تعاني نحو تسع بلدات في جبل السمّاق بريف إدلب، شمال غربي سورية، من تفاقم أزمة المياه، الأمر الذي يجبر أهلها على العيش في ظلّ نظام تقنين قاسٍ لاستهلاك المياه، بالإضافة إلى تحمّل أعباء مادية كبيرة في حين يعانون من تردّي أوضاعهم المادية بشكل كبير، وهو ما يجعلهم في أحيان كثيرة عاجزين عن تأمين ما يحتاجونه من مياه شرب في ظلّ غياب واضح للمنظمات عن المنطقة.
يحيى حمادة، من جبل السمّاق بريف إدلب، يقول لـ"العربي الجديد": "منذ سنوات نعاني من عدم توفّر المياه من جرّاء توقف الضخّ عبر الشبكة الرسمية، الأمر الذي يجعلنا نعتمد على الصهاريج لجلب المياه من الآبار القريبة نسبياً. لكن مع ارتفاع أسعار الوقود، صارت تكلفة الصهاريج مرتفعة جداً"، لافتاً إلى أنّ "عائلات كثيرة تعجز عن تأمين ثمن المياه، في ظل ضعف الدخل وانتشار البطالة". يضيف حمادة أنّ "أصحاب الصهاريج يتحججون بغلاء الوقود وقطع الغيار وتكاليف النقل وبُعد الآبار عن البلدات، وهم محقّون في ذلك"، مشدداً على أنّ قضية المياه "في حاجة إلى دعم منظمات ومجالس محلية لإعادة ضخّ عبر الشبكة".
من جهته، يقول أحمد ناصر، وهو من سكان جبل السمّاق، لـ"العربي الجديد": "صار استهلاك المياه محسوباً علينا بالقطرة. بالتالي الاستحمام بموعد وبكميّة مياه محدّدة، كذلك الأمر بالنسبة إلى الغسيل الذي يأتي في يوم محدّد وبالحدّ الأدنى من المياه المستخدمة. وفي ما يخصّ غسل الأطباق، فهو يستلزم توفّر وعاء للصابون وآخر لإزالة الصابون. كذلك توقّفنا عن ريّ النباتات المنزلية".
ويلفت ناصر إلى أنّ "عائلات كثيرة تعمد إلى نقل المياه على ظهر الدواب من بعض الآبار السطحية في الجبل، أو حتى من آبار أبعد. وهذا ما يجعل العملية مجهدة بشكل كبير، وتستغرق وقتاً طويلاً". ويكمل ناصر: "نناشد المنظمات الدولية الإسهام في إعادة تشغيل ضخّ المياه غير الشبكة، إذ من شأن ذلك التخفيف من معاناتنا التي لا تقتصر على المياه، وإن كانت تُعَدّ من أبرزها. فنحن نعاني من صعوبات في كلّ تفاصيل حياتنا اليومية، ويُعَدّ تأمين أبسط احتياجاتنا أمر معقّد".
في سياق متصل، قال نائب رئيس المجلس الموحّد لجبل السمّاق عمر قرمو، في تصريح لأحد المواقع المحلية، إنّ قرى جبل السمّاق التسع، بنابل وقلب لوزة وبشندلتا وكفركيلا وكفرمارس وتلتيتا وبشندلاتا وحلّة وككو، التي يصل عدد سكّانها إلى نحو 15 ألف نسمة، تُعاني من شحّ في المياه منذ سنوات. وبيّن أنّ المنازل تُزَوّد بالمياه بواسطة الصهاريج من المدن المجاورة بكلفة 80 ليرة تركية (نحو تسعة دولارات أميركية) للصهريج الواحد (15 برميلاً) بمعدّل ثلاثة آلاف ليتر. وأشار إلى أنّ قرى الجبل كانت تستجرّ مياه الشرب من نبع الفوّار في مدينة حارم بواسطة شبكات المياه المغذية للقرى، إلا أنّ القصف الذي طاول محيط القرى سابقاً أدّى إلى تعطيل الخطّ الناقل ومحطات المياه الواصلة إلى قرى الجبل، مقترحاً حلولاً عدّة أبرزها إعادة تأهيل محطات المياه الناقلة وحفر بعض الآبار في القرى.