فاطمة تتغلّب على التصلّب اللويحي وتؤسّس "أرفى"

24 نوفمبر 2014
... ورفضت الاستسلام (Getty)
+ الخط -

قبل أيام قليلة فقط، كانت فاطمة الزهراني ترقد على سرير المستشفى إثر إصابتها بإحدى نوبات مرض التصلب اللويحي، الذي انتشر بشكل كبير في السعودية أخيراً. بدأت معاناة فاطمة، وهي ناشطة اجتماعية، مع هذا المرض قبل أكثر من 11عاماً، ما اضطرها إلى ترك وظيفتها في وزارة التربية والتعليم، والتقاعد باكراً.

تحكي الزهراني لـ"العربي الجديد" تجربتها المريرة مع المرض، الذي يسمى أيضاً التصلب المتعدد. تقول "عانيت عاما كاملا من فقدان التوازن، وعدم القدرة على التركيز. كانت الأغراض تسقط من يدي من دون أن أشعر. عانيت أيضاً من العزلة بسبب حاجتي للنوم ساعات طويلة. توقفت حياتي ولم تعد لدي أية قدرة على فعل شيء، أقله رعاية أسرتي. بدأت رحلة العلاج عام 2003، بعدما تم تشخيص المرض".

إلا أن الزهراني رفضت الاستسلام للمرض بالرغم من قسوته، علماً أنها عجزت عن المشي لمدة عامين ونصف العام. صارت تقاومه من خلال اليوجا والاسترخاء وجلسات المساج وغيرها. جميع هذه الأمور مدتها بالقوة لمواجهة المرض. تتابع قصتها: "كنت أعمل في قطاع التعليم، بالإضافة إلى تطوير المناهج الدراسية. كنت في ذروة نشاطي، وقد دربت ما يفوق الـ200 أستاذ على نظام المقررات. لكنني اضطررت إلى التقاعد لعدم استيعاب إدارة التربية والتعليم مرضي".

تشكو الزهراني من عدم تفهّم الآخرين أعراض التصلب اللويحي، خصوصاً أنها ليست واضحة للعيان. تقول: "نعاني من قلة التركيز وصعوبة الجمع بين عملين في وقت واحد، بالإضافة إلى المزاجية". تؤكد حاجة المريض للدعم. مرضى التصلب اللويحي قادرون على الإنتاج، لكنهم يعانون خلال فترات معينة من عدم القدرة على الإنتاج"، الأمر الذي لا يقدره الآخرون. تضيف: "في أحيان كثيرة، قد تستمر النوبة أياما أو شهورا، حتى إن آخرين يصبح لديهم صعوبة في المشي". وتشدد على حاجة المريض في ظروف كهذه إلى دعم المحيطين به، خاصة الأهل والأصدقاء وأصحاب العمل. الزهراني تعاني من أمور أخرى. بداية، لم تكن تفهم أسباب توترها، إلى أن تم تشخيص المرض، وهو ما ساعد عائلتها على احتوائها حين تصيبها أية نوبة.

في السياق، يقول استشاري المخ والأعصاب محمد الحجاب لـ"العربي الجديد" إن "أسباب انتشار مرض التصلب اللويحي غير معروفة، لكن العوامل الوراثية قد تكون أحد الأسباب. وغالباً ما يصيب سكان المناطق الباردة والدول الإسكندنافية". إلا أنه يعود ويؤكد أنه "ما من سبب رئيسي للإصابة بالمرض".

التشخيص المبكر

يضيف: "في الآونة الأخيرة، صار يتم تشخيص المرض باكراً، بسبب توفر أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، ما يعطي انطباعاً بزيادة انتشاره. ورجح إمكانية زيادة نسبة المرض في السنوات الأخيرة، في ظل كثرة الحروب في البلدان المجاورة والتلوث البيئي، وتغيير نمط الغذاء". ويلفت إلى أنه لا يمكن شفاء المريض تماماً. لكن هناك علاجات تحد من تطور المرض وتقلل من النوبات التي تصاحبه.

لأن الزهراني رفضت الاستسلام، أسست فريق "أرفى"، الذي يعمل على إعداد برامج وأنشطة ولقاءات لمساعدة المرضى وذويهم، بهدف توعية المجتمع حول المرض. و"أرفى" هو أول فريق تطوعي يستقطب شباباً مصابين وأصحاء، بهدف دعم مرضى التصلب اللويحي في المملكة من الناحية الاجتماعية والنفسية. كذلك، يسعى إلى تعريف المجتمع بالمرض وأعراضه، ورفع مستوى الوعي العام حوله، من أجل تسهيل حياة المصابين اليومية. وتتيح اللقاءات الفرصة للمرضى وأسرهم لتبادل تجاربهم وخبراتهم الشخصية. في المقابل، يعمد الفريق إلى الاطلاع على آخر المستجدات الطبية المتعلقة بالمرض، بهدف زرع التفاؤل لدى المصابين. ويعمل الفريق تحت مظلة جمعية العمل التطوعي في المنطقة الشرقية.

بالإضافة إلى ما سبق، ينوي "أرفى" رصد المرض في المملكة، ومتابعة الأبحاث الطبية الخاصة، ومعرفة كل جديد عنه، ونقله للمرضى، والاتصال بالجمعيات والمؤسسات المشابهة في مختلف دول العالم. كذلك، يعتزم الفريق خلال شهر فبراير/شباط المقبل، إطلاق حزمة من برامج التوعية تحت عنوان "نوقظ آمالنا لنتخطى آلامنا"، وتتضمن عدداً من الأنشطة والفعاليات ستستمر طيلة العام المقبل.
دلالات
المساهمون