ويبقى الأمل في كشف مصير المفقودين التونسيّين

09 سبتمبر 2014
نجح هذا الشاب التونسي في الوصول إلى إيطاليا(فيليبو مونتيفورت/Getty)
+ الخط -

عائلات تونسية كثيرة لا تعرف مصير أبنائها، من طالبي الهجرة إلى أوروبا. فالبحر نفسه الذي يفصلهم عن أحلامهم، يخوضون صعابه للوصول إلى إيطاليا، ويغرق فيه المئات منهم سنوياً. وبين من يئسوا من العثور على أبنائهم ومن يحتفظون بالأمل، تنشط مؤسسات من المجتمع المدني ومواطنون للكشف عن مصير المهاجرين، ويضغطون على الحكومة التونسية من أجل العمل على القضية.

وكعادتها فإنّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة والبطالة وقلّة فرص العمل هي ما يدفع بالشباب التونسي إلى ركوب زورق الهجرة، بشكل غير شرعي. فقد فقدت تونس المئات من شبابها الذين قصدوا الأراضي الإيطالية، دون أن يُعرف مصيرهم بعد.

يعايشون الأمل
لم تفقد عائلات كثيرة الأمل في العثور على أبنائها أحياء. وتشير ابنة محافظة صفاقس فاطمة أصيلة لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ ابنها محمّد (26 سنة) غادر الأراضي التونسيّة في العام 2011 بطريقة غير شرعية في أحد القوارب الصغيرة برفقة 35 شاباً، واتصل بها فور وصوله الأراضي الإيطالية. لكنّه لم يعاود الاتصال بعدها، وانقطعت أخباره تماماً من دون أن تعرف السبب. وتطالب أصيلة الحكومة التونسية بكشف مصير ابنها وغيره ممن وصلوا إلى الأراضي الإيطالية.

من جهته، يقول محمد والد كريم (23 سنة) إنّه فقد ابنه في العام 2011. في البداية لم يعرف شيئاً عنه، لكنّه علم في ما بعد من بعض رفاق ابنه، أنّه هاجر إلى إيطاليا بطريقة سرية في قارب، من شاطئ قليبية شمال شرق البلاد. يضيف أنّه لم يصله أيّ خبر من ابنه، منذ ذلك اليوم.

الأمل في معرفة مصير هؤلاء الشباب، تؤكده رئيسة جمعية الخضراء للتونسيين المفقودين في إيطاليا، ربح كريم، التي تقول لـ"العربي الجديد" إنّ الجمعية تعمل على معالجة قضية أكثر من 500 شاب مفقود هناك. وتوضح أنّ المئات من المهاجرين وصلوا بالفعل إلى الأراضي الإيطالية وأنّهم أحياء، وقد ظهر بعضهم في نشرات الأخبار الأجنبية.

لكنّ كريم تشير في المقابل، إلى أنّ السلطات الإيطالية لم ترجع الشباب إلى تونس، بسبب صعوبة التعرّف إليهم، خصوصاً وأنّهم سافروا بجنسيات وأسماء وهمية وقد أحرقوا أصابعهم لإخفاء بصماتهم.

أرقام مخيفة
تشير الأرقام إلى أنّ عشرات الآلاف من الشباب التونسي يسعون إلى الهجرة ويخوضون غمارها، حتى ولو كان ذلك على حساب حياتهم. ويقول رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبد الرحمن الهذيلي الذي يتابع ملف الهجرة السرية في تونس لـ"العربي الجديد"، إنّ ظاهرة الهجرة غير الشرعية تفاقمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة. يضيف أنّ الدراسة التي أجراها المنتدى، كشفت أنّ 54 ألف شاب هاجروا من تونس عبر البحر في شهر فبراير/شباط 2011، ومعظمهم من المدن الفقيرة أو من المناطق المهمشة حول العاصمة.

إلى ذلك كان كاتب الدولة المكلف بشؤون الهجرة والتونسيين في الخارج، حسين الجزيري، قد أكد في تصريح سابق في العام 2012، أنّ وضع التونسيين في إيطاليا أصبح كارثياً. وأشار إلى فقدان أو وفاة نحو 800 تونسي في إيطاليا، بالإضافة إلى أكثر من 3700 تونسي في السجون الإيطالية.

وعد حكومي
التجاهل الحكومي للقضية، دفع أمهات عدد من التونسيين المفقودين في إيطاليا منذ العام 2011 إلى مطالبة رئيس الحكومة مهدي جمعة بالإسراع في إيجاد حلّ جذري لقضية أبنائهن. وهددت كثيرات منهن بإحراق أنفسهن في حال لم يتم التعامل مع الملف بجدية. ونددت الأمهات بتجاهل الحكومات المتعاقبة للملف.

كذلك نظمت جمعية الخضراء أكثر من عشرين اعتصاماً في إيطاليا، تنديداً بتجاهل الحكومة التونسية لهذه القضية. وأشارت رئيستها إلى أنّ الحكومة الإيطالية ترفض التحاور مع مؤسسات مجتمع مدني في هذا الشأن.

وكان وزير الشؤون الاجتماعية، أحمد عمار الينباعي، قد أعلن أن الوزارة ستقدم قبل نهاية أغسطس/آب الماضي تقريراً مفصلاً إلى رئاسة الحكومة عن التونسيين المفقودين في إيطاليا، لتحديد الخطوات المقبلة. وأكد الينباعي، أنّ ملف المفقودين في إيطاليا يحظى بعناية فائقة من طرف الحكومة، ووعد ببذل كل الجهود في هذا الملف الصعب.

وأعلن من جهة أخرى، أنّ مشروع قانون تأسيس "المجلس الوطني للتونسيين في الخارج" جاهز حالياً، وستعرض صيغته على المنتدى السنوي للتونسيين في الخارج. وأشار إلى أنّ المشروع محل توافق بين جميع الأطراف في داخل تونس وخارجها. وربما ليس في وسع الأهالي سوى الانتظار.

دلالات