحتاجين التي تجمع المواد الأساسيّة على مدار شهر رمضان لتوزيعها على الأسر المعوزة والمحتاجة ومحدودي الدخل.

وتجدر الإشارة إلى المساعدة التي تقدّمها بعض النسوة والشابات للجمعيات والبلديات لجهة إعداد أطباق موائد الرحمن تطوّعاً.

وكان وزير التضامن سعيد بركات قد أكد على أن مطاعم الرحمة في رمضان ستكون مفتوحة أمام جميع الفئات من فقراء وأغنياء، وحتى للمسيحيّين وأبناء الديانات الأخرى. فقد سُمح للمسيحيّين بتناول وجبة الغداء في هذه المطاعم في خلال رمضان، نظراً للشلل الذي تعرفه بقيّة المطاعم في هذه الفترة، ما يصعّب على هؤلاء الحصول على وجبة الغداء.

وانتقد بركات بعض الممارسات المشينة في مطاعم الرحمة، إذ تحوّلت بعض المراكز إلى شبه ثكنات عسكريّة. وقال إنه شاهد شخصياً البعض يستخدمون العصي للتعامل مع الضيوف، في حين حوّل بعضهم الآخر هذه المراكز إلى مملكات عائليّة.

ولأن تجمعات المهاجرين الأفارقة التي تضم مئات العائلات أصبحت تشكّل ظاهرة حقيقيّة في العديد من ولايات الوطن، أصدرت وزارة التضامن الاجتماعي تعليماتها إلى مديريات النشاط الاجتماعي على مستوى بعض ولايات الوطن، لتخصيص مطاعم إفطار جماعي لهؤلاء المهاجرين، على أن يحدّد عدد المطاعم التي ستفتح في كل ولاية بناءً على كثافة عدد المهاجرين المتواجدين في كل منطقة، وتكون في الأماكن التي تكثر فيها تجمعات الأفارقة على غرار محطات المسافرين.

دلالات