ما وراء جدار الفصل العنصريّ

13 نوفمبر 2014
بدأ الاحتلال ببناء جدار العزل عام 2002 (Getty)
+ الخط -

لم يكن أمام مصطفى خطاب الكثير من الخيارات، حين طلب منه الجندي الإسرائيلي العودة من حيث أتى، بخاصة أنه يعيش في قرية معزولة عن العالم. انصاع لأوامر السجان، بموازاة الحرب القضائية. يدركُ تماماً أن مشكلته جزء من قضية وطن محتل يعاني من الظلم والتهجير والقتل اليومي.

في الجزء الشمالي من فلسطين المحتلة، تقع قرية "ظهر المالح"، التي يفصلها جدار الفصل العنصري عن الضفة الغربية. تحاصرها المستوطنات وسكانها محرومون من أبسط حقوقهم، كالبناء أو إدخال أسطوانات الغاز وحرية التنقل وغيرها. الصحافيون ممنوعون من الاقتراب منها أو تصويرها. وأية محاولة تعني مصادرة الكاميرات والطرد من المكان.

يقول خطاب لـ "العربي الجديد": "لم تعد الحياة تُطاق في ظهر المالح. أبحث حالياً عن وظيفة في مدينة رام الله، وآمل أن يُحالفني الحظ وأنتقل للعيش في رام الله لأرتاح من الإذلال اليومي الذي أعانيه هنا عند بوابة القهر". يشير إلى أنه "ممنوع على أهالي القرية الخروج منها أو الدخول إليها إلا في ساعات محددة خلال النهار"، مضيفاً أن هذا "يتوقف أيضاً على أولئك الذين يحملون تصريحاً خاصاً".

يتحدث خطاب عن اعتداءات المستوطنين التي وصلت في بعض الأحيان إلى الهجوم على القرية بالسلاح. يقول إن "المستوطنات ومعسكرات الجيش تُحاصر القرية من جميع الجهات. تقع مستوطنة شاكيد على بعد 350 مترا غربي القرية. وبمحاذاتها مستوطنة لتدريب جنود الاحتلال. أما من الجهة الشمالية المحاذية لظهر المالح، فتقع مستوطنات مثل حنانيت وتل منشه. وتحاذي القرية مدرسة يهودية تضم طلاباً متدينين تبعد نحو 900 متر عن بيوت الفلسطينيين، ما يجعل السكان يخشون التجول في حدائق منازلهم والشوارع المجاورة".
أيضاً، تفتقر القرية لأدنى الخدمات. فقوات الاحتلال تمنع السكان من الحصول على الكهرباء أسوة بباقي البلدات والقرى، ما دفع المواطنين إلى شراء مولد صغير يعمل لساعات محدّدة في اليوم. كذلك، لا يسمح ببناء أية مدرسة، ما يدفع الأطفال للذهاب إلى بلدة يعبد القريبة من مدينة جنين، ليكونوا عرضة للتفتيش والانتظار ساعات على البوابة العسكرية التي يحرسها جنود الاحتلال على مدار الساعة. وعلى التلاميذ مغادرة المدرسة والوصول إلى قريتهم قبل موعد إغلاق البوابة.

بلدة النعمان

وإذا كان هذا حال ظهر المالح، فإن بلدة النعمان الواقعة جنوب شرق مدينة القدس المحتلة، تعاني الأمر عينه. سكانها يتعرضون لمحاولة تهجير مستمرة. تقع القرية خلف جدار الفصل العنصري، ولا يسمح للسكان بالدخول إليها بسياراتهم، فيضطرون إلى حمل أشياء كثيرة على ظهورهم. ووصل الأمر بجنود الاحتلال إلى إجبار المواطنين على تفريغ أكياس الطحين على الأرض بحجة تفتيشها، خشية تمرير مواد ممنوعة، بحسب المزاعم الإسرائيلية".

بلدة النعمان التي يقدر عدد سكانها بنحو 17 ألف نسمة، احتلتها إسرائيل عام 1967 وضمتها لبلدية القدس المحتلة. إلا أنها سجلت مواطنيها على أنهم من سكان الضفة الغربية. ومطلع عام 2002، تم عزل البلدة نهائياً عن الضفة بواسطة جدار الفصل. ومنذ ذلك الحين، يمنع مواطنوها من الخروج أو الدخول إلا بتصاريح يمنحهم إياها الارتباط العسكري الإسرائيلي.
وبالإضافة إلى عزل القرى الفلسطينية والتضييق عليها، ودفع سكانها إلى الهجرة، تواصل إسرائيل عمليات البناء الاستيطاني ضاربة بعرض الحائط جميع النداءات الدولية المطالبة بوقف الاستيطان لدفع عملية السلام إلى الأمام.
وبدأت سلطات الاحتلال عام 2002، ببناء جدار العزل على امتداد الخط الأخضر الفاصل بين الضفة الغربية وإسرائيل.
دلالات