"يونيسف" تحذّر: أطفال لبنان في خطر متزايد وسط القصف الإسرائيلي

16 أكتوبر 2024
نزوح في مدرسة المقاصد ببيروت وسط العدوان الإسرائيلي على لبنان، 9 أكتوبر 2024 (حسين بيضون)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تدهور الأوضاع الصحية للأطفال: حذرت اليونيسف من تدهور الأوضاع الصحية للأطفال في لبنان بسبب القصف الإسرائيلي المستمر، مما يعطل الخدمات الأساسية ويزيد من خطر انتشار الأمراض مثل الكوليرا والتهاب الكبد الوبائي، مع تضرر 28 منشأة مياه و15 مستشفى.

- تزايد النزوح وتحديات الإغاثة: نزح نحو مليون و340 ألف شخص، بينهم 400 ألف طفل، مما يزيد الضغط على الخدمات الأساسية ويعرض الأطفال لمخاطر صحية في المناطق المزدحمة.

- جهود الإغاثة والتحديات الاقتصادية: تُبذل جهود إغاثة على ثلاثة مستويات، لكن تواجه تحديات كبيرة بسبب الأعداد الكبيرة من النازحين والاحتياجات المتزايدة.

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من أنّ الأطفال في لبنان يتعرّضون لخطر متزايد في ما يتعلق بقضايا الصحة العامة، بما في ذلك الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا والتهاب الكبد الوبائي والإسهال، إذ إنّ القصف المستمر يعطّل الخدمات الأساسية التي تعتمد عليها العائلات، أو تلحق بها أضراراً متزايدة. وشدّدت على وجوب حماية الأطفال، والحفاظ على الخدمات التي يعتمدون عليها، بما يتماشى مع القانون الدولي.

يأتي ذلك في حين تصعّد إسرائيل عدوانها على لبنان، منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، علماً أنّها قتلت في ذلك اليوم وحده نحو 500 شخص. أمّا عدد النازحين الذين هجّرتهم آلة الحرب الإسرائيلية فقد وصل إلى مليون و340 ألفاً، بحسب البيانات الرسمية الأخيرة الصادرة اليوم الأربعاء. وقد أفادت وزارة الصحة العامة اللبنانية بأنّ العدوان الإسرائيلي تسبّب في استشهاد ألفَين و367 شخصاً، وإصابة 11 ألفاً و88 آخرين، منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، علماً بأنّ أكثر من نصفهم منذ التصعيد الأخير. وفي حين تشتدّ الاعتداءات خصوصاً على جنوبي لبنان والبقاع (شرق) وضاحية بيروت الجنوبية، فإنّ مناطق أخرى لم تسلم من الغارات الإسرائيلية، من بينها العاصمة بيروت. 

وأوضحت منظمة يونيسف، في بيان أصدرته، اليوم الأربعاء، أنّ ما لا يقلّ عن 28 منشأة مياه تضرّرت في الأسابيع الأخيرة، وسط العدوان، الأمر الذي أثّر بإمدادات المياه التي يستفيد منها أكثر من 360 ألف شخص، معظمهم في جنوب لبنان. وأضافت أنّ "مع ذلك، من المرجّح أن يكون الحجم الحقيقي للأضرار التي لحقت بشبكات المياه أكبر، إذ لا يمكن للفرق الفنية الوصول إلى مناطق عديدة متضرّرة لتقييم الأضرار، وإيصال الوقود وإجراء الإصلاحات الضرورية".

وأفادت منظمة يونيسف بأنّ ثمّة بلاغات بخصوص تضرّر مدارس عدّة في لبنان بسبب القصف، وكذلك 15 مستشفى على أقلّ تقدير و70 مركزاً للرعاية الصحية الأولية، بالإضافة إلى خدمات طبية طارئة. ونقلت عن وزارة الصحة العامة خروج ستّة مستشفيات من الخدمة الآن، في حين تعمل خمسة أخرى جزئياً.

ورأى ممثل منظمة يونيسف في لبنان، إدوارد بيغبيدر، أنّ "مع تزايد وتيرة القصف في لبنان وشدّته، سُجّلت أضرار جسيمة في البنية التحتية الأساسية، إلى جانب مقتل عشرات العاملين في المجال الطبي وموظفي الخدمات الأساسية". وأضاف أنّ "هذا أمر كارثي لكلّ طفل في لبنان"، مشيراً إلى "وجوب حماية العاملين في المجال الإنساني ومقدّمي الخدمات الأساسية أثناء تقديمهم الدعم المنقذ للحياة إلى العائلات والأطفال الذين يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر، ووجوب حماية البنية التحتية المدنية، وفقاً للقانون الدولي الإنساني". وشدّد المسؤول الأممي على أنّ "الأطفال يعانون فيما يشاهد العالم التجاهلَ الصارخَ لهذه القوانين".

400 ألف طفل نازح في لبنان 

وبيّنت منظمة يونيسف أنّ في الوقت الذي أصبح فيه الوصول إلى الخدمات في لبنان أكثر صعوبة، فإنّ احتياجات العائلات تتزايد بسرعة، مضيفة أنّ مليون شخص يحتاجون إلى الحصول على خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي بحسب تقديرات الوكالات الإنسانية. وأشارت إلى أنّ "في مناطق مثل بيروت وجبل لبنان (وسط)، تكافح المجتمعات لتلبية الطلب المتزايد على المياه والمأوى والإمدادات الأساسية، مع استمرار وصول العائلات النازحة بحثاً عن الأمان والدعم". وقد نقلت عن الأرقام الرسمية، أنّ التقديرات تشير إلى نزوح 400 ألف طفل.

وتناولت منظمة يونيسف المخاطر التي يتعرّض لها الأطفال، فوصفتها بأنّها "شديدة". وشرحت أنّه "من دون الحصول على المياه الصالحة للشرب، يتعرّض الأطفال لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا أو الإسهال، والتي يمكن أن تؤدّي من دون علاج مناسب إلى التجفاف والوفاة"، محذّرةً من أنّ "الضغط المتزايد وتعطّل الخدمات الصحية يؤديان إلى تفاقم هذه المخاطر".

ولفتت إلى احتمال تزايد انتشار أمراض أخرى بين العائلات النازحة، خصوصاً في "المناطق المزدحمة التي تفتقر إلى إمدادات النظافة وخدمات الصرف الصحي". وقد تلقّت المنظمة بالفعل تقارير عن إصابات بالجرب والقمل بين الأطفال في أماكن الإيواء، في حين يُسجَّل قلق من خطر التهابات الجهاز التنفسي في الأسابيع المقبلة مع ازدياد برودة الطقس، مع الإشارة إلى أنّ آلاف الأشخاص في لبنان ما زالوا في الشوارع من دون مأوى أو أسرّة أو ملابس مناسبة.

وتابعت منظمة يونيسف أنّ الزيادة الهائلة في النزوح وتعطّل الخدمات يعرّضان الأطفال لأخطار متعلقة بالحماية، بما في ذلك الانفصال عن أسرهم. وشرحت أنّها تمكّنت مع شركائها، منذ الثامن من أكتوبر 2023 تاريخ بدء التوتّرات على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، من تحديد 67 طفلاً غير مصحوبين بذويهم ومنفصلين عنهم، وقد عملت على لمّ شمل 65 من هؤلاء الأطفال مع أسرهم. كذلك حذّرت من أنّ بقاء الأطفال خارج المدرسة يعرّضهم لمخاطر متزايدة تتعلّق بـ"الإصابة أو سوء المعاملة أو عمالة الأطفال".

واستناداً إلى كلّ ذلك، دعت منظمة يونيسف كلّ الأطراف المعنية إلى "حماية الأطفال من الأذى، وتزويدهم بالحماية الخاصة التي يحقّ لهم الحصول عليها، وفقاً لالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان". وقد شدّد بيغبيدر على أنّ "قبل كلّ شيء، يحتاج أطفال لبنان إلى وقف لإطلاق النار"، مبيّناً أنّ "هذه هي الطريقة الوحيدة لحمايتهم وضمان إيصال المساعدات التي يحتاجون إليها بأمان، على نطاق واسع".

نحو 150 ألف عائلة في لبنان نزحت إلى بيوت

من جهة أخرى، في ما يتعلّق بتداعيات العدوان الإسرائيلي على لبنان، قال رئيس لجنة الطوارئ الحكومية ناصر ياسين، اليوم الأربعاء، إنّ ثمّة "جهوداً تُبذَل على ثلاثة مستويات". وفصّل وزير البيئة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال أنّ المستوى الأوّل "إغاثي"، وتنخرط فيه أدوات حكومية عدّة. وإذ أشار إلى "إرباك في البداية"، أوضح أنّ "تنظيم الأمور يجري عبر المنظمات الدولية والوكالات الأممية ولجنة الطوارئ التي تتلقّى المساعدات العينية".

وأضاف ياسين أنّ على المستوى الثاني، ثمّة عمل على "كيفية تأمين عدد من الخدمات الأساسية في ظلّ الظروف الراهنة"، ولا سيّما في مجالَي الصحة والتعليم ومع اقتراب فصل الشتاء، بالإضافة إلى "كيفية تسيير عمل قطاعات كثيرة لتبقى فعّالة بالحدّ المقبول"، وسط العدوان والنزوح.

أمّا المستوى الثالث، فيشمل بحسب ياسين "البحث حول تأثيرات الحرب على الاقتصاد والاجتماع، وكيفية مقاربة هذه التأثيرات، لجهة الانكماش الاقتصادي، على المؤسسات التي أقفلت أبوابها وكيفية التعاطي مع أزمة من الممكن أن تكون مفتوحة على بعض القطاعات الاقتصادية. من هنا، سوف يُناقَش ذلك للانطلاق بوضع لجنة عمل وطوارئ بشأن إعادة إحياء الاقتصاد وعدم انكماشه بصورة أكبر".

وبخصوص المساعدات التي تصل إلى لبنان في ظلّ الأوضاع الراهنة، ووسط كلام عن "انتقائية" وعن عدم إيصالها إلى جميع من يحتاجها، قال ياسين إنّ "ثمّة ثلاثة مصادر للمساعدات، الأوّل من خلال برنامج الاستجابة لحالة النزوح من جرّاء العدوان مع المنظمات الدولية والوكالات الأممية. وتذهب هذه المساعدات إلى مراكز الإيواء ولتأهيل المدارس التي تستقبل نحو 50 ألف عائلة"، مع الإشارة إلى أنّ "النازحين بأكثريتهم في بيوت".

أمّا مصدر المساعدات الثاني، بحسب ياسين، فهو "الدول الصديقة والشقيقة التي تقدّم مساعدات عينية، تمثّل حتى الآن 10% من احتياجات العائلات الموجودة في بيوت". وأضاف: "نعلم أنّ ثمّة تقصيراً وتأخيراً، لكن ثمّة تحديات كبيرة كذلك، إذ إنّ نحو 100 ألف إلى 150 ألف عائلة نزحت إلى بيوت، والناس الذين يستضيفون تلك العائلات في حاجة كذلك إلى المساعدة، وبالتالي صرنا نتحدّث عن أرقام كبيرة من الأسر".

وأكمل رئيس لجنة الطوارئ الحكومية أنّ مصدر المساعدات الثالث هو "الوزارات والإدارات، وثمّة بحث في كيفية تنشيطها حتى تكون موجودة وقادرة على مساعدة الناس، سواء في الأسابيع المقبلة أو في فصل الشتاء". وشدّد ياسين على أنّ "الدولة في لبنان لم تتلقَّ حتى اليوم أيّ مساعدات مالية، بل ما حصلنا عليه هو مساعدات عينية من الدول الصديقة والشقيقة وتمويل من المنظمات الدولية".

 

المساهمون