نساء "البنطال"

01 نوفمبر 2014
العادات تطارد النساء بدون وعي (دانييل انجولد- GETTY)
+ الخط -
قبلَ نحو خمسة أعوام، كانت الصحافية السودانية لبنى أحمد الحسين، أو "صحافية البنطال"، تقود معركتها رفضاً للحكم الصادر بحقها بدفع غرامة مالية لارتكابها "ذنب ارتداء زي غير محتشم" هو البنطال، بحسب محكمة شمال الخرطوم.

فارتداء البنطال في السودان هو جرم. ويعاقب البند 152 من قانون العقوبات السوداني الصادر عام 1991، بـ 40 جلدة لكل من "ارتكب فعلاً فاضحاً أو يخدش الحياء العام أو من ارتدي ملابس غير محتشمة".

صحافيات ونساء أخريات ما زلن يواجهن الأمر نفسه. تمرّ السنوات فقط لتحفظ أسماء مناضلات، فيما تبقى الحقوق رهن "تشبّثٍ" غير مفهوم. وعيّن السودان حارسات مهمتهن الوحيدة تفحّص زي النساء وأجسادهن، والتأكّد من أن لباسهن يُخفي كل معالمهن، قبل دخولهن إلى الوزارات وغيرها من المؤسسات الحكومية.

لم يشرح القانون سبب إدراجه البنطال ضمن الملابس غير المحتشمة. ماذا لو ارتدت بنطالاً وبلوزة فضفاضة تصل حدّ الركبة؟

أجبر القانون المرأة السودانية على اختيار ثيابها انطلاقاً من نظرة الرجل إلى جسدها. كأنه يصادر بذلك حقها في انتقاء الأزياء التي تعجبها وتُريحها أو حتى تليق بها. من جهة أخرى، فإنه يُقرّ بـ "عجز" الرجل عن رؤية المرأة إلا من خلال جسدها، فيتوجّب عليها "الاحتشام" وفق منطقه الذي تبناه القانون الذكوري بدوره.

وفي مدينة أصفهان الإيرانية، رُشقت مجموعة نساء بالحمض من قبل مجهولين كانوا يركبون دراجات نارية بسبب "عدم التزامهن بالحجاب الإسلامي"، كما أُشيع.

وحمّل البعض جماعة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" مسؤولية هذه الجريمة. قد تعثر إيران على المتهمين وتُحاكمهم، لكن المشكلة تكمن في النظرة إلى المرأة فقط كمصدر للغواية. ليس الدين ما دفعهم إلى ارتكاب فعلٍ مماثل، بل خوفهم من ضعفهم أمام أفكارٍ لم يعملوا على "أنسنتها".

حتى البلدان العربية التي لا تفرض قوانينها زيّاً معيّناً على المرأة، فإن المفاهيم المتوارثة فيها تكاد تكون أكثر قساوةً. يسهلُ على بعضها إطلاق الأحكام.

في المقابل، ووسط كل هذا الحصار، تُعاني المرأة لسنوات ربما قبل أن تعرف ماذا تُريد، وصولاً إلى تحقيقه. ينطبق ذلك أيضاً على اختيارها ملابسها. لباس البحر أو "المايوه" مثلاً، الذي صُمّم ليكون ملائماً للسباحة، يكادُ يُفرّق عائلة عن بعضها بين اصرار المرأة وتعنّت الرجل، الذي لا يرى فيه إلا وسيلة للاغواء.

المشكلة أننا نضيّع الكثير من الوقت قبل حسم خياراتٍ بسيطة. وليس القرار هو المهم هنا، بل مدى قناعتنا به.

وحين نقرّر، نكون قد خسرنا الوقت.
المساهمون