زاكية على خشبة المسرح السعودي

27 نوفمبر 2014
ناقشت المسرحية مشاكل الشباب (العربي الجديد)
+ الخط -

وقفت زاكية، بطلة مسرحية 5، على خشبة المسرح في السعودية. تحدّت "الحظر" ومنع المرأة من أداء دور تمثيلي على الخشبة، من خلال أداء صوتي قوي ومؤثّر.
لم يرها الجمهور، لأنها وقفت خلف الستار، بالرغم من أن دورها كان رئيسياً في البناء الدرامي للمسرحية، التي اختتم عرضها يوم الأحد الماضي، وتجاوز عدد الحضور الألف.

تُمنع المرأة في المجتمع السعودي من التمثيل على خشبة المسرح. إلا أن مشاركة زاكية، وإن عبر الصوت فقط، في المسرحية التي عرضت في المنطقة الشرقية، في مسرح إثراء المعرفة في مدينة الظهران، كان بمثابة نقلة نوعية، وساهم بشكل أو بآخر في إعادة الحياة إلى المسرح في المملكة. لم تحدّد المسرحية جنسية زاكية أو موطنها أو مكان إقامتها. لا نعرف عنها شيئاً سوى أنها تُدير لعبة فيديو (أونلاين)، يشارك فيها خمسة شباب. حين تتكلم، تظهر على شاشة الكومبيوتر صورة رمزية لوجهها الذي يبدو في استدارته ولونه أقرب إلى قرص الشمس، في محاولة للإشارة إلى دور المرأة الأساسي في تفاصيل الحياة اليومية.

خلال العرض، شارك في اللعبة خمسة شباب. كانوا يلعبون بحماسة شديدة. بداية، اقتصر اللعب على العالم الافتراضي. في وقت لاحق، اضطروا للقاء والتعارف على أرض الواقع، بعدما أقنعتهم زاكية بالبحث عن كنز في الصحراء. لم يكن بإمكانهم القيام بذلك افتراضياً. التقوا وبدأوا خوض مغامرة كانوا يريدونها. انصاعوا لرغبتها، لملء الفراغ الذي يعانون منه.

اللقاء على مسرح الحياة كشف لهم حقائق كثيرة يخفيها العالم الافتراضي. أحد الأبطال، وهو موظف يذهب إلى عمله كل يوم، ثم يعود إلى منزله ويقضي معظم وقته على برامج التواصل الاجتماعي، اكتشف بعد لقائه اللاعبين الآخرين، أن "الأمهر" من بين هؤلاء، الذي كانوا يطلقون عليه لقب "الزعيم"، هو شقيقه الأصغر الذي لا يتجاوز عمره 15عاماً. كان يشاركهم اللعبة من دون أن يدري. قصة دلت على مدى بعد أفراد الأسرة عن بعضهم البعض، علماً أنهم يقطنون المنزل نفسه. يضاف إلى ذلك صعوبة التعرف إلى الأشخاص في العالم الافتراضي، وسهولة الخداع وتزوير الحقائق.

مشاكل

من خلال دور البطل الثالث، تستعرض المسرحية أهم مشاكل الشباب السعودي. بالرغم من حصوله على شهادة جامعية، ما زال عاطلاً من العمل. يعاني الفراغ في يومياته. ولا يجد ما يفعله لملئه سوى "التفحيط" بالسيارات مع أصدقائه، والسهر، بالإضافة إلى اللعب على الإنترنت. اللاعب الخامس هو الأكبر سناً بين الخمسة. تظهره المسرحية أيضاً أنه أكثر استقراراً. هو متزوج وأب لطفلة. مع ذلك، يعاني الفراغ، ويبحث أيضاً عن طريقة للتخلص منه. في الواقع، كما في العالم الافتراضي، يظهر اللاعبون الخمسة وهم يترقبون بفارغ الصبر تعليمات زاكية التي تصلهم من خلال الكومبيوتر أو الهواتف الذكية. ينتظرون سماع صوتها، ولا يترددون في تنفيذ الأوامر بدقة، للتقدم في مراحل اللعبة، والاهتداء إلى الطريق الصحيح في الصحراء المحفوفة بالمخاطر، ما يضعهم في مأزق حقيقي. بعد قليل، فقدوا الاتصال مع زاكية بسبب انقطاع الإنترنت. فجأة، وجدوا أنفسهم في ورطة. خلال مأزقهم هذا، اعترف اللاعب الأول بأنه هو من قام باختراق اللاعبة وقرصنة حساب زاكية، ودعوتهم لخوض هذه المغامرة، بسبب حاجته الشديدة لكسر روتين حياته، التي تفتقر للعلاقات الاجتماعية والأصدقاء والمغامرة. أراد الخروج من العالم الافتراضي إلى الحقيقي.

لم يغضب بقية اللاعبين، وخصوصاً أن معاناتهم كانت واحدة، وهي الفراغ. كرهوا أيضاً نمط الحياة العصرية، وتفهموا دوافعه وحاجته لهذه الخدعة. فقرر الشباب الخمسة قضاء الوقت معاً، وهم يلعبون ويمرحون على التراب، تعويضاً عما سلبهم إياه العالم الافتراضي.

فنياً، حقق العمل نجاحاً كبيراً، وجذب الحضور، وخصوصاً أنه أوّل عمل مسرحي تكون فيه لعبة الفيديو عنصراً أساسياً في حبكة المسرحية، بالإضافة إلى عملية الإبهار الحركي وتناغمها الشديد، والرقصات المنسجمة مع الموسيقى والمؤثرات البصرية والصوتية. شارك في العرض نحو 60 شخصاً من جنسيات مختلفة، بخاصة بريطانيين وسعوديين، لعب غالبيتهم أدواراً ثانوية واستعراضية راقصة. وتعدّ المسرحية إحدى ثمار برنامج إثراء الفنون الأدائية والمسرحية التابع لمركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي، بالتعاون مع مسرح الشباب الوطني البريطاني، وأخرجها البريطاني بيتر كولينز.
دلالات
المساهمون