سوريا: خيمة تبحث عن أمان البيوت

23 فبراير 2014
الخيام بيوت مكبلة
+ الخط -
اختلفت أحلام السوريين، كما اختلفت سبلهم في السنوات الثلاث الأخيرة. من حلم ببيت وسيارة، عجز أغلب المنتمين إلى الطبقات المتوسطة والفقيرة عن تحقيقه خلال السنوات الـ40 الماضية، إلى حلم بالكرامة والأمان يسعون إلى تحقيقه منذ ثلاثة أعوام. وبين الحلمين، دماء وشهداء ودمار وخراب قضى على البيوت التي بنوها بعرق الجبين والأكف.

أصبحت رحلة السوري، في سعيه للبحث عن ملاذ آمن، تقوده إلى مخيم الزعتري في الأردن، أو بلدة عرسال في لبنان، أو غازي عنتاب في تركيا، ليسكن خيمة شبيهة بتلك التي سكنها الفلسطيني قبل ما يزيد على نصف قرن.

الخيمة، التي اضطر السوريون للجوء إليها في دول الجوار، انتشرت حتى داخل بلدهم، إذ بدأت الخيام بالظهور في حيي الزاهرة والميدان الدمشقيين، وصولاً إلى ضاحيتي دمّر وقدسيا.

يقول أحد النازحين من ريف دمشق: "لم نجد مكاناً نلجأ إليه. في البداية، تجوّلتُ بعائلتي في الحدائق العامة ونمنا فيها أياماً عدة، بعد ذلك جئت إلى مدرسة مكتظة بالنازحين، فلم نحصل على مكان، لا في الغرف الصفيّة ولا حتى في الممرات، وكان نصيبنا خيمة في الباحة المدرسية أنام فيها مع عائلتي المؤلفة من زوجتي وأولادي الخمسة".

نازح آخر، كان حظه أفضل، يقول: "نعيش في غرفة صف مدرسي أنا وعائلتي وعوائل إخوتي الثلاث".

لجأ بعض النازحين الذين استطاعوا الحفاظ على مصدر رزقهم إلى الاستئجار الذي ارتفعت أسعاره بشكل قياسي، إذ باتت كلفة الإيجار تبدأ من 15 ألف ليرة (100 دولار) في أدنى حدودها لشقة صغيرة جداً في عشوائيات العاصمة.

تسكن عائلة سليم، التي نزحت من مخيم اليرموك، في واحدة من هذه الشقق، وفي شقة مماثلة ولكن في منطقة "أرقى"، تدفع أم محمد ثلاثين ألف ليرة.

في حين لم ينفع أبو رامي وعائلته ـ وهم نازحون من ضاحية حجيرة ـ انتظار عودة الأمن إليها، كما يقول الجيش النظامي، فهذه العودة لن تعيد إليه منزله الذي أصبح ركاماً، فقَدَره، كما يقول: "البحث عن خيمة قد أضطرّ لنصبها إلى جانب منزلي المدمر".

نازحون آخرون لم يجدوا أمامهم من طريقة تبعدهم عن لهيب أسعار الاستئجار وتقيهم في الوقت نفسه من ذل مراكز الإيواء سوى اللجوء إلى أقاربهم أو معارفهم، لتزدحم البيوت فوق ازدحامها. يقول أبو وليد متهكّماً، ـ وهو نازح من ضاحية زملكا ويعيش في بيت أهله في دمشق: "عدنا إلى أحضان آبائنا وأمهاتنا بعد أن سلبتنا الحرب بيوتنا".

حالة النزوح والتهجير التي يعيشها السوريين منذ ثلاث سنوات هرباً من الموت زادت من معاناتهم، لدرجة يبدو معها أنّ الموت الذي هربوا منه أهون المصائر التي قد يلقونها في محاولتهم التشبّث بأبسط أسباب الحياة الكريمة.

المساهمون