جسد "مطابق للمواصفات"

02 يناير 2015
يعلّب الإعلام والإعلانات النساء ضمن قوالب قياس محددة (Getty)
+ الخط -

المثاليّة مفهوم نسبي. هناك إجماع على الأمر. لكن تتوقف حدود النسبية هذه عند صورة الجسد. فلا يعود الأمر نسبياً على الإطلاق. يصبح للجسد معايير تكاد تكون عالمية بمقاييس (لون، طول، عرض) محددة.

تنطبق معايير الجسد هذه على النساء كما الرجال. لا تكمن المشكلة هنا على الرغم من فداحتها. في دراسة أجريت في الولايات المتحدة خلال هذا العام، تبين أن 91 في المائة من النساء غير سعيدات بصورة أجسادهن. أما في بريطانيا، وبحسب مسح الاتجاهات الاجتماعية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2014، فتبين أن نحو عشرة ملايين امرأة يعانين من الاكتئاب بسبب مقاييس أجسادهن التي "لا تستوفي الشروط".

هنا إذاً لب الموضوع. تتأثر النساء أكثر من الرجال بصناعة صورة الجسد النموذجية. وصادمٌ حقاً أن نعرف أن بدء تأثّر الفتيات بهذه الصناعة يبدأ منذ عمر خمس سنوات. تبدأ الفتيات باتباع حمية ونظام غذائي واحتساب عدد الكالوريات التي يجب استهلاكها في اليوم.

تطالعنا الإعلانات والمسلسلات والأغاني وبرامج التلفزيون وحتى نشرات الأخبار برسائل ضمنية لكن مباشرة. القاسم المشترك بينها الصورة التي يجب أن تكون عليها المرأة. يعلّب الإعلام والإعلانات النساء ضمن قوالب قياس محددة يجب الالتزام بها ليحظوا بالسعادة. وحدث أن لحقت النساء بطريق السعادة الوهمي هذا، حتى بات "بارومتراً" لصحتهن النفسية.

الرجال أيضاً عرضة لهذه الصناعة. الفارق أن صورة الرجل النموذجية هذه ليست المحور. تترافق هذه الصورة "للرجل ذي العضلات" مع صور أخرى للرجل السياسي "الأصلع" أو المقاتل "الملتحي" أو الشيف "السمين". كم من رجل استعان بالمثل الشعبي "رجل من دون كرش مثل البيت من دون عفش" ما يبرهن أن الثقافة ذكورية ومتحيزة، كما أن صناعة الجسد لا تنطبق عليه بالضرورة. بينما النساء، بغض النظر عن المهنة أو الغاية، يجب أن يبدين جميلات ونحيلات.

الخلاصة صورة ذاتية مشوّهة للنساء عن أجسادهن تترافق مع مستوى متدن من تقدير الذات. وعلى الأغلب، اضطراب في المنظومة الغذائية. أيضاً، لا تتوقف المشكلة عند هذا الحد. فصناعة الجسد لديها الحل. مستحضرات الريجيم والنحافة. تعرف هذه الصناعة كيف تبيع منتجاتها للناس وتحديداً النساء، بوعد بسيط بأن "حياتهن ستصبح أفضل إذا خسرن بعض الوزن أو اشترين المنتج".

هكذا تلخّص حياة النساء الفضلى إذاً. ليس هناك حاجة لقانون رادع أو تعامل متكافئ بين الجنسين في هذه الحياة الفضلى. يقتصر الأمر على استخدام المنتج السحري الذي سيؤدي إلى تحقيق الحلم بجسد "مطابق للمواصفات"، قد يكون مدخلاً للحصول على الامتيازات.

(ناشطة نسويّة)
دلالات
المساهمون