⁩ شح المياه.. معاناة مستمرة في مخيمات النازحين السوريين

12 اغسطس 2023
نشطاء يوزعون المياه في مخيمات دير حسان (فريق ملهم التطوعي)
+ الخط -

تسبب توقف دعم قطاع المياه في عدد من المخيمات العشوائية، في شمال غرب سورية، إلى إضطرار النازحين إلى تقنين كميات المياه المستهلكة يومياً لأدنى حدّ ممكن، رغم الحاجة الملحة إلى استخدامها في ظل موجات الحر المتتالية وانعدام وسائل التبريد، فضلا عن مصاعب تأمين المياه وارتفاع تكاليف الحصول عليها.

وقالت النازحة مرام الأطرش (31 عاماً ) أنها وعائلتها لا تحصل على المياه المجانية سوى مرة كل أسبوعين وبمقدار قليل جداً لا يتجاوز 100 ليتر لكل فرد في العائلة، وهي لا تكاد تكفي للغسيل والتنظيف والاستحمام لأكثر من يومين أو ثلاثة أيام فقط.

تقيم مرام مع أبنائها الأربعة وزوجها العاطل عن العمل في مخيمات النهضة في دير حسان، حيث يعانون من عدم قدرتهم على توفير المياه، مشيرة لـ"العربي الجديد" إلى أنهم لا يستطيعون شراء المياه على نفقتهم الخاصة لغلاء أسعارها، حيث يُعبأ الخزان المؤلف من خمس براميل بمبلغ 50 ليرة تركية وهي لا تكفيهم أكثر من أيام معدودة.

شح المياه وغلاؤها بدأت تظهر نتائجهما على أبناء مرام جراء قلة الاستحمام وندرة عوامل النظافة، بينما تنتشر النفايات والأتربة في المخيم، تقول: "لا نعيش هنا حياة طبيعية، فالحياة في المخيم صعبة للغاية، ومع محدودية الوصول إلى المياه النظيفة ونقص مرافق الصرف الصحي والنظافة، يصاب أطفالنا بأمراض عدة كالكوليرا والجرب والجدري والإسهال والتهاب الكبد والقوباء وغيرها من الأمراض".

أما النازحة فرح الحميدو (36عاماً) فتشكو إصابة أبنائها بالقمل جراء قلة الاستحمام الناتج عن قلة المياه، قائلة: "ماالذي يصنعه برميلان أسبوعياً من المياه لعائلة مؤلفة من خمسة أفراد، إنها لا تكفي للقيام بأي شيء، سوف تنفد حتى قبل أن أتمكن من القيام بكافة الأعمال المنزلية ليوم واحد فقط".

وتنتقد فرح التوزيع غير العادل للمياه النظيفة بين المخيمات، ففي الوقت الذي لا يحصل فيه مخيمهم على الحد الأدنى من احتياجه للمياه، هناك مخيمات أخرى تحصل على حاجتها اليومية الكافية منه.

وتناشد فرح كافة الجهات المسؤولة النظر في حالهم وتأمين متطلباتهم من المياه، المادة الأهم، وخاصة في فصل الصيف، خاصة أنها وأفراد عائلتها يعيشون في مخيمات قاح شمال إدلب، وسط ظروف معيشية سيئة يسودها الفقر وانعدام المستلزمات الأساسية.

من جهتها تقول فاطمة العمر (29 عاماً) التي تعاني كغيرها في المخيمات: "المياه التي يجرى توزيعها في مخيمهم قاح غير نظيفة وكلسية وتحتوي على نسب عالية من مادة الكلور"، مشيرة لـ"العربي الجديد" إلى أن المياه تسبب أمراضا جلدية لهم وتساقطا للشعر عند الاستحمام بها، فضلا عن الأمراض الهضمية والبولية المتكررة نتيجة شربها، ولذا يسعون لشراء المياه المفلترة غالية الثمن لاستخدامها في الشرب والطبخ، لكنهم لايستطيعون دائما تحمل نفقاتها.

ولترشيد استخدام المياه بحيث تتوازى مع معدل الصرف، تلجأ فاطمة كغيرها لتقليل كميات مياه الجلي عن طريق وضع الأواني بوعاء واستخدام مياه هذا الوعاء في رش الأرض أمام الخيمة، ويتم تجميع الملابس المتسخة لمدة أسبوع كامل من أجل غسلها جميعاً مرة واحدة فقط.

ومهما اقتصدت فاطمة في استهلاك المياه فهي لا تكفيها، وكثيراً ما يشترون المياه على حسابهم الخاص لباقي أيام الأسبوع، وتتطلع لأن يكون هناك حل عاجل لهذه الأزمة.

ووفق "فريق منسقو استجابة سورية" تعاني 85 في المائة من المخيّمات العشوائية من عدم القدرة على توفير احتياجات سكانها من المياه، ويبلغ عدد المخيّمات المحرومة من المياه النظيفة والمعقّمة 590 مخيماً، وسط احتمال زيادة العدد في حال توقّفت مشاريع المياه عن مخيّمات أخرى.

من جانبه، يقول مروان العلي، مدير مخيم دير حسان قطاع 4، لـ"العربي الجديد"، إن قطاع المياه لا يلبي 20 % من الاحتياج، ويتسبب النقص المستمر في التمويل باستمرار المعاناة في ما يخص هذا القطاع الهام في حياة النازحين وساكني الخيام، مبديا مخاوفه من التوقف الكلي لهذا القطاع بعد الفيتو الروسي الذي من شأنه أن تترتب عليه آثار لا تحمد عقباها، وسيكون النازحون شمال غربي سورية في مواجهة مباشرة مع نتائجه الخطيرة على كافة نواحي حياتهم.

 

المساهمون